في تصريح ساخر لرئيس الوزراء الإسرائيلي، قال: “إنه يجب مواجهة (بي دي إس)” وأكد سخريته قائلا “وأنا شخصيًا أتمنى لها بعض النجاح حتى أرتاح من مقابلة وفود تأتي كل يوم لإسرائيل التي أصبحت قوة عالمية في التكنولوجيا.”
فمن هي (بي دي اس) وما أهدافها وهل باتت تقض مضجع إسرائيل بالفعل؟ أم أن قدر تأثيرها لا يتجاوز سخرية نيتنياهو؟
الركائز والنشأة
المقاطعة، سحب الاستثمارات، فرض العقوبات.. تلك هي الركائز الثلاث التي ترتكز عليها منظمة «Boycott, Divestment and Sanction» ، واختصارًا BDS بي دي اس.
انطلقت الفكرة عام 2005م، في بورتو أليغيري في البرازيل في المنتدى العالمي الاجتماعي، وانصب اهتمامها منذ انطلاقها على سحب الاستثمارات من “إسرائيل” وفرض عقوبات عليها.
بدأ المشروع بالتوسع، لكن تأثيره الأكبر كان في أوروبا وفي بريطانيا على وجه الخصوص التي صدر منها وعد بلفور واليوم يتصدر الناشطون فيها دول أوروبا في مقاطعة الاحتلال.
مقاطعة المنتجات
تستهدف الحركة مقاطعة منتجات شركات إسرائيلية ودولية داعمة لها تحقق أرباحها على حساب حقوق الفلسطينيين الأساسية. ولا يقتصر مبدأ المقاطعة على المجال الاقتصادي، بل إن الحركة تركز أيضًا على مقاطعة الأنشطة الرياضية والأكاديمية والفنية مع المحتل الإسرائيلي. وبفضل جهود الحركة، رفض العديد من الفنانين والأكاديميين التعاون مع مبادرات إسرائيلية في مجالات مختلفة.
سحب الاستثمارات
كما تدعو الحركة إلى سحب التمويل من الشركات الإسرائيلية والشركات الدولية الداعمة للاحتلال عبر بيع أسهمها والامتناع عن الاستثمار فيها، كما تشجع جميع المؤسسات الاقتصادية والأكاديمية على استغلال مكانتها الاقتصادية للضغط على إسرائيل لإنهاء تجاهلها لحقوق الفلسطينيين.
فرض عقوبات
وتعمل الحركة العالمية لمقاطعة “إسرائيل” على تنظيم حملات لنشر الوعي بأهمية فرض عقوبات على إسرائيل لإجبارها على احترام حقوق الفلسطينيين، سواء أكانوا لاجئين أم في الضفة والقطاع المحاصر، أم في أراضي 1948.
وتوضح الحركة أنها نجحت منذ تأسيسها عام ٢٠٠٥م، في محاصرة “إسرائيل”، وكشف عنصريتها تجاه الشعب الفلسطيني، ما دفع تل أبيب لتنصيفها بأنها “خطر استراتيجي” على إسرائيل.
بعض النجاحات
وبالمجمل تقدم الأرقام بعض منجزات “بي دي أس”، ففي الأرجنتين خسرت شركة ميكورت الإسرائيلية عقدا بقيمة 170 مليون دولار، وفي ألمانيا حرمت الحكومة الشركات الموجودة في الضفة الغربية المحتلة من التعاون العلمي والتقنية.
في هولندا أعلن ثاني أكبر صندوق تقاعد سحب جميع استثماراته من البنوك الإسرائيلية، علمًا بأن الاستثمارات الخارجية للصندوق تبلغ مائتي مليار دولار.
لمواجهة بي دي أس خصصت الحكومة الإسرائيلية 128 مليون شيكل، وتكفلت بخوض المعركة ضد هذه الحركة الدولية مؤسسات إسرائيلية رسمية كالمخابرات والجيش.
التجربة البريطانية نموذجا
وفي تصريح صحافي لها من لندن، قالت الإعلامية مينا حربلو، إن المسارات التي تخوضها الحركة في بريطانيا تتمثل في المقاطعة وسحب الاستثمارات وفرض العقوبات على “إسرائيل”.
وتابعت أن المقاطعة توجهت إلى المواطنين البريطانيين لمقاطعة محلات تدعم “إسرائيل”، مثل سلسلة مقاهي “ستاربكس”، وهذا يمارسه المنتمون للحركة ولا تستطيع الحكومة منعهم.
أما سحب الاستثمارات -تضيف- فتشهد دعمًا متزايدًا من هيئات ومنظمات مدنية وحتى دينية، لافتة إلى أن إسرائيل تعرف أن حملات المقاطعة تؤتي أكلها بشكل متصاعد على يد أناس يؤمنون بحقوق الفلسطينيين والتصدي للاحتلال.
الإنجازات خير دليل
وكانت حنين أبوسعدى عضو اللجنة الوطنية لمقاطعة “إسرائيل”، ردت على تصريحات نتنياهو الساخرة في تصريحات لجريدة “القدس العربي” بالقول إن “إسرائيل” لن تنجح في شل حركة الطائر الفلسطيني المتنقل في كافة البلاد الواسعة من أوروبا الى أمريكا إلى آسيا وإلى أفريقيا.
وقالت “حنين” إن الحركة تعمل بكافة جنودها في العالم أجمع على كافة المستويات الشعبية والمؤسساتية وبالأخص على صعيد حكومات العالم خاصة الأوروبية التي تلعب جزءًا كبيرًا في تغيير سياساتها وتسرع في تحقيق أهداف حركةBDS.
واستطردت: “حققت المقاطعة في هذا العام أكبر إنجازاتها منذ عشر سنوات بكسب تضامن حكومات أوروبية مثل هولندا التي قاطعت العديد من الشركات الإسرائيلية وقاطعت أهم مصادر قوة “إسرائيل” التي تكمن في استثمار بنوكها مثل بنك لئومي وهبوعليم، إضافة إلى مقاطعة النرويج ونيوزيلندا والكنيسة المثودية في الولايات المتحدة وأفريقيا لخمسة بنوك إسرائيلية”.
واعتبرت عضو لجنة مقاطعة “إسرائيل” أن ادعاءات الاحتلال بانتصاره على حركة المقاطعة يبدو أنه ردة فعل على حقيقة أن نجاح الحركة وجهودها بدأت تؤثر في الوضع النفسي للعقلية الإسرائيلية التي تخشى أن تصبح أكثر عزلة في العالم.
كما أن حركة مقاطعة “إسرائيل” وسحب الاستثمارات منها وفرض العقوبات عليها سوف تواصل العمل بشكل أفضل وأقوى من السابق بعد ما أثرت فعلاً في جميع أنحاء العالم وصنعت جنودا لها متضامنين مع الشعب الفلسطيني ومؤمنين بكافة حقوقه وبضرورة إعطائنا الحرية وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي على أرضنا.
السلام العادل
وكانت حركة “بي دي اس” قد أكدت في بيان لها بمناسبة انعقاد ما يسمى ( مؤتمر الرئيس) في تل أبيب “إن ما سبق من إنجازات ما هو إلا البداية فقط؛ فالشعب الفلسطيني بشكل عام وأبناء حركة المقاطعة بشكل خاص طلاب سلام متوجون بالعدالة.
ونحن نريد السلام وليس كما تقول “إسرائيل” إنه لا يوجد طرف فلسطيني يريد السلام! فهم من لا يريدون السلام ونحن السلام العادل غايتنا وهذا بشهادة واعترافات حكومات غربية وأحزاب سياسية حاكمة ومنظمات حقوقية كبرى في العالم في حركة المقاطعة مؤخرا كوسيلة سلمية ومشروعة لمناصرة ودعم الحرية والعدالة والمساواة لشعبنا الفلسطيني”.
شاهد من أهلها
وبالرغم من محاولات بعض القادة السياسيين والأكاديميين الإسرائيليين الاستهانة بمساعي حملة مقاطعة “إسرائيل”، إلا أن رئيس جامعة حيفا، عاموس شابيرا، أكد أن المقاطعة ليست فقط مشكلة الجامعات، وإنما هي مشكلة “إسرائيل” بأسرها.
وفي نظره، فإن “مقاطعة دولة إسرائيل، أو المقاطعة الأكاديمية لأي من المؤسسات الأكاديمية في “إسرائيل” أشبه بفرض حظر نفط أو أي حظر آخر، يجب على دولة “إسرائيل” أن تنهض وتستثمر أكثر في الدعاية في الجامعات الخارجية، وغير مقبول ترك الجامعات في الخارج مهملة”.