وافق مجلس النواب اليوم الأربعاء بشكلٍ نهائيٍّ على مشروع قانون يتيح لرئيس الجمهورية اختيار رؤساء الهيئات القضائية من بين مرشحين متعددين، بعد أن كانت الجمعية العمومية لكل هيئة تقدم المرشح إلى رئاستها.
وتنص المادة، التي عارضها قضاة كثيرون، في صيغتها النهائية بعد التعديل، على أن “يُعيّن رؤساء الهيئات القضائية بقرار من رئيس الجمهورية من بين ثلاثة من نواب الرئيس في كل جهة يرشحهم المجلس الأعلى للهيئة من بين أقدم سبعة نواب لرئيس الهيئة، وذلك لمدة أربع سنوات أو المدة الباقية، حتى بلوغه سن التقاعد أيهما أقرب، ولمرة واحدة طوال مدة عمله، ويجب إبلاغ رئيس الجمهورية بأسماء المرشحين قبل نهاية مدة رئيس الهيئة بستين يومًا على الأقل، وفي حالة عدم تسمية المرشحين قبل انتهاء الأجل المذكور، أو ترشح عدد يقل عن ثلاثة، أو ترشيح من لا تنطبق عليه الضوابط المذكورة، يعين رئيس الجمهورية رئيس الهيئة من بين أقدم سبعة من نواب رئيس الهيئة”.
وتمّت الموافقة على مشروع القانون دون مناقشة ملاحظات مجلس الدولة، التي تعتبر القانون غير دستوري؛ إذ فوجئ أعضاء البرلمان بإدراجه على جدول أعمال الجلسة العامة بعد ساعات من إحالة اللجنة التشريعية له.
يأتي ذلك فيما يعقد “نادي القضاة” العام وأندية قضاة مجلس الدولة والنيابة الإدارية وهيئة قضايا الدولة اجتماعًا طارئًا مساء اليوم، بنادي القضاة النهري بالعجوزة، لبحث تعديلات قانون اختيار رؤساء الهيئات القضائية.
ورفضت المجالس العليا للهيئات القضائية كافة للمرة الثانية بالإجماع، الأسبوع الماضي، مشروع التعديلات المقترحة على قانون السلطة القضائية الخاص باختيار رؤساء الهيئات القضائية، وخاطبت مجلس النواب برفضها؛ إعمالًا للمادة 185 من الدستور التي توجب أخذ رأي الهيئات القضائية في مشروعات القوانين الخاصة بها، وشدّدت على تمسكها بمبدأ الأقدمية في اختيار رؤسائهم.
ورغم إعلان رئيس البرلمان موافقة أغلبية الثلثين من الأعضاء على مشروع القانون؛ إلا أن أعضاء تكتل “25-30” سجلوا رفضهم للقانون وحاولوا إثارة الأزمة داخل القاعة؛ لكن علي عبدالعال، رئيس البرلمان، أعلن رفض الحديث لأي نائب، مشيرًا إلى أنه لا يجوز ذلك بعد إعلان موافقة البرلمان نهائيًا.
من جانبه، قال نائب رئيس مجلس الدولة، محمد خفاجي، إن إقرار البرلمان للقانون قبل انعقاد الجمعية العمومية لمجلس الدولة بثلاثة أسابيع لاختيار رئيسه يمثل استبدادًا برلمانيًا. مضيفًا، في تصريحات صحفية، أن القانون “سيخلق حالة من الاحتراب بين السلطات، بديلًا عن مبدأ الفصل بين السلطات”.
وفي وقت سابق، قالت مصادر قريبة من دوائر اتخاذ القرار إن رئيس اللجنة التشريعية، بهاء أبو شقة، لعب دورًا كبيرًا في الدفع بقوة لتمرير تعديلات اختيار رؤساء الهيئات القضائية؛ وهو ما جاء متوافقًا مع رغبة النظام الحاكم.
وذهب مراقبون إلى أن هذه التعديلات مقصود بها عدد من القضاة بعينهم ومنعهم من تولي رئاسة الهيئات القضائية؛ أبرزهم نائب رئيس محكمة النقض أنس عمارة ونائب رئيس مجلس الدولة يحيى الدكروري.