وصف مركز «جلوبال ريسيرش»، خطط ابن سلمان، ولي العهد السعودي، للاتجاه نحو الإسلام المعتدل الوسطي، بالكذبة، مشيرا إلى أن خططه الاقتصادية التي أعلن عنها أيضا، مجرد خدعة لجذب المستثمرين الأجانب إلى السعودية، بعد أن فقدت أموالها في صندوق الثروة السيادية، جراء السياسات الفاشلة لآل سعود خلال الفترة الأخيرة، بدءا من الحرب اليمنية أو الأزمة القطرية.
مقاصد بن سلمان
وذكر المركز أن هدف ابن سلمان مما طرحه، هو من أجل التغطية على المحاولة السعودية الفاشلة، للتسلط على قطر، في يونيو 2017، موضحا أن ما أدلى به وخطط له، هو «دخان» للتغطية على الدور الإقليمي السئ للسعودية
ورأى المركز، أن من بين كل التغيير أو الإجراءت التي جرت في الفترة الوجيزة الماضية، لا يوجد سوى شيئين لا يمكن التغاضي عن أهميتهم، أولا رفع الحظر الرمزي على قيادة المرأة للسيارات والذي سيدخل في حيز التنفيذ منذ منتتصف العام القادم، والثاني هو تقويض سلطات هيئة «الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر»، والتي كان من مهامها ضبط الناس ليلا نهارا لأسباب دينية.
وبغض النظر عن النوايا الخفية وراء تلك الإجراءات الإصلاحية في السعودية، فالبلد هو ملكية مطلقة لآل سعود، حيث تجمعت كل السلطات بين يدي ولي العهد السعودي الشاب الثلاثيني محمد بن سلمان، واصفا إياه بالنظام الاستبدادي، وبجانب ذلك هناك حظر لدور السينما والمسارح والكحول، والفصل بين الرجال والنساء في الأماكن العامة.
عنصرية السعودية
ويبلغ عدد سكان المملكة السعودية نحو 33 مليون نسمة، يعيشون في ظل دولة تمارس عليهم أساليب «القمع ونظام الفصل العنصري القديم القائم على الجنس»، وهو ما يمثل ضغطا اجتماعيا كبيرا، يقوده رجال الدين الوهابيين، المتشددين، ويعد نحو 55% من السكان، هم ما دون الـ 25 عاما، بينما 35% عاطلين عن العمل.
وفي لقاء أجراه مؤخرا، قال ولي العهد السعودي «سأعود بالسعودية إلى الإسلام المعتدل»، وأشار المركز إلى أن وصفه غير دقيق تاريخيا، حيث أن الركيزة الأيديولوجية التي لطالما دعمت بيت سعود، منذ نشأتها، كانت ولا تزال التوجه الإسلامي الأكثر أصولية، وهو الوهابية.
كما أن البيان الكامل الذي ألقاه بن سلمان مليء بعدم الدقة، إذ قال «نحن ببساطة نعود إلى ما كنا عليه، الإسلام المعتدل المنفتح على العالم وجميع الأديان الأخرى، ما حدث في السنوات الثلاثين الماضية ليس معبرا عن السعودية، مرجعا ما عليه السعودية اليوم، هو بسبب الثورة الإيرانية عام 1979، حيث أراد الناس نسخ هذا النموذج في دولهم، وكانت من بينهم المملكة العربية السعودية.
لكن محاولة ابن سلمان لإلقاء اللوم على الثورة الإيرانية، وتحميلها مسؤولية مشاكل المنطقة وإحياء الإسلام الأصولي، يبدوا أمرا مثيرا للسخرية، مثل الحرب الباردة والدعاية المناهضة الشيوعية، وأوضح المركز أن هذا البيان بالتأكيد سوف يرضي الغرب، خاصة الولايات المتحدة في سياق تجدد المشاعر المعادية لإيران، لكنه «غير دقيق تاريخيا وجيوسياسيا».
واوضح المركز أيضا، أن الملك فيصل بن عبد العزيز، الذي حكم المملكة العربية السعودية في الفترة من 1964 إلى 1975، وضع سياسات التحديث والإصلاحات، بما في ذلك الإلغاء الرسمي للعبودية، وبعض الشمول الديني، وإدخال البث التلفزيوني، لكن انهت تلك الجهود الإصلاحية باغتياله، من قبل ابن أخيه، نيابة عن الوهابيين المحافظين جدا.
ولذلك، فإن التطور السلبي الإجتماعي في السعودية جاء قبل أربع سنوات من الثورة الإيرانية، فلم تكن الثورة السبب، بل بعض القوى والنضالات الأيديولوجية داخل المملكة، وبعد مرور أثنين وأربعين عاما، لا تزال بعض هذه الفئات تسلك ذات الطريقة.
وقد أدى توطيد مكانة «ابن سلمان» مؤخرا، إلى تنامي العداء داخل البيت السعودي، وأشار المركز إلى أن اغتيال «الملك فيصل»، يجب أن يكون رسالة تحذيرية لولي العهد الشاب الذي أزعج التوازن التقليدي الحساس للسلطة داخل الأسرة نفسها.
كذبة الإسلام الوسطي السعودي
وأشار المركز إلى أن حديث ابن سلمان عن «العودة للإسلام الوسطي المعتدل»، يمثل «مغالطة» كبيرة، فالإسلام الوسطي لم يتواجد في السعودية مطلقا على مدار تاريخها، ووجد فقط في دول أخرى كلبنان، أم دول الخليج فالأمر بعيد عنها تماما، مضيفا أن العائلة الحاكمة لن تنجو من ثورة ثقافية أو اجتماعية في حال تطبيق هذا المفهوم، فوظيفة الوهابية هي السيطرة على أيديولوجية السكان وجميع سلوكياتهم الاجتماعية، وبدونها ودون رجال الدين، سيكون بيت سعود خاليا من أي سلطة.
وأكد المركز على وجود انفصام فيما يقوله السعوديون وما يفعلونه، موضحا أنهم «مولوا الجهاديين وبنوا المساجد التي يديريها رجال الدين الأصوليين في جميع أنحاء العالم»، وبقيامها بذلك فإنها كانت داعما رئيسيا للإرهاب، وليس «قطر»، كما تدعي.
وأشار إلى أنه إذا لم يعترف السعوديون بذلك فإنه لا يوجد أي إمكانية لإحداث التحويل الذي تحدثوا عنه، فمالم يتوقف رجال الدين الأصوليين عن إدارة كل ما يتعلق بشؤون الحياة اليومية كالمناهج واللباس والقوانين، فلا يمكن أن يتغير أي شئ، ومضيفا أيضا «بدون دعم رجال الدين المتشددين، يمكن مساءلة النظام الملكي الاستبدادي، ومع الأخذ في الاعتبار الضغوط الديموغرافية وعدم المساواة في السعودية، فإن النظام سينهار في نهاية المطاف بلا محالة».
خدعة الانفتاح
وأشار المركز إلى أن حديث ابن سلمان عن انفتاح مجتمعي في المستقبل، لجذب المستثمرين، أمر أشبه بالضباب والسراب، حيث يحاول جمع أموال بقيمة 500 مليار دولار أمريكي، لبناء جسر عملاق يربط بين مصر والسعودية والأردن، تحت مسمى مشروع «نيوم»، إضافة إلى تنمية منطقة حضارية في السعودية على غرار دبي.
وأكد المركز أن هناك مشكلة رئيسية تتعلق بتلك المنطقة الاقتصادية على ساحل البحر الأحمر، والتي من المفترض أن تكتمل بحلول عام 2025، حيث قد فقد صندوق الثروة السيادية، الداعم الرئيسي للمشروع، أمواله جراء سوء الإدارة السعودية ومشتريات الأسلحة الضخمة وشن الحرب في اليمن، فضلا عن انخفاض أسعار النفط.
وأشار المركز إلى أن الصندوق حوالي يتواجد به حاليا 230 مليار دولار فقط، لذا يخطط ابن سلمان لطرح شركة «أرامكو» للاكتتاب، وهي أكبر شركة نفط سعودية والتي تسيطر على جميع أصول النفط بالمملكة، ويعتزم ابن سلمان بيع 5% منها، لتحقيق مئات المليارات.
لكن المركز وصف اعتقاد المملكة بأن تلك الخطوة ستجذب المستثمرين من جميع أنحاء العالم، أمرا مثيرا للسخرية، فالإنخفاض في الأصول المالية التي يمتلكها بيت سعود، يمكن أن يشكل نهايته.