أعلنت هيئة الانتخابات في تونس أن النتائج الأولية لاستفتاء التعديلات الدستورية، جاء فيها أن 94.60 بالمئة من المشاركين في الاستفتاء صوتوا بنعم، مقابل 5.40 للإجابة بلا، في حين أن نسبة المشاركة بلغت نحو 25 في المئة فقط من الذين يحق لهم المشاركة في الاستفتاء.
وبحسب الإعلان فقد صوت 2.6 مليون ناخب بـ”نعم”، بينما رفض الدستور 148 ألف تونسي صوتوا بـ”لا” أي بنسبة 5.40 بالمئة، وسجلت 56 ألف ورقة ملغاة.
وبحسب مؤسسات رصد آراء تونسية، فإن 2 مليون ناخب صوتوا على الدستور الجديد من مجموع 9 مليون ناخب، ما يمثل نسبة أقل من ربع الجسم الانتخابي.
وأعلنت كبرى الأحزاب السياسية التونسية رفضها عملية الاستفتاء على مشروع الدستور الجديد، مؤكدة توجهها للقضاء للطعن فيه، فيما رحبت شخصيات أخرى بنتائج الاستحقاق الانتخابي.
وشددت أغلب الأحزاب والشخصيات الوطنية على تمسكها بدستور 2014 الذي كان نتيجة توافق جماعي عكس دستور كتبه شخص واحد بصفة فردية وصوت عليه أقل من ربع التونسيين،مقابل أطراف ترحب بالدستور الجديد وتعتبر أن تونس دخلت مرحلة جديدة .
وقال رئيس جبهة الخلاص الوطني أحمد نجيب الشابي: “نحن لا نعترف بنتائج الاستفتاء، ونشكك بها، وسنطعن فيها أمام القضاء”.
وشدد الشابي على أن “المرجع الوحيد للشرعية الدستورية في البلاد يظل هو دستور 2014 الذي يمثل إرادة الشعب التونسي”.
واعتبر الشابي أن “دستور 2014 يبقى هو المرجعية ويمكن إدخال تعديلات عليه إذا دعت الحاجة وبتوافق من الجميع”، مطالبا الرئيس قيس سعيد، بـ”إجراء انتخابات عامة رئاسية وتشريعية مبكرة”، على حد تعبيره.
كما دعا رئيس جبهة الخلاص، قوى المجتمع إلى “عقد مؤتمر وطني للحوار يستثني الرئيس الذي أقصى نفسه نظرا لما قام به من إجراءات غير شرعية وغير دستورية”.
من جانبه، قال عضو حراك مواطنون ضد الانقلاب، جوهر بن مبارك، في تصريح إن الجبهة لا تعترف، لا بمسار أو استفتاء سعيد”.
وأضاف بن مبارك أن” رئيس سلطة الانقلاب أقلي، لا يمثل الشعب الذي لم تشارك أغلبيته في مشروعه الانقلابي، مؤكدا أن “مشاركة 25 بالمئة فقط من الناخبين يعني الفشل. وعليه على سعيد استخلاص الدرس والاستقالة”.
وعن خطوات المعارضة لما بعد 25 يوليو، شدد بن مبارك على أن المطالبة بعزل الرئيس سعيد لم ولن تتوقف، مشيرا إلى أنهم سيواصلون التحركات النضالية والعمل على توحيد صف المعارضة”.
وفي السياق، قال رئيس المكتب السياسي لحركة النهضة، نور الدين العرباوي، في تصريح، إن الحركة لا تعترف بالدستور الجديد، مشددا على أن “غالبية الشعب قاطعت هذا الاستفتاء على الدستور الذي يفتقد تماما للشرعية والمشروعية”.
وعن مرحلة ما بعد دخول الدستور الجديد حيز النفاذ، رأى العرباوي أن “البلاد لا تتحمل أن تبقى على هذا الحال، في الفترة المقبلة ستكون هناك إرادة لقيس سعيد للمرور بقوة وتجاهل كل شيء مدمرا كل المكتسبات والتنكر حتى لمن كانوا أصدقاء له في ما مضى”.
وتابع: “الإرادة الثانية هي التصدي للانقلاب ومواصلة النضال السلمي، سنساهم في خلاص تونس من هذا الانقلاب الذي دخل عامه الثانية” .
ودعا العرباوي جميع المعارضة بالاتحاد وتجاوز الخلافات، حيث قال: “علينا أن نلتقي على الرغم من ثقل الماضي”.
من جهتها، قالت رئيسة المجلس الوطني لحزب التكتل، عفاف داود، في تصريح خاص لـ”عربي21″، إن “الاستفتاء كانت نتائجه واضحة، فأقل من ربع التونسيين صوتوا، وبذلك فإن أسطورة الشعب يريد
غير صحيحة”.
وتوجهت داود للرئيس سعيد بالقول: “نتذكر جيدا قولك عندما كنت أستاذ وليس جالسا على كرسي الرئاسة بأن الاستفتاء لا يكون إلا بنسبة تصويت كبيرة جدا والحال أنه اليوم بنسبة مخجلة جدا”.
وتابعت: “للأسف نحن أمام سياسة أمر واقع منذ أكثر من سنة ولكن على الرئيس أن يدعو لانتخابات رئاسية سابقة لأوانها، فهذا الدستور خطير جدا ولا يليق بالدولة الديمقراطية”.
وختمت: “لا بد من نضال وصمود حقيقي لأننا أمام فترة صعبة وخاصة اقتصاديا”.
إلى ذلك، اعتبر المجلس العربي، الذي يرأسه الرئيس التونسي السابق، محمد المنصف المرزوقي، في بيان له، الثلاثاء، “تمرير مشروع دستور جديد في تونس يؤسس لحكم فردي بصلاحيات خارقة وحصانة كاملة لرئيس الجمهورية مكان دستور 2014 دستور الثورة التونسية عبر عملية استفتاء شابتها خروقات عديدة وقاطعتها نسبة كبيرة من التونسيين”.
وعبر المجلس عن “دعمه لنضالات القوى السياسية والمدنية والشبابية التونسية السابقة واللاحقة دفاعا عن الدستور وقيم الثورة وعن مكاسب الديموقراطية والحريات والدولة المدنية”.
كما دعا “تلك القوى لتوحيد الارادة واطلاق حوار وطني بغرض التصدي للانحراف التسلطي للرئيس قيس سعيد وانقاذ تونس من العودة الى ما قبل ثورة 17 كانون الأول/ديسمبر 2010 وتقديم خارطة طريق لاصلاح الاوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في البلاد”، وفق نص البيان.
ولفت بيان المجلس العربي إلى أن تصفية دستور تونس الثورة كان منذ سنوات عديدة مسعى محموم لقوى ثورة مضادة اقليمية ودولية، بالارتكاز على أخطاء الفاعلين السياسيين الفادحة وضعف المنجز الاقتصادي للمرحلة.
وأشار إلى أن ما حدث في تونس هو نفس المسار الذي حصل في دول الربيع العربي الاخرى بأشكال مختلفة وأدى الى تعطيل مسارات الانتقال الديموقراطي والانتكاس الى الحكم الاستبدادي مع تدهور الاقتصاد وتفكك المجتمع وانهيار السيادة، بحسب البيان.
على الرغم من المعارضة والرفض الواسع للدستور الجديد من مختلف الحساسيات السياسية فإن جهات أخرى ترى فيه مشروعية وخلاصا للبلاد وتحقيقا لإرادة الشعب .
وقال عضو المكتب التنفيذي لحركة الشعب، أسامة عويدات، في تصريح خاص، إن “الاستفتاء يعبر عن إرادة الشعب”، مثمنا ما اعتبره “انتقال البلاد بعد استفتاء 25 يوليو من سلطة الأزمات إلى دولة ذات نظام رئاسي يذهب نحو الإنجاز”.
وحول نسبة التصويت في الاستفتاء، اعتبر عويدات أنها “مرضية ومشابهة للمحطات الانتخابية السابقة”.
فيما قال عضو “حراك 25″ يوليو، كمال الهرابي، في تصريح خاص إن نسبة الاقتراع على الاستفتاء محترمة ومعقولة جدا”.
كما أكد الهرابي أن البلاد ستدخل مرحلة الإصلاح والإنجاز وبعد الاستفتاء على دستور جديد، مضيفا أنه “لاداعي للخوف وخاصة على الحريات”، على تحد تعبيره.