اتهم فريد حافظ، أستاذ الدراسات الدولية الزائر في كلية ويليامز بالولايات المتحدة، مَن أسماهم “المستبدين العرب” بممارسة ضغوط على الدول الأوروبية لقمع جماعة الإخوان المسلمين والمنظمات الإسلامية الأوروبية في القارة العجوز.
تابع حافظ، في مقال بموقع “ميدل إيست آي” (MEE) البريطاني ترجمه “الخليج الجديد“، أنه “بعد أن انتشر الربيع العربي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أوائل عام 2011، ظهر عامل جديد من شأنه أن يشكل مستقبل المسلمين الأوروبيين، وهم المستبدون العرب الذين كانوا يخشون فقدان سلطتهم”.
وأطاحت ثورات الربيع العربي بالأنظمة الحاكمة في دول عربية بينها تونس ومصر وليبيا واليمن، ورفع المحتجون في دول عربية عديدة، بينها دول في مجلس التعاون الخليجي، مطالب منها الحريات والعدالة الاجتماعية ومحاربة الفساد والتداول السلمي للسلطة.
و”في أعقاب الثورات، خشي العديد من الملكيات الخليجية أن تؤدي الانتفاضات السياسية إلى هياكل ديمقراطية من شأنها أن تمنح السلطة في نهاية المطاف للحركات الإسلامية المنظمة جيدا، وفي مقدمتها جماعة الإخوان المسلمين”.
وفاز مرشح الجماعة محمد مرسي بأول انتخابات رئاسية في مصر، عقب الإطاحة بالرئيس محمد حسني مبارك في 2011، لكن تمت الإطاحة بمرسي في 3 يوليو/ تموز 2013 بعد عام واحد في الحكم، حين كان الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي وزيرا للدفاع.
وأضاف حافظ أن “القوى الإقليمية القوية القائمة والناشئة، مثل الإمارات والسعودية، لم تقم بقمع الحركات الإسلامية المحلية فحسب، بل دعمت أيضا الأنظمة الاستبدادية الأخرى، مثل الجيش المصري في هجومه على الإسلاميين المنتخبين حديثا، معلنا أنهم منظمات إرهابية”.
و”تلك الإجراءات لم تتوقف لم تتوقف عند حدود الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ولتعميم سياساتها المتمثلة في إعلان جماعة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية محليا، مارست تلك الأنظمة العربية ضغوطا في بروكسل (مقر الاتحاد الأوروبي) ولندن وواشنطن لتبني السياسة نفسها”، وفقا لحافظ.
واستطرد: “في الولايات المتحدة، مثلا، ضغط العديد من القادة الجمهوريين لسن قانون المنظمات الإرهابية الأجنبية، لكنهم فشلوا في النهاية في مواجهة اعتبارات السياسة الخارجية”.
وقال حافظ إنه “يوجد شئ أكثر خطورة يصاحب هذه السياسة، وهو أن الإمارات لم تكن تطارد جماعة الإخوان فحسب، بل بدأت في استهداف المنظمات الإسلامية الأوروبية، كما أظهر مؤخرا (الصحفي الأمريكي) ديفيد كيركباتريك في تحقيقه الاستقصائي”.
ولفت إلى أن التحقيق كشف “الأسرار القذرة لحملة تشهير، ودفع أموال لمحققين خاصين للتنقيب خلف منظمات المجتمع المدني الإسلامية في جميع أنحاء أوروبا، لنشر شائعات حول صلات مزعومة لها بالإسلاميين”.
وشدد حافظ على أن “العديد من الأنظمة الاستبدادية لم تكتف بمحاولة تصدير سياساتها الأمنية الداخلية لكسب المزيد من الدعم وإضفاء الشرعية على أهدافها المحلية، بل حاولت أيضا تصدير سياساتها المحلية حول كيفية تنظيم دين المسلمين”.
ويبدو أن دولا مثل السعودية والإمارات، بحسب حافظ، “دعمت أيضا العديد من المسلمين الذين يستخدمون لقب الليبرالية، لكنهم يطالبون بمزيد من المراقبة والسيطرة على المؤسسات الإسلامية غير الحكومية”.
وتابع أن “العديد من المؤسسات الحكومية وغير الحكومية، من وزارة الخارجية الأمريكية إلى اللجنة الأمريكية للحرية الدينية الدولية، سلطت الضوء على التمييز المتزايد ضد المسلمين في أوروبا بمزاعم مكافحة التطرف، حتى أن الرئيس (الأمريكي) جو بايدن تحدث عن الإسلاموفوبيا في بيانه الأخير بمناسبة عيد الفطر (أبريل/ نيسان الماضي)”.
واعتبر حافظ أن “الرسالة إلى مسلمي أوروبا قاتلة: العلاقات الاقتصادية تتفوق على حقوق الإنسان، حيث بات السياسات الاستبدادية للحكام العرب المستبدين تندمج أكثر فأكثر مع السياسات الأوروبية التي تتعامل مع المسلمين بشكل مريب كتهديد محتمل”.
وأوضح أنه “في هذه العملية، يتم تجريد المسلمين أكثر فأكثر من حقوقهم الإنسانية كمواطنين في الديمقراطيات الغربية (..) ويصبح استبداد الدول العربية هو الدليل الجديد لتغيير مصير المسلمين في أوروبا”.