شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

الجارديان: «السلام الفلسطيني الإسرائيلي» ولد ميتًا.. انتهى الحديث والاحتلال مستمر

قالت صحيفة «الجارديان» إنّ السلام الفلسطيني الاسرائيلي فقد طابعه المثير للاهتمام، ليس على الساحة الدولية فقط؛ بل حتى أصحاب القضية أنفسهم، الذين أشاحوا بوجوهم نحو مآرب أخرى.

وأضافت، بحسب ترجمة «شبكة رصد»، أنّ تحقيق السلام يستوجب تركيز المجتمع الدولي معه، وهو الأمر الغائب حاليًا؛ بسبب حالة الفوضى التي تعم العالم. وتناول الكاتب الأميركي المعروف «جونثان فريدلاند» الأسباب الحقيقية وراء خفوت الاهتمام بالقضية عند كل طرف كان فاعلًا فيها يومًا ما.

المسرحية من بدايتها

بدأ الكاتب مقاله قائلًا: إذا كنت تريد أن ترى الإسرائيليين والفلسطينيين يحاولان تحقيق السلام عليك أن تتوجه أولًا إلى المسرح الوطني في لندن؛ لأنك بالتأكيد لن ترغب في رؤيتهما يفعلان ذلك في أي مكان آخر؛ فالأرض هناك على خشبة المسرح والعرق والدموع كلها وضعت عارية في «أوسلو»، مضيفًا أن جائزة «توني بلير» -اتفاق اوسلو- هي البداية فقط، مستعيدًا هذه الإجراءات التي أفضت في النهاية إلى حديقة البيت الأبيض؛ حيث تصافح ياسر عرفات وإسحق رابين، وشاهدهما مبتسمًا بيل كلينتون قبل 24 عامًا.

يضيف الكاتب الأميركي أنّه توجه إلى منطقة الشرق الأوسط، وأمضى الأسبوع الماضي متنقلًا بين القدس ورام الله وتل أبيب وأريحا، ويقول: «في ضوء المحادثات التي أجريتها مع المسؤولين، الحاليين والسابقين، من الجانبين، أخشى أن أوسلو تبدو وكأنها قطعة من الماضي أكثر فأكثر، ومجرد تذكير بالحنين بوقت بدا فيه السلام بين هذين الشعبين في متناول اليد».

اللاعبون القدامى محبطون

وأضاف الكاتب «جونثان» أنّه لا أحد يعتقد أن الأوان قد آن؛ إذ قال وزير الخارجية الإسرائيلي السابق «شلومو بن عامي» إنّ السلام كما نعرفه انتهى، وقال رئيس الوزراء الفلسطيني السابق «أحمد قريع» إنّ السلام مات في الوقت الراهن، وباعتباره واحدًا من صُنّاع السلام في أوسلو؛ فهو الآن خائف.

أما أولئك الذين يقضون أوقاتهم الأخيرة بين الأوراق والمواقف والخرائط والخطط أمنية، فإنهم الآن يقفون مكتوفي الأيدي في المكاتب التي يعصف بها الخمول.

الإسرائيليون والفلسطينيون أدارا ظهورهما

وتابع الكاتب أنّ «السياسية الإسرائيلية توجّه الآن تركيزها في أماكن أخرى غير السلام؛ سواء ادعاءات الفساد التي تهدد بإسقاط نتنياهو، أو الجدل الوطني الدائر هناك بشأن تصريحاته بأن إسرائيل لن تفكك أو تخرب أيّ مستوطنة يهودية أخرى في الضفة الغربية المحتلة. وتصريحه الذي قال فيه: نحن باقون هنا للأبد».

كما علّق «جونثان» على اللامبالاة التي أصابت الفلسطينيين، خاصة الشباب منهم، في كل ما يتعلق بالسياسة أو السلام؛ إذ يقول: «في الوقت نفسه، ابتعد فلسطينيون، خاصة الشباب منهم، عن السياسة؛ وهو تقليد جديد وغير مفهوم»، ولفت إلى مقال نُشر في صحيفة «نيويوركر» بعنوان «تراجع الحركة الوطنية الفلسطينية»، قال فيه حسين آغا وأحمد الخالدي إنّ «فكرة مفاوضات السلام برمتها أصيبت بشعور الخداع والإهمال من جانب الفلسطينيين، ولاحظ آخرون تغيّرًا في الجيلين الحالي والقادم؛ إذ يتوجهان الآن إلى الإنترنت أو الرقص أو تسلق الصخور، أو أيّ شيء آخر؛ للهروب من عقم الصراع الدائم، بينما يشكّل صانعو السلام الآن فلكًا من الرجال المسنين الذين يتطلعون إلى أخطائهم».

وأكّد أنه نتيجة لذلك، تركّز الجهود الدائرة الآن على هدف محدد فقط، وهو حل الدولتين، مضيفًا أنه شاهد الروائي الإسرائيلي «إبراهيم جبريل يشوع» يقول لجمهوره في القدس إنه أراد رؤية دولتين إسرائيلية وفلسطينية جنبًا إلى جنب لمدة 50 عامًا؛ لكنه الآن يتقبّل أنّ هذا لن يحدث، وحان الوقت للتفكير في شيء آخر.

وتساءل الكاتب عن كيفية وصول الأمور إلى ما هي عليه قائلًا: «كيف تحوّلت الأحلام التي حرّكت هؤلاء اللاعبين على خشبة المسرح في أوسلو إلى غبار؟»، موضحًا أنّ ثمة تفسيرًا واحدًا يصعب على المحتجين ضد الاحتلال الإسرائيلي لمدة 50 عامًا فهمه؛ فعلى الرغم من قولهم إنّ الاحتلال الإسرائيلي لن يكون مستدامًا، تُثبت «إسرائيل» يوميًا أنها مستدامة للغاية؛ فالاقتصاد مزدهر، ومعظم الإسرائليين يشعرون بالأمان.

الفاعلون الدوليون تخلوا عن القضية

وأضاف أنه على الصعيد الدولي الأمور سلبية؛ فعلى الرغم من أنّ «نتنياهو» واجه احتجاجات صاخبة أثناء جولته في أميركا الجنوبية الأسبوع الماضي، تقوم الهند والصين (حليفتا القضية الفلسطينية) بعلاقات تجارية وفيرة مع «إسرائيل».

وحتى اليساري اليوناني «أليكسيس تسيبراس» احتضن نتنياهو واستضافه وعقد معه صفقة كبرى للغاز الطبيعي بين البلدين، مضيفًا: «فإذا كان أحد أسباب إسرائيل لإنهاء احتلالها وإقامة السلام مع الفلسطينيين هو تحسين مكانتهم الدولية، فإن هذا الدافع فقد إلحاحه».

وقال أيضًا إنّ القوى المحتمل ممارستهم ضغوطًا على «إسرائيل»، بوصفها الطرف الأقوى، جلسوا على طاولة المفاوضات معها، وهناك دبلوماسيين يقولون إنه «عندما يجتمع الوزراء الإسرائيليون مع نظرائهم الأجانب فنادرًا ما تُذكر القضية الفلسطينية»، بعدما كانت البند الأول في أيّ جدول أعمال. وبجانب ذلك، تعتبر الدول العربية السنية الرائدة إيران الآن عدوًا أكبر من «إسرائيل»، والاتحاد الأوروبي منشغل بقضايا أخرى، ودونالد ترامب منشغل بحربه مع كوريا الشمالية.

ويقول الكاتب الأميركي الكاتب «جونثان» إنّ السلام يحتاج إلى المجتمع الدولي، كما يقول «بن عامي»، لكن لن يحدث شيء من هذا القبيل والمجتمع الدولي في حالة من الفوضى.

«إسرائيل» والدول العربية تزيدان الفجوة

يتحدّث الكاتب «جونثان» عن مشكلة أعمق، وهي أنّ المحادثات الأخيرة بين الجانبين انتهت إلى وضع أكثر خطرًا؛ إذ أرادت «إسرائيل» تخفيض الحد الأدنى للشروط التي كان الفلسطينيون على استعداد لقبولها، موضحًا أن «إسرائيل» هي التي سبّبت هذه الفجوة بتصعيد مواقفها دون داعٍ.

وبجانب «إسرائيل»، شاركت الدول العربية أيضًا في تأزّم الوضع؛ لأن الدول السنية تتمتع بالفعل بعلاقات عسكرية وثيقة ومتوازنة مع «إسرائيل»، وتضفي هذه العلاقات الطابع الرسمي على الحكم الجديد باتفاق سلام؛ فمن المرجح أن تضغط المملكة العربية السعودية ودول الخليج والأردن ومصر على الفلسطينيين للتوقيع، وهذا من الناحية النظرية. وعلى الجانب الآخر، يتحدث «نتنياهو» عن هذا النهج؛ لكن على أرض الواقع هناك القليل من الناحية العملية.

ومن ناحية أخرى، قد يكون هناك تغيير في النموذج التقليدي الحالي، وتحوّل إلى صراع على الحقوق المدنية داخل واقع الدولة الواحدة القائمة على أرض الواقع، عن طريق الفلسطينيين الذين لا يعيشون في الضفة الغربية ولكنهم مواطنون في «إسرائيل» وكانوا يعيشون داخل حدودها قبل عام 1967.

وختم الكاتب مقاله بأنّ ثمة آخرين لا يزالون يعتقدون أنّ أحداثًا متغيرة في اللعبة قد تهزّ كل ما تُوصّل إليه، مستفيدًا من وجود محمود عباس، الذي ربما يكون آخر زعيم فلسطيني يتمتع بشرعية وطنية كافية للتوقيع على اتفاق قبل فوات الأوان، ومضيفًا: لكن، على الرغم من كل شيء؛ ولد السلام ميتًا، كما يقول البعض.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023