شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

«ميدل إيست آي»: من الدوحة إلى أربيل.. لهذه الأسباب تنجح الدول «الصغرى» في مواجهة «الكبرى»

الرئيس التركي رجب أردوغان برز بدعمه ووقوفه بجوار قطر وأميرها تميم بن حمد في تجاوز الحصار الخليجي

«استطاعت قطر الصمود في وجه الحصار الذي فرضته دول التحالف الإماراتي السعودي في يونيو الماضي، وأصبحت الدول الصغرى الآن لديها قدرة على الصمود أمام الجهود الرامية إلى تقويض استقلالها؛ بفضل العولمة والاندماج في المجتمع الدولي، كما في النرويج وأربيل وكتالونيا وسريلانكا وغيرها، بالرغم من فشل التطلعات الاستقلالية لدى بعضها».

هكذا يرى الزميل في مؤسسة بروكينجز بالدوحة «رانج علاء» الأوضاع في هذه الدول، كما ذكر في مقاله بصحيفة «ميدل إيست آي». وأضاف، وفق ما ترجمت «شبكة رصد»، أنّ مكتب مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان انتقد حصار قطر وما سبّبه من آثار سيئة على سكانها، عقب إدانة منظمة العفو الدولية في يونيو الماضي الحصار وانتقادها البلدان التي فرضته على أرواح الآلاف من المواطنين القطريين.

تأثير غير مقصود

ومنذ اندلاع الأزمة القطرية في يونيو الماضي، أثبتت قطر مرونة فائقة في التعامل مع الحصار؛ ويرجع ذلك إلى ثروتها الهائلة، وقدرتها على الاندماج السياسي والاقتصادي الإقليمي والدولي، وتشكّل حاليًا عنصرًا حاسمًا في البيئة الأمنية الغربية في المنطقة؛ فهي تستضيف -على سبيل المثال- كبرى قاعدة عسكرية أميركية في الشرق الأوسط.

كما لها علاقات وثيقة مع القوى الإقليمية الرئيسة الأخرى مثل تركيا، التي زادت وجودها العسكري في البلاد وعززت العلاقات الدبلوماسية على الفور بعد اندلاع الأزمة، التي عزّزت من الموقف القطري على عكس ما أرادت دول التحالف، واستطاعت حتى خلق تأييد شعبي لها، وتجمع السكان ونخب رجال الأعمال والمجتمع المدني مع الأسرة الحاكمة؛ وهي صفات تطمح كثير من الدول إلى تحقيقها، بل وتبذل مزيدًا من الجهود لأجل هذه الغاية فقط.

القدرة على تحمل العقوبات

وفقًا للتاريخ، تسمح الروابط بين المدنيين ونخبتهم الحاكمة للدولة بأن تكون أقوى وأكثر قدرة على تحمّل العقوبات الموقّعة عليها، ومحاولاتهم لتجويعها فشلت كما فشلت أهدافهم السياسية بسبب الحصار. أيضًا، استفادت قطر من هذا الحصار باتّباع نهج يقلل من اعتمادها على الدول الخرى، وتحقيق الاكتفاء الذاتي؛ خاصة وأنها تتمتع بموارد مالية هائلة.

وبسبب الدعم الثابت من تركيا أيضًا، استطاعت قطر على الصعيد الجيوسياسي أن تصبح دولة سيادة معززة، ولم يعد دورانها فقط في فلك الدول العربية؛ فدعم أنقرة لها في هذه الأزمة، إلى جانب رغبة إيران في تصدير منتجاتها لسد العجز في المواد الغذائية، خلقا فرصًا جيوسياسية لهذه الدول أيضًا بملء الفراغ الناجم عن الحصار.

أسباب أخرى لفوز قطر

ليست أن الثروة والعلاقات الدولية العاملين الأساسيين الكامنين وراء قدرة قطر على الصمود، فالحصار الاقتصادي أيضًا لم يجدِ. ووفقًا لدراسة صادرة عن أكاديمية شيكاغو لروبرت بيب، قرابة 5% فقط من العقوبات المفروضة منذ الحرب العالمية الأولى كانت فعالة.

ومع ظهور العولمة وتزايد الاعتماد المتبادل داخل المجتمع العالمي، أصبحت الجزاءات الاقتصادية وسيلة فاشلة في تحقيق الأهداف السياسية؛ لأنّ الدول الحديثة لديها القدرة على التكيّف مع المحاولات الخارجية للقمع، خاصة عندما تمتلك القدرة الإدارية الحديثة القادرة على تحمّل الضغوط.

وكما أشير مسبقًا، سعت إيران وتركيا إلى محاولة ملء الفراع الناجم عن ذلك، وترجمت العلاقات الاقتصادية القائمة منذ عقدين إلى علاقات جيوسياسية مهمة كانت حاسمة في ازدهار أربيل واستقرارها النسبي بعد عام 2003، وعلى الرغم من فشل استفتاء الاستقلال الكردستاني مؤخرًا؛ فالتواصل التجاري بين البلدين ما زال قائمًا.

الدول الصغرى

للدول الصغرى قدرة على الصمود أكثر من الدول الكبرى؛ فعندما فرضت بغداد حصارًا على الرحلات الجوية المباشرة إلى مدينتي أربيل والسليمانية في أكتوبر الماضي، تحايل الأكراد على ذلك عبر المرور إلى تركيا.

وبينما تمتلك قطر ثروات وحلفاء دوليين قويين، فضلًا عن المزايا التي تمنح للدول ذات السيادة لحماية نفسها؛ فالأكراد العراقيون، بوصفهم طامحين لإقامة دولة، تحوّلوا أيضًا إلى أدوات داعمة للديمقراطية وفتح أمامها إمكانية تبادل المعلومات الاستخبارية والصادرات النفطية ووضع نفسها كجهة مشاركة في الحرب العالمية على الإرهاب.

وكما أكّد الكاتب التشيكي «ميلان كونديرا»، الوجود عند الدول الصغرى ليس مسألة بديهية؛ لكنه دائمًا مسألة مثارة وتتخذ في سبيلها خطوات، وعلى هذا النحو تسعى دول مثل قطر والنرويج وسريلانكا وكتالونيا وكردستان إلى الحصول على مأوى في المؤسسات والشبكات الدولية. إضافة إلى ذلك، وفي ظل اتجاه المؤسسات الدولية الكبرى إلى انخفاض نجمها؛ تسعى الدول الصغرى إلى طرح نفسها بديلًا للفوضى.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023