شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

بطولة أمريكية والكومبارس عربى – محمد سيف الدولة

بطولة أمريكية والكومبارس عربى – محمد سيف الدولة
الأمريكيون مغرمون بإطلاق عناوين سينمائية على حروبهم وحملاتهم الاستعمارية، "عاصفة الصحراء" 1991، و"ائتلاف...

الأمريكيون مغرمون بإطلاق عناوين سينمائية على حروبهم وحملاتهم الاستعمارية، "عاصفة الصحراء" 1991، و"ائتلاف الراغبين" على غزو العراق 2003، و"العزيمة الصلبة" على حملتهم الحالية على العراق وسوريا.

 

ولا نستبعد أن تتحفنا هوليوود قريبا بسلسلة من الأفلام تتناول البطولات الأمريكية فى الحرب الجديدة ضد "العرب الأشرار". وقد يحن علينا المخرج السينمائي فيها بأي دور ولو صغير من أدوار الكومبارس، فيعرض مشهد جلوس رؤساء الأركان العرب، على مائدة أوباما للتجهيز للعدوان على العراق وسوريا.

 

إن الفيلم أمريكي بامتياز، وكذلك القصة والسيناريو والإخراج والبطولة الأولى والأدوار الرئيسية، فكلها أمريكية وأوروبية، أما غالبية أدوار الكومبارس فمتروكة للأنظمة العربية وحكامها وجيوشها، بالإضافة طبعا إلى التمويل الذي تتولاه بالأمر العائلات المالكة الحاكمة في الخليج.

 

ولقد تناولنا فى مقال سابق بعنوان (لا لإلحاق مصر بالحلف الأمريكي) أسباب الحملة الأمريكية بالتفصيل، فحددناها فى دعم قيام دولة كردية على غرار إسرائيل، وحماية وتأمين وتشطيب الرتوش الأخيرة فى عملية تقسيم العراق والمنطقة وفقا لخرائط محددة رسمتها بنفسها وليس وفقا لأي خرائط أخرى.

 

ولكن ما نود التوقف عنده فى هذا المقال هو التوظيف الأمريكي المهين للنظام الرسمي العربي كالمعتاد، لشرعنة حملتهم الاستعمارية الثالثة على العراق والمنطقة، على غرار ما فعلوه على امتداد ما يقرب من ربع قرن.

 

إن المرتبة التي يضعنا فيها الأمريكان، هى أقل بكثير من كل ما يروج له حكامنا عن طبيعة العلاقات العربية الأمريكية، إنها مرتبة أقل بكثير من الحليف والشريك والصديق، إنها علاقة التابع الأمين.

 

وحكامنا يقبلون بطيب خاطر القيام بادوار الكومبارس مع الأمريكان، بينما يحتكرون لأنفسهم ادوار البطولة المطلقة فى مواجهة شعوبهم، بل ويعصفون بكل من يتجرأ أو يتطلع من القوى الوطنية والسياسية للمشاركة فى صناعة المستقبل أو اتخاذ القرار أو التواصل مع الرأي العام ناهيك عن المنافسة على السلطة.

 

كما أن الالتحاق بالحلف أو الركب الأمريكي، يتناقض مع الصورة التى يروج لها النظام بأنه رافع راية الاستقلال الوطني، وانه جاء لتحدى الأمريكان وإنقاذ مصر من والنفوذ والاختراق والهيمنة الأمريكية.

 

ثم كيف ندعى رفضنا للمشروع الأمريكي الهادف لهدم المنطقة وإعادة بناء شرق أوسط جديد، ثم نقبل المشاركة كمقاول باطن تحت مظلة المقاول العمومي الأمريكي القائد والقائم على عملية الهدم والبناء.

 

وما معنى هذه السرية التى فرضت على لقاء أوباما مع رؤساء أركاننا وعلى ما تم فيه من اتفاقات وترتيبات؟ إن التذرع بضرورات الأمن القومي لن يجدى هنا، فما تعلمه أمريكا وإسرائيل وحلفائهما لا يجوز أن يحجب عن الرأى العام المصري والعربي.

 

 ثم أن هذا الاستجداء للطائرات الاباتشى كثمن مطلوب للمشاركة المصرية، والاحتفاء بالإفراج عنها، يتناقض مع الرفض الشعبى العميق للمعونة الأمريكية والدعوات الوطنية المتكررة للتحرر منها.

 

إن استقلال البلاد والقرار والإرادة الوطنية لا تقدر بثمن ولا تباع بكل كنوز الأرض، ولكنها اليوم تباع ببضعة طائرات أباتشى . ولقد سبق ورفضت القوى الوطنية فى 1991 مشاركة مصر بقوات فى حفر الباطن مع الحلف الأمريكي فيما سمى بحرب تحرير الكويت، رغم أن الثمن وقتها كان أضعافا مضاعفة ما يدفعه لنا الأمريكان اليوم ! فلقد تم إلغاء 50 % من ديوننا المستحقة لنادى باريس وجزء كبير من ديوننا العربية بالإضافة الى إلغاء ديونها العسكرية للولايات المتحدة.

 

فهل تدنت أسعارنا إلى هذه الدرجة ؟ أم أن الثمن الحقيقي هو الفوز بالاعتراف الأمريكي بالنظام الجديد ؟

 

وأخيرا وليس آخرا، كيف سيبرر النظام موقفه أمام الرأي العام المصري، وكيف سيدافع ويروج لقبوله بالالتحاق بركب الأمريكان، الذي دأب على اتهام معارضيه بالعمالة لهم.

 

أما أصدقاؤنا القدامى فى القوى السياسية والوطنية المشهورة باسم "النخبة"، فنقول لهم: دقيقة كلام لله، وكفى صمتا على سياسات ومواقف وانحيازات هرمنا ونحن نرفضها ونقاومها ونناضل ضدها.

 

 



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023