رغم أنه اطلق نداءاته وتحذيراته لرجال الأعمال والمستثمرين بوجوب الدفع وإلا….، فإن صندوق تحيا مصر الذي توقع قائد الانقلاب المشير عبد الفتاح السيسي أن يجمع 100مليار جنية لم يتمكن سوي من جمع 6مليار جنية حسب تصريحات المشير نفسه نهاية العام الماضي إلا أنه ما يلفت الانتباه أنه حتي اللحظة لم يقول المشير ولا حكومته ولا اللجنة التي ادعي انه تم تشكيلها اين ستذهب هذه المليارات التي جمعها الصندوق والصناديق الأخرى التي سبقته ؟
الصندوق يفشل
قال قائد الانقلاب المشير عبد الفتاح السيسي نهاية ديسمبر الماضي أنه كان يهدف إلى أن تصل حصيلة صندوق "تحيا مصر" المخصص لدعم الاقتصادي المصري إلى 100 مليار جنيه، إلا أن الصندوق لم يجمع طوال الأشهر الماضية سوى من 5 إلى 6 مليارات جنيه.
وحسبما صرح قائد الانقلاب للأ هرام فأنه على الرغم من انه لم نجح سوي بجمع مبلغ ضئيل، إلا أن قيمه الدينية منعته من إجبار رجال الأعمال على التبرع بالقوة لصندوق تحيا مصر، حيث أجاب السيسي على سؤال يتهم رجال الأعمال بالتقصير ناحية الصندوق، قائلا: "مش حاخد من جيب حد غصب عنه، ولا بسيف الحياء.. القيم الدينية تمنعنى من هذا "
هتتبرع ولا….
وجهت للصندوق اتهامات عديدة بين أنه محاوله لابتزاز رجال الأعمال والمستثمرين وإجبارهم علي الدفع وإلا ستم فتح ملفات قديمة لبعضهم .
ففي تصرح لافت له حذر المهندس إبراهيم محلب، رئيس مجلس الوزراء، بحكومة الانقلاب في إحدى لقاءاته التلفزيونية، رجال الأعمال الرافضين للتبرع بفتح ملفاتهم القديمة.
وقال محلب، في لقاء سابق على قناة "النهار الفضائية": "حدثنا ضمائر الشعب لجمع تبرعات للصندوق، ولكننا سنتخذ خطوات أكثر، وسنفتح الملفات القديمة لمن لم يدفع للوطن حقوقه".
وتابع "أوجه كلمتي لكل مصري قادر، عليك أن تتبرع من أجل مصر فهي تحتاج إليكم.. فهناك مشروعات في حاجة إلى مئات الملايين لكي تبدأ عملها.
غير أنه لم يحدد هذه المشروعات وهل هي مستقبلية أم حالية وهل هي بمجالات معينه أم بكافة القطاعات الاقتصادية ؟
أما وزير الإسكان الأسبق حسب الله الكفراوي فقد قال فيما يبدو أنه تهديد لرجال الأعمال : “اللي ما يجيش بالتراضي، هييجى بالقانون، واللي ضميره ما يحركوش لأداء واجب، القانون هيحركه”.
وهو ما رد عليه ماجد بسيوني، الأمين العام للحزب الناصري قائلاً بإنه يجب عمل قائمة سوداء تكشف من يعادي مصر وليس من لم يتبرع، وأن القائمة السوداء تعد نوعًا من أنواع الإتاوة، مؤكدًا أنه من الممكن أن يكون هناك من أفسد مصر ولكن تبرعه لهذا الصندوق إخفاء لفساده.
من جانبه اعتبر الكاتب الصحفي عبد الحليم قنديل أن صندوق تحيا مصر لدعم الاقتصاد المصري إذا لم ينجح في جمع 100 مليار جنيه، سيكون ذلك بمثابة نكسة لحكم عبد الفتاح السيسي.
أما الإعلامي عمرو أديب، أبرز الاعلاميين الداعمين للانقلاب ، فقد طالب بعدم انتظار أحد بالتبرع من رجال الأعمال، قائلا "لا بد من تشغيلهم فى أعمال ومشاريع فى استثمار البلد للاستفادة منهم، لافتا إلى أن رجال الأعمال لا يفهمون لغة العواطف والوقوف بجانب مصر".
الصندوق ليس الأول
في 24 يونيو 2014 عندما أعلن السيسي عن تنازله عن نصف راتبه البالغ 42 ألف جنيه مصري ونصف ما يمتلكه من ثروة لصالح مصر في ظل الظروف الاقتصادية التي تمر بها، وكان إثر ذاك إعلان الرئاسة في 1 يوليو 2014 عن تدشين صندوق “تحيا مصر” تفعيلًا لمبادرة السيسي بالتبرع لمصر.
الصندوق ليس الأول، إذ بعد الانقلاب العسكري بأيام أنشأت حكومة الانقلاب ما أسمته صندوق دعم مصر 306306، والمؤسس بقرار حكومي خلال أغسطس الماضي، خاصة بعد تشكيل مجلس أمناء له برئاسة رجل الأعمال محمد الأمين، وإدارته من قبل الدكتور فاروق العقدة، محافظ البنك المركزي السابق، وتتولي مهمته تطوير العشوائيات وتنمية المناطق الأكثر فقراً.
وبحسب ما تم اعلانه فقد بلغت حجم أرصدة حساب صندوق دعم مصر 827 مليون جنيه فقط، منها 600 مليون جنيه بالمناصفة بين القوات المسلحة و مساهمات رجال الأعمال، و227 مليون جنيه تبرعات المواطنين؛ بعد تصريحات تم اطلاقها من قبل رئيس مجموعة صحاري، المهندس محمود حواس، في أحد الفضائيات، بتبرعه بنحو 2 مليار جنيه لدعم مصر، ليتفاجئ بعدها بأنها ستكون في صورة قروض.
وخلال فترة انشاء صندوق دعم مصر تم اقتراح تطوير مناطق تطوير مناطق شبرا و محافظات أسيوط وقنا وسوهاج، بالرغم من عدم تنفيذ أية منها حتي الآن .
نداءات لم يجيبها أحد
ورغم الدعاوى القضاية التي تم رفعها لكشف موارد الصندوق والمصادر التي ستوجه أمواله إليها بالإضافة إلي الكشف عن حقيقة ما تم تجميعه بها فإنه لم يتم الإلتفات إليها.
فقد سبق وطالب المهندس محمد أمين، المتحدث الإعلامي باسم حزب المحافظين، مسئولي صندوق ''تحيا مصر'' لدعم الاقتصاد المصري، بالإعلان بشكل شفاف وواضح عن الأرقام المالية الموجودة داخل الصندوق، متسائلًا ''أين سيتم إنفاقها؟، وما هو دور اللجنة التي تم تشكليها من قبل البنك المركزي والمكونه من رجال الأعمال وعدد من المستثمرين؟''.
واستنكر أمين -في تصريحات صحفية سابقة له – ما وصفه بـ''التعتيم'' الذي يخيم على أرقام التي جمعها صندوق ''تحيا مصر'' ، معتبرًا أنه حق من حقوق الشعب في معرفة ''أين يتم توزيع موارد مصر؟، وما هي الجهات التي ستنفق فيها موارد الصندوق؟، متساءلًا ''هل سيتم استخدام صندوق تحيا مصر للاستفادة منه في الموازنة العامة وسد العجز؟، وفي حالة سد عجز الموازنة العامة هل سيتم الاستمرار في رفع الدعم؟''.
وأشار أمين إلى أن المصريين شاركوا في مشاريع دعم اقتصاد مصر حبًا في الوطن وحفاظًا عليها من السقوط في الهاوية وحان الوقت لمعرفة حقوقهم وأين تم استغلالها؟
الصندوق وهم وسرقة فلوس الشعب
وكان استطلاع سابق لموقع "الجزيرة مباشر مصر كشف " أن 65.29% من المشاركين يرون أن الحملة على رجال الأعمال للتبرع لصندوق "تحيا مصر" تمثل ابتزازًا، بينما قال 20.48% إنها صراع، وقال 9.70% إن الحملة ضرورة، وانحاز 4.53% لخيار "أخرى".
وحاولت رصد استطلاع آراء مواطنون في ما وصل إليه الصندوق حتي الآن فقالت فاطمة عثمان نريد أن نعرف أين ذهبت الأموال التي تمّ جمعها لصالح صندوق (30/ 6-30/6) وصندوق تحيا مصر مضيفة لرصد أنها تري أن كل هذه الصناديق هي " نصب واختلاس لفلوس الشعب بطريقه شيك، وان ناس سرقت الوطن مش غريب انها تسرق فلوس الناس".
أما أحمد عيد صحفي فقال "صندوق تحيا مصرعبارة عن وهم مثل بقية المشاريعالتي سمعنا عنها تعتمد على شخص المشير السيسي فقط دون اي مؤسسيةحقيقية،مضيفا لرصد انها دعايةخالصة وليس هكذا تبنى الاوطان بالشعاراتوالكلام الجميل دون اي تخطيط حقيقي.
خبير:الصندوق وسيلة ضغط وابتزاز
وكان استاذ الاقتصاد محمد النجارقال في تصرحات سابقة لموقع DWعربية:"أنه لا جدوى اقتصادية لحملة جمع التبرعات لصندوق "تحيا مصر"، مضيفا أن التبرعات والكلام عن الضمير وإنقاذ الوطن هي أمور لا يمكن أن تكون ضمن السياسات الاقتصادية للدولة، لكنها قد تكون صالحة في حال جمع تبرعات للمشاريع غير الحكومية مثل مدينة زويل للبحث العلمي مثلا".
وأكد النجار أن حملة التبرع ليست إلا "وسيلة للضغط على رجال الأعمال" كما أنها "لن تساهم في إنقاذ الاقتصاد المصري، والأفضل أن يتمّ وضع سياسات ضريبية جديدة تزيد عدد المموليين، خاصة أن هذه الضرائب الجديدة ستكون موجهة للقادرين فقط، بحيث يتمّ تحصيل نسبة معلومة من الدخل بشكل يسهل معرفة طرق التحصيل وأوجه الإنفاق".
كما يشترط النجار أن يتزامن ذلك مع وضع سياسات لدعم غير القادرين.
وشدد النجار علي أن التبرع غير مفهوم من الناحية الاقتصادية، إلا إذا كان –التبرع- ذو طابع ديني أو روحاني، ويوضح "من الممكن تقبل فكرة التبرع إذا كانت الأموال ستخرج على سبيل الزكاة، وبالتالي يتم تحصيلها كنوع من التكافل الاجتماعي، لكن أن يكون التبرع سياسة لللدولة فأنا ضده على طول الخط".
كما يشير النجار إلى أن هذه التبرعات تأتي من "دون إرادة حرة"، بمعنى أن المتبرع يقدم على ذلك حتى لا يقال أنه ضد النظام مثلا، كما أن من يُقدِم على التبرع يفعل ذلك طمعاً في الدعاية وحتى يقال أنه من رجال الأعمال الوطنيين.
تساؤلات
وللآن وبعد مرور أكثر من6أشهر علي تدشين صندوق تحيا مصر وأكثر من عام علي صندوق دعم مصر لم تكشف حكومة الانقلاب ولا قائد الانقلاب المشير السيسي ولا رجال الأعمال الذين قدموا الملايين والمليارات للصندوق عن أين ذهبت هذه الأموال ولصالح من وأي مشاريع ستوجه إليها وهل هناك خطط مستقبليه لها أم لا وهل حقا تسرق مليارات المصريين علنا؟