حذر مركز البيت العربي للبحوث والدراسات من استمرار الدولة في نيتها تجاه رفع الدعم عن القطن بعدما أعلنت وزارة الزراعة، عن اعتزامها تطبيق السياسة التعاقدية بالنسبة للمحصول خلال الموسم القادم، مشدد علي ان نتائج تلك السياسات هي المزيد من الإفقار للشعب المصري، والتسبب في ردة عن تحقيق العدالة الاجتماعية.
وأوضح مجدي عبد الفتاح مدير المركز في التقرير الصادر اليوم أن تلك الإجراءات لا تتناسب مع طبيعة ملكية الأراضي الزراعية في مصر والتي تمتاز بتمركز الملكية الزراعية لصغار الفلاحين مشير إلي أن الفلاحون الذين يملكون فدانا فأقل يشكلوا نحو 56.9% من عدد الحيازات فى مصر، وحصتهم من الأرض الزراعية نحو 14.8%. أما مجموع من يملكون خمسة أفدنة فأقل فيبلغ نحو 4 ملايين حائز يشكلون 91% من مجموع عدد الحيازات، ويملكون 52.2% من الأراضي الزراعية فى مصر. ويشكل من يملكون عشرة أفدنة فأقل نحو 94.8% من عدد الملاك الزراعيين فى مصر، وحصتهم من إجمالي الأراضي الزراعية تبلغ نحو 62.8%.
وأكد في بيان تلقت رصد نسخة منه أن هؤلاء الفلاحون هم المسئولين عن زراعة المحاصيل الإستراتيجية التي تحتاجها مصر سوء علي المستوى الغذائي أو الصناعي
“عبد الفتاح” قال منذ أن اتجهت الدولة إلى سياسية الخصخصة بشكل عام والاستثمار الزراعي بشكل خاص استطاعت أن تنجح في إلغاء القيود علي القطاع الخاص في مجال إنتاج وتوزيع واستيراد مستلزمات الإنتاج الزراعي والتي تشمل الأسمدة والتقاوي والمبيدات إلي جانب إلغاء الدعم عن تلك المستلزمات ارتفعت تكاليف الإنتاج فى ظل المتغيرات التى واكبت السوق المصرية من تحرير التجارة وفقاً للاتفاقيات الدولية لتحرير التجارة والتي وقعت عليها مصر ( اتفاقية الجات ) والتي بدورها أدت إلى تحرير تجارة وأسعار مستلزمات الإنتاج من تقاوى وأسمدة وكيماويات ومبيدات.
وأضاف: هذا غير ارتفاع أسعار الإيجارات للأراضي الزراعية الذي أدي ذالك الي فقدان المزارعين قدرتهم علي شراء المستلزمات الزراعية وتحويل جزء كبير منهم الي عمال موسميين أغلبهم في مجال التشيد والبناء فكل هذه التكاليف وارتفاعها يمثل عبء علي صغار الملاك من الفلاحين وعلى زيادة المساحة المنزرعة قطناً ويؤدى في النهاية إلى انخفاضها.
وأشار بيان المركز إلى أنه عبر نحو عشرين عاماً تراجعت المساحة المزروعة بمحصول القطن من نحو 993 ألف فدان عام 90 – 1991 إلى نحو 340 ألف فدان فى 2011 – 2012 أى بما يقارب ثلث المساحة المزروعة فى عام 90 – 1991، كما تراجعت إنتاجية إلي 1.7 مليون قنطار بعد أن كانت 8.9 مليون قنطار خلال فترتي الثمانينيات والتسعينيات .
وتابع أنه وفق الهيئة العامة للتحكيم واختبارات القطن بالنظر الي تلك النسب يكون متوسط إنتاج الفدان 5 قنطار فقط في حين أن أقطان البيما الأمريكية وهي المنافس الأساسي للقطن المصري قد حققت تقدما ملحوظا فقد بلغ متوسط إنتاجية الفدان خلال العشر سنوات الأخيرة نحو 12قنطارا. ويرجع السبب إلي سياسات الولايات المتحدة الأمريكية لدعم محصول القطن باعتبار محصولا استراتيجيا
مدير المركز أوضح أن ما أعلنته الدولة من عقد اتفاقية ثلاثية بين الجهات المعنية بشأن القطن “المزارع والجمعيات والمصانع” تضمن أحقية المزارع في الحصول على نسبة ربح وان تقسم الأرباح بنسبة وتناسب بين الأطراف الثلاثة أو تقسم عليهم الخسائر فلا تتحملها جهة واحدة معلنة أن سعر قطن القنطار 1400 جنيه للوجه البحري و1250 للوجه القبلي وبحساب تكلفة زراعة الفدان الواحد من محصول القطن والذي يصل 6 الألف جنيه يشمل تكاليف الأسمدة والتقاوى وحرث الأرض وعمالة أنفار زرع وجنى القطن الذي يبدأ من مارس لينتهي في نوفمبر .
ولفت التقرير إلي أن الفدان الذي يصل إنتاجيته في أفضل الحالات 5 قنطار تكون أرباحه التي سيتم توزيعها علي الإطراف الثلاثة هي إلف جنيه أي أن نصيب الفلاح لن يتجاوز 350 جنيه عن فترة عمل تبلغ تسعة أشهر مما سيساهم بشكل كبير في تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية لقرابة مليون أسرة ريفية تعمل في مجال زراعة القطن الامر الذي سيدفع الى المزيد من عزوف الفلاح عن زراعة القطن والتوجه نحو الزراعة الاقل كلفة والاقصر في مدة زراعتها
وانتقد العربي للبحوث ما أعلنته الدولة من شراء 700 الف قنطار الموسم القادم أمر يؤكد انخفض الطلب المحلي بشدة على الأقطان المصرية نظراً لارتفاع أسعاره التي تفوق قدرة استيعاب المغازل المحلية واستبداله بالأقطان المستوردة الأقل سعراً و ذلك لاستكمال الطلب المحلي وحصة المغازل المحلية التي تصل قدرتها التصنيعية في الأوقات العادية إلي استهلاك كمية تقدر بحوالي من 150 ألف طن متري شعر إلي 200 ألف طن متري شعر .
واستهلكت المغازل المحلية من الأقطان المصرية لموسم 2012/2013 و حتى شهر أغسطس ما يقرب من 70 ألف طن متري شعر من الأقطان المصرية أي أن استخدامات الصناعة الوطنية من القطن المصري حاليا لاتتجاوز 15% من احتياجاتها الكلية
وتشير أرقام تقرير أعدته اللجنة العامة لتنظيم تجارة القطن إلي استيراد المغازل المحلية لنحو مليوني قنطار بأسعار تقل عن أسعار الأقطان المصرية بالرغم من انخفاض صفاتها الغزلية كثيرا عن الصفات الغزلية للاقطان المصرية لأنها مدعمة من بلادها.
وأضاف التقرير أن الحكومة تدعم المغازل المحلية التي تستخدم الأقطان المستوردة بما يعادل 225 مليون جنيه، مما يساهم في عدم الإقبال على استخدام القطن المصري.
وقال رئيس المركز أن تلك الأوضاع تدل علي عدم وجود رغبة حقيقية لدى الدولة للارتقاء بزراعة القطن وبتالي صناعة النسيج التي يعمل بها نحو ( 620 ) ألف عامل و أكثر من مليون عامل بطريقة غير مباشرة .يعانون نتيجة تراجع صناعة الغزل والنسيج من تردي أوضاعهم الاقتصادية والاجتماعية والتي ستعاني المزيد من التدهور في ظل تلك السياسات.