شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

تقدير موقف: اتجاهات الحل أمام الإسلاميين في مصر

تقدير موقف: اتجاهات الحل أمام الإسلاميين في مصر
في ظل انسداد آفاق الحل الذي يرضي الطرفين المتصارعين في مصر، يبدو الجميع سائرا باتجاه الحلول...
في ظل انسداد آفاق الحل الذي يرضي الطرفين المتصارعين في مصر، يبدو الجميع سائرا باتجاه الحلول الصفرية، فالضمان الأهم للسيسي ونظام العسكر الحالي هو إنهاء الإسلاميين، ولا يستطيع الإخوان ومن ورائهم الإسلاميون والثوريون أن يقبلوا بحل يضمن بقاء السيسي في المشهد. وطالما لم تتطور الأمور نحو الاضطراب الحقيقي في مصر فلا يتوقع أي نوع من التدخل الدولي. ضعف الإسلاميين وعدم استعدادهم ولا إعدادهم المسبق لخوض حرب مع الدولة يجعلهم في وضع المفعول به، وهو ما يسمح للنظام العسكري بمزيد من الوقت للتصفية كما يجعل حركة المقاومة في مصر ضعيفة ومشتتة وذات خبرات محدودة وربما تنتظر دخول عنصر جديد على الخط، ربما من التيار الجهادي الذي يزيد من رصيد تجاربه في سوريا وليبيا والعراق واليمن وغيرها. إلا أن هذه المحاولة ذاتها تتخوف من "الحاضنة الشعبية" في مصر.
 
هذه محاولة لتفكيك الصورة العامة المشتبكة، من وجهة نظر التيار الإسلامي، تتناول الآتي:
 
 
المشهد الإقليمي:
 
1- العلاقات مع السعودية
2- العلاقات مع إيران
3- العلاقات مع تركيا
4- العلاقات مع ليبيا
5- العلاقات مع حماس
6- العلاقات مع قطر
 
مستقبل المنطقة:
 
1- مشهد الشام والعراق
2- القوى الإقليمية (إيران، تركيا)
3- المنطقة ضمن المشهد العالمي
4- الاتجاهات الإسلامية
 
اتجاهات الحل:
 
1- الحلول الوسط وآفاق المبادرات
2- الحلول الجذرية وآفاق المخاطر
 
 
(1)
 
المشهد الإقليمي
 
ما يستفاد من التقارير الغربية المنشورة في مراكز الأبحاث وبعض المواقع والصحف الجادة أن أمريكا ترفع يدها تدريجيا عن التدخل في التفاصيل، وربما تسلم إيران مهمة "شرطي المنطقة"، أو أنها تريد الحفاظ على التنازع بين محورين في المنطقة؛ الأول: تقوده إيران ويشمل الإمارات والعراق وسوريا ولبنان واليمن، والثاني تقوده تركيا ويشمل السعودية وقطر وباقي دول الخليج. والنزاع الآن بين المحورين قائم على مصر، التي ستعطي ثقلا كبيرا لأي المحورين إن انضمت إليه، خصوصا بعمقها البشري والثقافي، مع بقاء دور الجيش في الحفاظ على إسرائيل وعلى كونه الفاعل الأقوى في المشهد المصري.
 
وهنا نشير إلى مجمل التطورات الحادثة في المنطقة من وجهة نظر النظام المصري.
 
1.1: العلاقات مع السعودية
 
لا ريب أن علاقات نظام الانقلاب العسكري مع السعودية تتراجع جزئيا، والأدلة الصريحة على ذلك حاضرة في غياب ذكر السعودية من عبارات الشكر التي وجهها السيسي في خطابه الأخير (1/3/2015)، وتناول بعض الإعلاميين التابعين للنظام الملك السعودي بسوء وتهديدهم بتمتين العلاقات مع إيران، وكذلك تغير لهجة الإعلاميين والصحافيين التابعين للنظام السعودي من السيسي والنظام المصري. وقد نقل ديفيد هيرست –وهو الخبير بالشأن السعودي- أنه منذ مرض الملك السابق بدأت محاولات مصالحة اتصل فيها سياسيون سعوديون بمعارضين مصريين (يُظَنّ بجمع المعلومات والإشارات أنه: أيمن نور) للتواصل مع الإخوان.
 
وقد صرح سفير النظام في اليمن –بعد سيطرة الحوثي- بأن العلاقات مع الوضع الجديد في اليمن متميزة وأن صنعاء تشهد حالة من الأمان، لكن يبدو أن غضبة سعودية جعلت مصر تغلق سفارتها في صنعاء بعد يومين من هذا التصريح.
 
1. 2: العلاقات مع إيران
 
ليس ثمة علاقات علنية واضحة بين النظام في مصر وبين إيران، لكن كلما ذُكِر الإرهاب وذُكِر تنظيم الدولة كان النظام في مصر صريحا في دعم موقف الحكومة العراقية، وقد حدثت زيارات متبادلة بين مسؤولين عراقيين إلى القاهرة ومصريين إلى بغداد، مما يعني أن العلاقات مع إيران تغطى بالعلاقات مع العراق.
 
ثم كادت تفتح طريق جديدة مع نظام الحوثي في اليمن، لولا أن غضبة سعودية –فيما يبدو- سارعت إلى المشهد فدفعت النظام المصري إلى إغلاق سفارته في اليمن.
 
1. 3: العلاقات مع تركيا
 
بدت الحالة في تركيا تشير بقوة إلى بدء علاقات بين النظام التركي وبين نظام الانقلاب، وتوج هذا بتصريح مشهور لنائب رئيس الوزراء التركي، والتضييق التركي على الحالة المصرية في تركيا، وصار مشهورا أن القنوات التي تبث من تركيا ستغلق. لكن وفاة عبد الله (23 يناير) ثم التطور النوعي في الثورة المصرية (25 يناير) أعادت العلاقات إلى الواقع القديم: القطيعة السياسية الكاملة.
 
1. 4: العلاقات مع ليبيا
 
العلاقة المصرية الليبية منهارة، وقد بدأ هذا في التدرج منذ الاعتراف ببرلمان طبرق وحكومته ودعمها بالسلاح والتدريب العسكري، ثم حشد الدول الإقليمية للاعتراف بها كما في اجتماع وزراء خارجية مصر وتونس والجزائر، ثم بلغت الأمور ذروتها بالقصف الجوي المصري المعلن على درنة، وبشكل معلن فإن مصر هي الدولة الوحيدة التي تؤيد توجيه ضربة عسكرية لليبيا، وطلبت هذا من مجلس الأمن، ثم انضم لها في هذا الموقف الأردن والإمارات.
 
1. 5: العلاقات مع حماس
 
تفيض المصادر والتقارير الإسرائيلية بالثناء على السيسي وسياسته تجاه قطاع غزة وحركة حماس، وكان تتويج هذا بالأحكام القضائية المختلفة التي اعتبرت كتائب عز الدين القسام منظمة إرهابية (يناير 2015)، ثم حركة حماس نفسها منظمة إرهابية (28/2/2015). لكن هيئة قضايا الدولة –ممثل الحكومة المصرية قضائيا- تقدم بطعن على هذا الحكم بتاريخ (11/3/2015). وربما كان هذا بضغط سعودي بعد أن تغيرت السياسة السعودية تجاه حماس.. إلا أن الثابت والاستراتيجي هو العداء المتبادل بين النظام العسكري وبين المقاومة في قطاع غزة، وهو ما تعبر عنه سياسة الحصار والإغلاق الدائم لمعبر رفح.
 
1. 6: العلاقة مع قطر
 
ليس من شك في أن العلاقات المصرية القطرية تعتبر في حكم المنهارة بعد موت الملك عبد الله، ومتابعة أرشيف الأخبار والتصريحات المتبادلة تشير إلى أن النظام القطري يزيد في تعميق الأزمة ويذهب بها نحو القطيعة، ويفسر هذا بالتنافس الإماراتي القطري على النفوذ في مصر، كما يُفسر أحيانا ببحث قطر عن مكان في مصر لا يستطيع النظام الحالي توفيره. فيما يحاول النظام المصري شراء الود القطري بثمن لا يُزعج الإمارات فيما يبدو، مع استشعاره الخطر منها في ملف دعم الإسلاميين الذي يهدد وجوده. وكانت قناة الجزيرة هي الصوت الأعلى في إبراز التسريبات الخاصة بدول الخليج ومنحها مساحة واسعة من التغطية أكبر بكثير مما فعلته القنوات السعودية.
 
 
(2)
 
مستقبل المنطقة
 
تزخر المنطقة بكثرة البؤر الساخنة والمناطق الملتهبة، وكثير من المناطق التي لا تعاني مشكلة مشتعلة فإنها تنذر باشتعال قريب، حتى إنه ليصعب تحديد منطقة في العالم العربي محصنة من أن تتحول إلى منطقة مشتعلة في السنوات القليلة المقبلة.
 
هذا وإن كان يمثل عبئا كبيرا في نفسه ومسؤولية كبرى على أصحاب الرسالة وأهل الرأي وقيادات الحركة الإسلامية، إلا أنه يعبر عن مزية وفرصة تاريخية لحالة خروج الأمة –في قلبها العربي لا في الأطراف البعيدة- من حالة الوهن والغثائية، وتطلعها إلى تغيير واقعها، فهي فرصة بقدر ما هي مسؤولية على عاتق الكيانات الدعوية والإصلاحية والثورية جميعا.
 
وذلك أن استقرار الوضع على ما كان عليه إنما يصب في مصلحة أعداء الأمة لا في مصلحة الأمة، بخلاف حالة السيولة والتغير والفوران التي لا يمكن لأحد مهما كان التحكم فيها ولا تحديد نتائجها على وفق إرادته.
 
2. 1: مشهد الشام والعراق
 
يبدو مشهد الشام والعراق الأكثر التهابا وسخونة، والمرشح الأكبر للانفجار ولتغير صورة المنطقة، وتتوقع التقارير الاستخبارية والاستراتيجية أن تكون هي محطة التغيرات المستقبلية في المنطقة.
2. 1. 1: ظاهرة غياب الحسم
المتركزة أساسا في منطقة الشام والعراق، والتي تشهد انهيار "الدولة القومية" التي وضعها الاستعمار الأنجلو فرنسي لتتحول إلى النموذج اللبناني (توزع مراكز القوى على مجموعات دينية أو طائفية أو عرقية أو قبلية).. لكل قوة مركز لا يمكن هزيمتها فيه ولا تستطيع التمدد خارجه:
  
– حزب الله يستند إلى الشيعة في جنوب لبنان
– البشمركة للأكراد في الشمال
– الإسلاميون في ليبيا في برقة
– داعش إلى العرب السنة في المشرق.
 
2. 1. 2: تغير الحدود / إعادة التقسيم
ومن هنا تنهار الحدود المصنوعة وتنشأ حدود أخرى طبيعية.
ولا يمكن لأحد أن يسيطر على هذه الحالة من الصراع لأنها مشكلات عميقة ولها مراكز جغرافية وقبلية (سوى تركيا وإيران نوعا ما بالنسبة للأكراد والشيعة)[5].
 
2. 1. 3: التيار الجهادي مرشح للتمدد
 
المرشح الوحيد للتمدد خارج الحدود هو الجماعات الجهادية السنية، لانتشار العرب السنة على مساحة واسعة جغرافيا، وسيؤثر هذا على الدول التي استقر فيها نظام الدولة القومية لا سيما إن بدت قبضة الدولة تتراجع أو تعاني ضعف الشرعية (سيناء في مصر، وربما المنطقة الشرقية في السعودية).
 
المحصنون من هذا التغير هم تركيا وإيران بشكل أساسي، لانغلاق ثقافتهما (اللغة وشعبية النظام في تركيا، واللغة واختلاف المذهب في إيران).
 
وبالجملة فالحلول المطروحة بقوة ضمن التقارير المنشورة هي عدم التدخل العسكري الأجنبي المباشر، وإنما تدريب وتمويل القوات العراقية أو قوات المعارضة السورية "المعتدلة" أو دفع الأتراك أو العرب للحرب للقضاء على التيار الجهادي في سوريا والعراق[7]. وذلك ينسجم مع تقارير أخرى تتوقع انهيار "تنظيم الدولة" من داخله مع طول الوقت وكثرة الجبهات وتطرفه العنيف الذي سيؤدي لانقساماته الداخلية من تلقاء نفسه.
 
2. 2: القوى الإقليمية (إيران، تركيا)
 
باتفاق جميع التقارير، ليس في المنطقة سوى إيران وتركيا كقوى إقليمية، ويأتي بعدهما بكثير: مصر والسعودية إذا تحققت شروط تبدو عسيرة في المدى المنظور لما تعانيه البلدان من حالة غير مستقرة.
 
2. 2. 1: تركيا
مَثَّل موت الملك السعودي فسحة كبرى للنظام التركي الذي كان فيما قبل هذه اللحظة يعاني وضعا صعبا في كافة الملفات: ففي الملف المصري سار نظام أردوغان في معاداة السيسي إلى حد جعل الرجوع في غاية الصعوبة، وفي الملف الليبي عانى النظام الليبي المدعوم من قبل تركيا من أزمة حفتر ثم أزمة عدم الاعتراف الدولي به والاعتراف بشرعية برلمان طبرق، مع التأزم القائم في الملف السوري، وفي العلاقات الخليجية ما عدا قطر.
 
كذلك فإن أمريكا والاتحاد الأوروبي ظهرا طوال الفترة الماضية وكأنهما يتعمدان إهمال تركيا وعزلها، فتراجع عدد السياسيين والزوار الدبلوماسيين إلى تركيا بشكل لافت. ويطالب السفير الأمريكي السابق في سوريا روبرت فورد الأمريكان بتمتين العلاقات مع تركيا وإنهاء احتضان الأمريكان للأكراد الانفصاليين لعل ذلك يدفع تركيا نحو غلق الحدود أمام المنضمين للدولة الإسلامية والتوقف عن دعمهم لمحاربة هؤلاء الانفصاليين.
 
صحيح أن تركيا تتمدد خارج هذا الإقليم، لدى جمهوريات آسيا الوسطى، والآن في إفريقيا –وتحديدا في الصومال- إلا أن هذا بعيد عن المنطقة وتأثيراتها.
 
لكن تغير السياسة السعودية (وبالتالي البحرينية، وبشكل أقل الكويتية، ثم بشكل أقل: العُمَانية) تمهد لصناعة ما يراه المحللون محورا جديدا في المنطقة يصل بين قطر والسعودية وتركيا في مقابل المحور الإيراني العراقي السوري الإماراتي وربما المصري والأردني أيضا.
 
ونزاع هذين المحورين سيتركز في: سوريا، اليمن، مصر، ليبيا بشكل أساسي.. فيما قد يتفق المحوران في الملف العراقي للقضاء على "تنظيم الدولة".
 
وثمة رغبة إسرائيلية واضحة في توريط تركيا في الحرب مع تنظيم الدولة الإسلامية.
 
وفي هذا الأسبوع استقبلت إيران وزير خارجية الأردن، واستقبلت العراق وزير الدفاع التركي، بالإضافة إلى تصريح مستشار روحاني بأن فارس قد عادت كما كانت في التاريخ امبراطورية وعاصمتها بغداد (وهذا يفيد ضمنا بأن بغداد لم يعد ينازع عليها إيرانَ أحدٌ).
 
2. 2. 2: إيران
ظاهرة التمدد الإيراني صارت حقيقة لا جدال فيها، ولكن تختلف التحليلات حول ما إذا كان هذا دليل قوة وتوسع، أم هو دليل ضعف وتراجع لأن القوات الإيرانية دخلت تقاتل بنفسها في كل من العراق وسوريا مما يشير إلى انهيار أدواتها في هذه المناطق.
 
بينما يمثل الوضع اليمني تمددا قويا للدولة الإيرانية ومشروعها في المنطقة.
 
وتبدو الجبهتان –البحرينية والشرق سعودية- هادئتان في هذه الفترة، فيما يتوقع كاتب هذه السطور اشتعال أحدهما أو كليهما في الفترة المقبلة في إطار النزاع الإيراني السعودي، ومحاولة إيران توسيع نفوذها.
 
ولا تخفي بعض التصريحات الإيرانية هذا التمدد، فمنذ سقطت صنعاء بيد الحوثيين قال مسؤول إيراني بأنها العاصمة العربية الخامسة التي صارت تابعة لإيران، كما صرح علي يونسي (9/3/2015) مستشار الرئيس الإيراني روحاني بأن إيران عادت إمبراطورية كما كانت عبر التاريخ وعاصمتها بغداد.
 
وتتوقع تقارير كثيرة قرب التوصل لاتفاق بشأن السلاح النووي الإيراني[13] تحصل فيه إيران على الحق في تخصيب اليورانيوم حتى نسبة معينة وأن إدارة أوباما أكثر تقبلا وأقل تشددا من سابق موقفها، وستضطر إسرائيل للتعايش مع الوضع الجديد الذي لا مفر منه[14]، وهذا الاتفاق النووي سيغير الموقف العالمي من إيران، فيزيد نفوذها في المنطقة، وربما –كما يتوقع البعض- تعود شرطي المنطقة[15] كما كان مأمولا منها أيام الشاه.
 
ويتوقع تقرير متخصص في الشأن الإيراني أن إيران قد تتنازل أكثر –عمليا لا علنيا- فيما يخص القضية الفلسطينية، ويرصد وجود تحول في الخطاب الإيراني بشأنها. وهذا يعزز أكثر علامات تعظيم النفوذ الإيراني في المنطقة. ويبدو أن إسرائيل تحاول ما استطاعت عرقلة تسليم المنطقة لإيران وبدا هذا أكثر وضوحا في الخلاف الإسرائيلي الأمريكي الذي ظهر للعلن في خطاب نتنياهو في الكونجرس رغم رغبة أوباما بعدم التعرض للملف الإيراني.
 
2. 3: المنطقة ضمن المشهد العالمي
 
يتوقع تقرير المخابرات الأمريكية (2030) تراجع القوة الأمريكية وتنامي القوة الصينية، ومن ثم سيتغير النظام العالمي نحو بنية جديدة، مع بقاء القوة الأكبر لصالح أمريكا، وهي التي ستكون صاحبة النفوذ في المنطقة العربية، بينما ستتقاسم هي والصين النفوذ في آسيا. لكنها لن تلعب في كل النزاعات دور "شرطي" العالم.
 
وبشكل عام فإن التقارير والتحليلات ترجح أن أمريكا لن تتدخل بريا في أي صراع قادم طالما لم يهدد: أمن إسرائيل، أو منابع النفط، أو أمن أوروبا. وأما الآراء الأخرى التي تناقض هذه السياسة وتدعو لبقاء وزيادة الهيمنة الأمريكية الكاملة على المنطقة فإنها ترشح هذه الدول لتكون قاعدة تعاون مع أمريكا (تونس، مصر، المغرب، الأردن، العراق، إسرائيل).
 
وثمة مقترح إسرائيلي خلاصته أن أخطر شيء يمكن أن يفعله الغرب في المنطقة هو تعزيز الديمقراطية، ويقترح بديلا عن ذلك أن يسمح بتنمية اقتصادية (= تكبير وتقوية ودعم النخبة الطبقة الرأسمالية الملتصقة بالغرب) في الشرق الأوسط، وإن كان ولا بد فبعض الحريات والإصلاحات السياسية المحدودة من خلال حكومات ذات توجه ليبرالي أو شبه ليبرالي. مع الاعتراف بأن مشكلة الشرق الأوسط عميقة ومعقدة ولن تحل غدا وليس فيها خيارات صحيحة واضحة. ويتفق مع هذه الرؤى خبراء عسكريون واستراتيجيون أمريكيون وتقارير صحفية.
 
2. 3. 1: الضعف الاقتصادي
 
وهذا سينتج عن عدد من العوامل أهمها:
 
– ضعف دور النفط الذي ستتصدر أمريكا قائمة الدول المنتجة له، وتوفر مصادر بديلة للطاقة.
– تنامي الطلب على الماء والغذاء (وهي سمة عالمية) لكن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تحديدا ستعاني من موجات من التصحر وضعف في الموارد. وقد كشفت الوثائق الاستخباراتية المسربة من جنوب إفريقيا –والتي تنشرها الجارديان والجزيرة- أن إسرائيل عملت لعقود على تجفيف النيل من خلال نباتات صناعية تمتص المياه.
 
2. 3. 2: الأزمة الاجتماعية
 
ستنتج هذه الأزمة عن عدد من العوامل يرصدها تقرير المخابرات الأمريكية أهمها:
–       اتساع الفجوة بين الأغنياء والفقراء داخل البلاد العربية.
–       تنامي موجة الهجرات الداخلية والخارجية، مما سيؤدي إلى فجوة بين الحضر والريف أو البادية. كما سيؤدي إلى سوء معاملة المهاجرين وانتهاك حقوقهم.
–       تنامي النزعات العرقية.
–       زيادة عدد الشباب في الدول العربية (خصوصا اليمن وفلسطين والأردن) مع ضعف الموارد.
 
2. 4: الاتجاهات الإسلامية
 
يتوقع تقرير المخابرات الأمريكية أن يتنامى حجم وقوة التيارات الدينية "المتطرفة" (من وجهة النظر الأمريكية)، خصوصا في مصر. ويقول التقرير بأنه بقدر ما فشلت الدولة في إدارة البلاد بقدر ما تعظم قوة الحركات الدينية، ويتوقع التقرير أن يزيد فشل الدولة وتزيد قوة الحركات الدينية.
 
كما يتوقع التقرير قدرة هذه الحركات على امتلاك أنواع من الأسلحة النوعية، خصوصا في المجال الإلكتروني والبيولوجي، كما يتوقع أنه بحلول عام 2030 سيتراجع "الإرهاب الإسلامي" لكنه لن يموت.
 
ويخلص التقرير إلى أن مستقبل المنطقة سيعتمد على:
 
–       طبيعة التوجهات للحركات الإسلامية
–       مدى ضعف الحكومات
–       تنامي النزاعات الإثنية
–       امتلاك إيران لسلاح نووي
–       انخراط الإقليم في العولمة
 
تسوية النزاع العربي-الإسرائيلي، ورغم تضاؤل عوامل التسوية في القضية الفلسطينية إلا أن التقرير يرجح قيام دولة فلسطينية في حدود عام 1967 (إلى حد ما).
 
***
 
ومن وجهة نظر كاتب هذه السطور فإن توقع الأمريكان واعترافهم بتراجع دورهم وقوتهم هو في ذاته فرصة ممتازة لكل صاحب مشروع ورسالة. بينما تكمن الخطورة في أن هذه الظروف (زيادة دور الدين، وضعف دور الدولة، واحتمالية تنامي حركة إسلامية "متطرفة") توحي بأن التوقع القادم هو أن تُستعمل "حركة إسلامية معتدلة" في احتواء الآثار السلبية (على الأمريكان) من تنامي المد الإسلامي.
 
 
(3)
اتجاهات الحل
 
بشكل عام يُلاحظ في الصحافة الغربية والأمريكية هجوما متكررا على السيسي، لا يعني هذا شيئا ذو بال دائما، لكن المتكرر فيها بشكل يلفت النظر هو التخوف من إعادة إنتاج الثورات أو الحركات الجهادية نتيجة لاستبداده. ولا ينفي هذا بطبيعة الحال أن ثمة تقارير أخرى تدعو للاعتماد عليه وترسيخ حكمه. وما يجمع بين هذه التقارير هو اهتمامها بدعم الاقتصاد المصري لا من خلال تحسين الوضع العام بل من خلال زيادة مساحة الاستثمارات الأجنبية وحرية التجارة، وهو ما يعني أن كلا الفريقين يتفقان على تكرار التجارب الرأسمالية التي تتآكل فيها الطبقة الوسطى (التي تصنع الثورات) لحساب ترسخ واتساع نفوذ الطبقة الرأسمالية المتغربة. ولذا تجد خطواته الاقتصادية مثل رفع الدعم ترحيبا عاما.
 
3. 1: الحلول الوسط وآفاق المبادرات
 
فيما قبل وفاة الملك عبد الله لم تكن ثمة مبادرات حقيقة مطروحة للوصول إلى حل وسط، والآن تشير كثير من التقارير إلى أن تغير السياسة السعودية سيمكن المحور السعودي التركي القطري من تحريك الملف المصري نحو مبادرة حقيقية، تصنع نقطة صفر جديدة للنظام السياسي المصري ليعود الإخوان كمشارك في النظام من خلال تمثيل برلماني وبعض الوزارات، وأقصى حالات هذا الوضع أن يعود مرسي نفسه في ظل تفاهم جديد على الصلاحيات بينه وبين العسكر وبين النخبة العلمانية. والحد الواضح الذي ترسمه التقارير هو انتهاء الثورة المصرية وصياغة وضع جديد لا يُعد انتصارا للثورة ولا هزيمة للعسكر.
 
3. 1. 1: الموقف السعودي
يرجح تقرير مركز ستراتفور الاستخباراتي –ويسنده في هذا تقارير أخرى- بأن التغير في الموقف السعودي تجاه الإخوان لا يعبر عن تغيير حقيقي بقدر ما يعبر عن وجهة النظر التي تقول "يمكن السيطرة على الجماعة من خلال احتوائها"، ويجمل المركز أسباب عدم إمكانية تغير الموقف تغيرا حقيقيا بـ:
 
– نظام الحكم السعودي ملكي بينما التصور الإخواني للنظام السياسي جمهوري
– اعتماد السعودية على الحالة السلفية وهو الأفضل بالنسبة لها.
 
كما يجمل الأسباب التي تقوي وجهة النظر القائلة بأنه احتواء بـ:
 
– الحاجة لمقاومة الخطر العاجل: تنظيم الدولة الإسلامية، وقد حدث سابقا أن احتوت السعودية الإخوان لمواجهة المد اليساري الذي كان يمثله عبد الناصر.
– التحالف الحقيقي مع الإخوان يترتب عليه مخاطر ليست السعودية على استعداد لتحملها.
 
كذلك فإن ثمة تصريحات أمريكية من مسؤولين وصحف مشهورة بأن الملك الجديد "مصلح ومستعد تماما لتحمل المسؤولية" وأنه "معتدل على نهج سابقه عبد الله".
 
3. 2: الحلول الجذرية وآفاق المخاطر
 
الاتجاهان الكبيران للحلول الجذرية يتمثلان في: الانسحاب والاعتراف بالعجز عن خوض المعركة. أو تطوير التصعيد نحو المواجهة المسلحة بعدما ظهر أن الحراك السلمي لم يؤثر تأثيرا حاسما على بنية النظام ولم يدفع أي طرف دولي للتدخل لإعادة ترتيب المشهد فضلا عن إسقاط الانقلاب.
 
3. 2. 1: الانسحاب
لا يسع قادة الحراك الحالي أن يعلنوا انسحابهم هكذا من طرف واحد، سيكون هذا إعلانا بالهزيمة من جانبهم، ونصرا كاملا لنظام الانقلاب العسكري، ولن يترتب على هذا أي مكاسب، بل سيحفز هذا النظام لارتكاب مزيد من الخطوات نحو تصفية "الإسلام السياسي" وطي ملفه تماما.
 
ومن ثم فإن التفكير في الانسحاب يستوجب التفكير في "أفضل الطرق لتنفيذ الانسحاب"، ومن وجهة نظر كاتب هذه السطور فإن قرار الانسحاب لا بد أن يسبقه قرار بالتصعيد يُفضي إلى جلوس الأطراف على مائدة التسوية لتحقيق الانسحاب بأفضل طريق، تماما كما صنع سيدنا خالد بن الوليد في معركة مؤتة، فلقد اتخذ قرارا بالانسحاب من المعركة ولكنه مهد له بهجمة واسعة قوية وإيهام العدو بأنه قد جاءت له الأمداد وتغييرات واضحة في وجوه قادة الجيش، حتى إنه لما انسحب ظن الروم أنه كمين فلم يتبعوه حتى وصل إلى المدينة.
 
فسواء تحركت مبادرة ما من دولة أو من نظام نحو تحقيق التسوية، أو لم تكن ثمة مبادرة على الإطلاق، فإن الحراك السياسي لن يكون جزءا من أطراف التفاوض والتسوية إلا إذا صعَّد من حركته على الأرض إلى الحد الذي يجبر أي مبادرة على الاستماع له كطرف (لا إجباره واتخاذ وجوده في تركيا وقطر كوسيلة ضغط عليه من هذه الأنظمة أو غيرها) أو تحسين شروط التسوية إن كان ثمة مبادرة في الأفق.
 
وساعتئذ يكون هذا التصعيد هو خطوة تكتيكية من أجل الانسحاب.
 
3. 2. 2: المواجهة المسلحة / الفوضى
قرار التصعيد نحو المواجهة المسلحة أو الفوضى هو القرار الحاسم في إنجاح الثورات أو إزالة الانقلابات بطبيعة الحال، ولكن كلفته عالية، وبين هذين العاملين يعمل القادة على التخطيط والنظر والحركة.
 
وبالنظر العام لمصلحة الأمة على المدى البعيد، فإن كل تفكيك للدولة المصرية ومؤسساتها يصب في مصلحة الأمة، وكل فوضى في مصر هي –رغم تكلفتها العالية على الناس- مضرة بالعدو أكثر من إضرارها بالأمة، لأنها تفلت البلاد من سيطرته وتفكك منظومته التسلطية: العسكرية والأمنية والاقتصادية. ثم إن عدو الأمة سيلجأ إلى حل الفوضى هذا إن عنَّ له أن البلاد تخرج من سيطرته إلى سيطرة الإسلاميين، ومن ثمَّ فإن مرحلة الفوضى هي مرحلة ستقبل عليها الأمة في كل الأحوال، إن بيدها أو بيد عدوها.
 
وأما النظر القصير وتقدير الإمكانيات ورسم التكتيك فهذا أمر يخضع لتقدير موقف منفصل وأكثر تفصيلية.


تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023