أزمة جديدة تفتح ملف الإهمال الطبي بالمستشفيات الحكومية وخاصة في حضانات الأطفال، وذلك بعد وفاة 6 أطفال، من بينهم 3 توائم، داخل قسم الحضانات بمستشفي الدمرداش بالعباسية، الأحد الماضي، اتهم أهالي الأطفال المستشفى والأطباء بالإهمال الطبي، ما تسبب في وفاتهم.
وكشفت تحقيقات النيابة، أن المسؤولين بالمستشفى رفضوا حجز الأطفال بالحضّانات، واكتفوا بوضعهم داخل غرفة الملاحظة، وذلك بدعوى أن حالتهم الصحية مستقرة، إلا أن التحريات أرجعت ذلك إلى عدم وجود أماكن بالحضانات.
وأكدت التحقيقات، أن حالة الأطفال الستة كانت مستقرة عقب الولادة، وقام الأطباء بحجزهم داخل غرفة الملاحظة، وبعد 6 ساعات فقط تدهورت حالتهم الصحية وتوفوا في توقيت متزامن.
ومن بين الأطفال الستة، 3 توائم وضعتهم إحدى السيدات بحالة صحية جيدة، وتوفوا واحدًا تلو الآخر، وبعد ذلك توفي 3 أطفال آخرين حديثي الولادة في ظروف مشابهة للواقعة الأولى.
ودفعت الأزمة وزير التعليم العالي، الدكتور السيد عبدالخالق، زيارة مستشفي الدمرداش التابعة لجامعة عين شمس، لتفقد قسم الحضانات والوقوف على حجم الإهمال به.
وأرجع عبدالخالق، الأزمة إلى أن الطلب على المستشفى أكثر من المتاح، مشيرًا إلى أنه تفقد قرابة الـ45 حضانة الموجودة داخل المستشفى، ووجدها كاملة العدد.
وقال وزير التعليم العالي -صاحب تصريح “مصر تمتلك مستشفيات أفضل من الموجودة في بريطانيا”- إن الدكتور عبدالوهاب عزت، نائب رئيس جامعة عين شمس لشئون خدمة المجتمع وتنمية البيئة، رافقه في الزيارة وأكد له أن مستشفى الجلاء مغلق، وهذا سبب توافد الحالات على مستشفى النساء والتوليد، وأن “إدارة المستشفى هاتفت رقم 137 الخاص بمستشفيات ووزارة الصحة إلا أنه لم يتم الرد”.
مسلسل لا ينتهي
ولم تكن هذه هي الحادثة الأولى من نوعها، ففي مستشفى قصر العيني الفرنساوي، توفي ما يقرب من 20 طفلًا بسبب انقطاع التيار الكهربي، في سبتمبر الماضي، وذلك بحسب شهادات أطباء من داخل المستشفى نقلتها الناشطة المسيحية ماجي مجدي، عضو حركة “مسيحيون ضد الانقلاب”.
وفي نوفمبر الماضي، شهد أحد المراكز الطبية الخاصة كارثة طبية وإنسانية؛ حيث تفحمت طفلة تمامًا داخل الحضانة نتيجة انفجار حدث في أنبوبة الأكسجين الخاصة به، أدى إلى اشتعال النيران بها، ومن ثم مصرع الطفلة الرضيعة.
قلة الحضانات وارتفاع التكلفة
ووفقًا لإحصائيات وزارة الصحة، فإن عدد المواليد في مصر عام 2010 وصل إلى مليونين و382 ألف مولود، 10% منهم (أي 238200 مولود) يحتاجون إلى حضّانات فور ولادتهم، إلا أن إجمالي عدد الحضّانات المتوافرة في المستشفيات الجامعية والطب العلاجي وهيئة المستشفيات والمعاهد التعليمية، وأمانة المراكز الطبية المتخصصة والتأمين الصحي والمؤسسة العلاجية يبلغ 3689 حضانة، وتخدم الحضّانة الواحدة 30 طفلًا سنويًا، بإجمالي 111 ألفًا، ما يعني أن هناك أكثر من 127 ألف طفل ليس لهم مكان في الحضّانات الحكومية ويتعرضون للموت سنويًا بسبب النقص الشديد في حضّانات الأطفال المبتسرين.
وبحسب الخبراء والأطباء، فإن هناك شروطًا يجب توافرها في الحضّانات، منها: ألا تقل المسافة بين كل حضّانة والأخرى عن 6 أمتار تجنبًا لحدوث عدوى بين الأطفال، وتوفير ممرضة لكل طفلين على الأكثر، كما أن الحد الأقصى للأطفال الذين يتم وضعهم على السيرفو، وهو جهاز لتدفئة الأطفال بعد الولادة، يوضع عليه الطفل لمدة لا تزيد على بضع ساعات لحين توافر حضّانة فارغة، هو طفلان، إلا أن المستشفيات لا تلتزم بهذه الشروط لضعف الإمكانيات؛ حيث توفر على سبيل المثال ممرضة واحدة لكل 8 أطفال، كما يضعون 5 أطفال في الوقت نفسه على السيرفو.
يلجأ الأهالي إلى المستشفيات والمراكز الطبية الخاصة لإنقاذ حياة أبنائهم، وهو ما يجعلهم يتحملون تكلفة عالية تفوق طاقتهم المادية في كثير من الأحيان؛ حيث لم يعد يقتصر الأمر على مجرد التكلفة اليومية التي تتراوح ما بين 300 و500 جنيه في اليوم الواحد، بل إن المستشفيات تتفنن في زيادة التكلفة تحت مسميات مختلفة، منها مستلزمات طبية، وأدوية، وفحوصات، وأمور أخرى قد تتجاوز الألف جنيه يوميًا.
مصادرة الجمعيات الخيرية
ازدادت معاناة الأهالي بعد قرار الحكومة بمصادرة الجمعية الطبية الإسلامية بفروعها الـ28، في يناير الماضي، والتي تحتل المرتبة الأولى من حيث عدد الحضانات على مستوى العالم؛ حيث تمتلك 1090 حضانة، منتشرة في 18 محافظة، في الوقت الذي لم تتجاوز فيه عدد الحضانات بمستشفى قصر العيني 25 حضانة تتكلف الليلة الواحدة فيها نحو ألف جنيه، بينما تقدمها الجمعية مجانًا.
وسبق ذلك، قرار الحكومة بتجميد ومصادرة 138 فرعًا من فروع الجمعية الشرعية، والتي يتوفر بمستشفياتها والمراكز الطبية التابعة لها، 750 حضّانة على مستوى مصر.