شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

بغلة عمر.. وحجيج سلمان!!

بغلة عمر.. وحجيج سلمان!!
تستشعر الأنظمة العربية جميعًا، الحساسية الشديدة حيال أي نقد يوجه إليها، خاصة إذا أتى هذا النقد من خصومها، فتظن على الفور أن ذلك فرصة لاستغلال الحدث ضدها للنيل منها والانتصار عليها في معركة سياسية أو إعلامية.

تستشعر الأنظمة العربية جميعًا الحساسية الشديدة حيال أي نقد يوجه إليها، خاصة إذا أتى هذا النقد من خصومها، فتظن على الفور أن ذلك فرصة لاستغلال الحدث ضدها للنيل منها والانتصار عليها في معركة سياسية أو إعلامية، للطعن في شرعيتها وفي شخص الزعيم فيها، دون التدقيق في النقاط موضع النقد، هل هي صحيحة أم مبالغ فيها، ودون محاسبة المسؤولين الحقيقيين؛ لأن ذلك قد يمس أشخاصًا من جسم النظام نفسه، فتعمد الأنظمة على الفور إلى تهدئة الأجواء دون حل جذري للمشكلة وتشكيل لجان تحقيق لا يعلم عنها شيئا وربما محاسبة موظفين أقل شأنا أو أقل رتبة!

وانتقل هذا المرض للأسف إلى كثير من الحركات والأحزاب والجماعات التي ترى أنها مظلومة من قبل الأنظمة الحاكمة ظلما شديدا، وتخوض معارك ضدها على الحرية والديمقراطية والمساواة والعدل، بينما نرى مبدأ المحاسبة والنقد في هذه الحركات والجماعات والأحزاب نادرا ما يطبق، تارة بدعوى أن الوقت ليس ملائم للمراجعة والنقد، وتارة بدعوى أن الخصوم سيستغلون هذه النقاط ضدها، وهي كلها مبررات واهية لا يستقيم معها أمر من يريد فعلا الإصلاح!

المنهج القرآني يعلمنا النظر إلى دوافع السلوك ومسبباته، وليس إلى ظاهر السلوك، وأن المسلمين عليهم أن يواجهوا أخطاءهم، بل حددها لهم القرآن بدقة حتى لو لم يحدث قتال (كما في غزوتي الأحزاب وتبوك)، وعلمهم أن تشخيص المرض أولى خطوات العلاج، دون تلكؤ بدعوى انتظار الوقت المناسب للنقد والمراجعة بعد زوال المحنة، أو تفريق بين كبير وصغير، وزير أو غفير!

ولنا فيما حدث في غزوة أحد أسوة حسنة، فعلى الرغم من استشهاد 70 من الصحابة الكرام منهم أسد الله حمزة رضي الله عنه عم النبي صلى الله عليه وسلم، ورغم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد جرحت جبهته الشريفة وكسرت رباعيته (أحد أسنانه) وأشيع أنه قد قتل، رغم كل هذا فقد نزل القرآن يعالج أسباب الهزيمة دون أن يخشى من أن تستغل قريشا هذه الآيات الكريمات من سورة آل عمران ضد المسلمين، ودون التستر وراء شعارات من باب نحن مسلمون وهم كافرون، وبالتالي فمهما نخطئ فنحن أهل الحق، ومهما يحسنون فهم أهل الباطل.

نزل القرآن بآيات شديدة يتهم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم – أفضل البشر بعد الأنبياء – بالفشل، والتنازع وحب الدنيا:

(حتى إذا فشلتم وتنازعتم في الأمر وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة) (آل عمران: 152).

قال عبدالله بن مسعود لما رآهم وقعوا في الغنائم: ما كنت أحسب أن أحدًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد الدنيا حتى كان اليوم (يوم نزول هذه الآية).

أما عن المساواة ومحاسبة المقصر أيا كان وضعه أو حسبه ونسبه، فقد ورد في قصة المرأة المخزومية التي سرقت وأرادوا لسيدنا أسامة بن زيد رضي الله عنه أن يشفع لها، عن عائشة رضي الله عنها أن قريشا أهمتهم المرأة المخزومية التي سرقت فقالوا من يكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن يجترئ عليه إلا أسامة بن زيد حب رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أتشفع في حد من حدود الله ثم قام فخطب قال يا أيها الناس إنما ضل من قبلكم أنهم كانوا إذا سرق الشريف تركوه وإذا سرق الضعيف فيهم أقاموا عليه الحد وايم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمد يدها (رواه البخاري).

الحاكم لا يضع نصب عينيه إلا مخافة الله عز وجل وحساب الله له، كما كان عمر يخشى أن يحاسب أمام الله عز وجل على بغلة عثرت في العراق، لم لم تمهد لها الطريق يا عمر؟؟

منذ أسبوعين وقع حادث رافعة الحرم المكي في الحرم الشريف، تسبب في 107 شهداء و230 مصابًا! لم يعرف المتسبب الحقيقي في الحادث، ولا الجزاء الذي ناله هذا المقصر، ولا الإجراءات التي اتخذت لضمان عدم تكرار الحادث!

فقط قرر الملك صرف عطايا لأهالي المتوفين والمتضررين وصلت لمليون ريال للفرد، لعلها تنسيهم مصابهم الأليم!

واليوم يقع حادث أليم أكثر فداحة، ينتج عنه 717 شهيدًا وإصابة 863 آخرين، وكالعادة لا يعلم أحد السبب الرئيسي للحادث، ولا المقصر الذي يستوجب عقابه، ولا الإجراءات التي ستتخذ لمنع تكرار هذه الحادثة الأليمة!

بل على العكس؛ تم تحميل الحجاج مسؤولية الحادث واتهامهم بالتسبب في هذا الحادث بعدم الالتزام بالإجراءات المتبعة والمسارات المحددة! حتى هذا يدين القائمين على العمل ولا يبرئهم، فلم لم يتم عمل بوابات في اتجاه واحد مزودة بحرس وضباط، وأسهم تشير لطريق السير بالعربية والإنجليزية والأردية وكل اللغات المعروفة!

موقف “الجزيرة” في هذه القضية لا يعجبني على غير العادة، فقط تبني لوجهة النظر السعودية، وتبرير وحرص على إخلاء ذمة السعودية من هذه المذبحة!

كنت أتمنى أن أرى تقريرًا للمبدعة فاطمة تريكي، أو حلقة ساخنة للقوية غادة عويس تتساءل عن الأسباب وعن الإجراءات التي كان يجب أن تتخذ والإجراءات التي سوف تتخذ…إلخ. فغياب المعلومات يفتح باب الشائعات والتكهنات، هل مرور موكب شخصية مهمة تسبب في الحادث أم أفواج الحجاج الشيعة؟؟ وهل كان الحجاج الشيعة سببًا في سقوط رافعة الحرم المكي منذ أسبوعين؟؟

الحقيقة أن الربط بين النظام السعودي والحرم الشريف في غير محله، فقدسية الحرم لا تتعداه إلى قدسية النظام، وإلا لنال أشخاص باعوا القضية مثل محمود عباس ومحمد دحلان وصائب عريقات أو ملك الأردن من قدسية الحرم القدسي الشريف والمسجد الأقصى مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم!

لقد هانت الدماء على النظام السعودي، فمولت وأيدت قتل المعتصمين في رابعة والنهضة، واستقبلت بن علي تونس، وأجرت 10 عمليات جراحية لعلي صالح (منها 8 فقط في الوجه)، فلم يكد يخرج من غرفة العمليات حتى انقلب عليها وتحالف مع الحوثيين الشيعة! ومولوا من قبل عملية احتلال العراق الذي سلم على طبق من ذهب للأميركان ومن بعده إيران! ولا يزال آل سعود يدعمون النظام المصري بمليارات الدولارات رغم حربه على الدين وحصاره للمقاومة وتحالفه مع إسرائيل وإغراق أهل غزة بالمياه!

آل سعود لا يزالون غارقين في صراعاتهم الدنيوية على السلطة والنفوذ في الإقليم، ودعم أنظمة الفساد والاستبداد خوفًا من انتقال رياح الإصلاح والتغيير والمطالبة بالحرية والعدل والمساواة!



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023