احتلت أخبار زيارة الإعلامي المصري توفيق عكاشة وعضو برلمان الانقلاب السابق إلي سفير الكيان الصهيوني في مصر صدارة الأخبار والتغطيات الإعلامية خلال الفترة الماضية، وهذا لعدة أسباب ليس هنا محل التفكير فيها، ولكني هنا سأتعرض لعدد 3 نقاط رأيت وجوب توضيحها.
أولاً: هل ما فعله عكاشة جريمة؟
في الأحوال الطبيعية وحتى الغير طبيعية فإن أي خطوة تخدم فكرة التطبيع مع الكيان الصهيوني المغتصب لأرضنا في فلسطين هي جريمة لا خلاف عليها مع أي عاقل منصف عربي مسلم كان أو غير عربي أو مسلم.
ولكن ما فعله عكاشة ليس جريمة ولا خطأ، بل هو امتداد طبيعي لما بدأه الطاغية عبد الناصر الذي كان يلقي “إسرائيل” في البحر عبر الإذاعة وينسحق أمامها في سيناء على البر عبر الخيانة، ثم أقره رجل أمريكا السادات باتفاقية كامب ديفيد والتى كانت بمثابة العقد الرسمي لتبقي سيناء على ما هي عليه حتى يعودوا لاحتلالها!
ويستكمل عكاشة مسيرة المخلوع مبارك الذي أُعلن من بلاطه الحرب على الأعداء الفلسطينيين، ونائبه الأول والأخير عمر سليمان الذي بحث عن شاليط أكثر مما بحث عنه الصهاينة انفسهم وعذب وقتل –خلال التحقيق- فلسطينيين في محاولة للوصول إلى مكانه.
كما يدعم عكاشة توجه النظام الحاكم في مصر –كما قال هو بنفسه علي قناة الفراعين- بالتواصل والالتقاء والتنسيق الكامل مع “إسرائيل” وأن ما فعله لم يكن خفي على أحد بل هي قد تصل إلي درجة “الأوامر”.
إذن فإن ما فعله عكاشة في ظل هذا الخط القديم من التطبيع مع الكيان الصهيوني ليس جريمة بالنسبة لهؤلاء المجموعة من الخونة، نعم هى جريمة عندنا نحن، ولكن لابد أن نفهم أنها أمر طبيعي عندهم.
ثانياً: بوست فحذاء فإسقاط عضوية!
شُن هجوم كبير على عكاشة بدأ على منصات العالم الافتراضي، وفي تقديري أن غالبية من بدأ الهجوم هم نحن الذين يرون أن التطبيع جريمة وعمالة وخيانة، ثم انتقل إلى شرائح أخرى بعضها لا يعي أنه يقف في نفس صف الخونة رغم أنه يهاجمهم، والبعض الآخر يبدوا لي أنه موجه وبدقة إما لضرب عكاشة أو إحداث حالة مما يطلق عليه البعض “بص العصفورة” وهنا كما قلت ليس مجال لتحليل الأسباب، ثم منه إلي وسائل الإعلام المسموعة والمقروءة والمرئية، سواء المؤيدة للانقلاب بشكل كامل أو المناهضة له أو تلك التي تقول إنها تتناول الأخبار بشكل موضوعي.
وبالطبع أثير الأمر في برلمان الانقلاب وعكاشة أحد أعضائه، فبعد وصلات من الهجوم بالكلمات من رفقاء البرلمان، نال توفيق عكاشة من رفيقه كمال أحمد ضربة بالحذاء عقاباً له على خيانته للوطن وتراب مصر!
لم تنتهي الحكاية، فلقد قرر الرفقاء اسقاط عضوية عكاشة من البرلمان، حيث أنه لا يجب أن يكون بيننا من يخدم “إسرائيل”!
بدأنا مقالنا بإقرار حقيقة واقعة أن ما فعله عكاشة ليس بجريمة على الإطلاق –عندهم هم- بل هو توجه عام وسياسة نظام وأوامر تنفذ، ثم فوجئنا أن إعلام الانقلاب الذي يديره الصهاينة يهاجم التطبيع، وبرلمان الخونة يتهم عكاشة بالخيانة!
ثالثاً: من يضرب السيسي بالحذاء؟
وهنا أصل إلى “لب القضية” وأسأل بكل وضوح .. من منكم يجرؤ على ضرب السيسي بالحذاء؟ من منكم يجرؤ على التلميح فقط بتصريح أجوف يخرج من حنجرة تؤجر بالدقيقة بضرب السيسي بالحذاء؟ الحقيقة أن لا أحد منهم يجرؤ.
وإذا ما تمت المقارنة بين ما يصرح به ويفعله عكاشة وبين ما يصرح به ويفعله السيسي سنجد أن عكاشة ما هو إلا “صبى عالمة” في كباريه كبير قواده السيسي.
وهذا جزء مما فعله وصرح به السيسي، فبداية من إغلاق معبر رفح وزيادة الحصار على قطاع غزة، واختطاف الأمن المصري 4 شباب غزاويين في سيناء بعد السماح بعبورهم من المعبر، وهدم الأنفاق وإغراق الحدود بمياه البحر، وتهجير أهلنا في سيناء وتفجير منازلهم ومساجدهم وقتلهم.
وتصريحات السيسي بأنه لن يسمح بأي تهديد لجيرانه ويقصد “إسرائيل”، وإعادة فتح السفارة وعودة السفير الصهيوني بعدما طردته ثورة يناير، وتواصله الدائم مع نيتنياهو هاتفياً وما خفي كان أعظم، وإسناده بتحسين صورته وتنظيم مؤتمراته لشركات صهيونية، وغيره الكثير مما يعد ما فعله عكاشة هو نقطة في بحر.
لذا يظل السؤال .. من يضرب السيسي بالحذاء؟
والسؤال الأخطر .. من يجرؤ منكم على “إسقاط عضوية” السيسي من الحكم؟ بما أنكم كما تقولون برلمان يمثل الشعب الرافض للتطبيع ولديه دستور مثالي يمكنه من محاكمة السيسي قائد التطبيع في مصر .. هل تجرؤون أيها الخونة؟!