شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

الخلاف بين أنقرة وموسكو يعمق الصراع على النفوذ الإقليمي

الخلاف بين أنقرة وموسكو يعمق الصراع على النفوذ الإقليمي
تعجب البعض عندما اتهمت الحكومة الروسية تركيا بخرق اتفاق إطلاق النار في سوريا في ٢٨ فبراير باستهداف القوات الكردية شمالي سوريا، ففي النهاية هذا مجرد مثال آخر على حرب التصريحات المتبادلة بين موسكو وأنقرة

تعجب البعض عندما اتهمت الحكومة الروسية تركيا بخرق اتفاق إطلاق النار في سوريا في ٢٨ فبراير باستهداف القوات الكردية شمالي سوريا، ففي النهاية هذا مجرد مثال آخر على حرب التصريحات المتبادلة بين موسكو وأنقرة، والتي أنهت ١٥ عاما من التقارب بعد خصومة طويلة الأمد بينهما.

الخلاف يتعمق بسرعة وربما، في أسوأ الحالات، يتصاعد حيث تتسابق كل من روسيا وتركيا لحماية مصالحهما داخل سوريا الممزقة بفعل الحرب.

العقوبات مؤلمة لكن ليست كبيرة

جاء الرد السريع للكرملين على إسقاط المقاتلة الروسية من قبل القوات الجوية التركية في ٢٤ نوفمبر على شكل عقوبات اقتصادية، فقد تم حظر الصادرات التركية من الفواكه والخضراوات إلى روسيا، كما توقف السفر دون تأشيرة، كما أوقفت وكالات السفر الروسية العروض السياحية في تركيا بضغط من الكرملين، والقائمة تطول.

هناك سلاح أسوأ كان من الممكن أن تستخدمه روسيا: وهو خفض صادرات الطاقة إلى تركيا، التي تعتمد في ٣٥% من احتياجاتها من النفط و٦٠% من احتياجاتها من الغاز الطبيعي على الواردات الروسية، لكن الرئيس بوتين امتنع عن القيام بتخفيضات عنيفة في عام يتوقع أن ينكمش فيه الاقتصاد الروسي بنسبة تصل إلى ٤%.

تدرك موسكو أن نظام العقوبات الخاص بها وحده لن يضع الاقتصاد التركي تحت ضغط كبير، لكنه قد يقلل من نمو الاقتصاد التركي لما قدره البنك الأوروبي لإعادة الإعمار والتنمية في ديسمبر بأنه يتراوح بين 0.3 إلى 0.7%. والأهم أن الكرملين يستخدم العقوبات لضمان اعتبار الشعب الروسي لتركيا عدوا ولتعزيز شعبية النظام.

كما أن تأثير العقوبات على تركيا قد يزداد أيضا عندما ترتفع أسعار النفط والغاز، واحتمالية الصدمات الخارجية، بالإضافة إلى العبء الاقتصادي لأزمة اللاجئين السوريين بالرغم من وعود الاتحاد الأوروبي بتقديم مساعدات تقدر بالمليارات، قد تتسبب في تفاقم الآثار التراكمية، تماما كاحتمالية توسع الصراع بين الدولة التركية وحزب العمال الكردستاني إلى المدن الغربية، بالإضافة إلى هجمات تنظيم الدولة.

اللعب الجيو- سياسي أكثر إيلاما

وقد هزمت روسيا تركيا بالفعل في سوريا، فقد تسببت الغارات الجوية الروسية شمال سوريا لدعم النظام السوري في تشريد التركمانيين، وأجبرت المجموعات السورية السنية المعارضة للنظام والتي تدعمها الحكومة التركية على الانسحاب من المناطق القريبة من الحدود المشتركة.

كما قطع الروس أيضا طريق الإمدادات بين تركيا والمعارضة في حلب، ودعمت نظام الأسد، وسمحت لوحدة حماية الشعب الكردية، التابعة لحزب العمال الكردستاني، بالسيطرة على المنطقة المتاخمة بتركيا، لم يكن هدف موسكو فقط إهانة تركيا، لكن أيضا إضعاف وتقسيم حلف الناتو والاتحاد الأوروبي.

كما زادت الغارات الروسية، التي قدرت بحوالي خمس آلاف غارة جوية في الفترة ما بين سبتمبر ٢٠١٥ إلى يناير الماضي، من تدفق اللاجئين إلى تركيا وأوروبا، يعارض سياسيون كثيرون الاتفاق الخاص باللاجئين بين تركيا والاتحاد الأوروبي، على الجانب الأوروبي، والذي فرضته المستشارة الأمريكية أنجيلا ميركل -التي تتميز بالدقة والحذر، ويبقى تشارك الأعباء هو المصدر الأساسي للاحتكاك بين أنقرة والعواصم الأوروبية، وواحد من القضايا الكثيرة التي يدور الجدل حولها في المملكة المتحدة قبل تصويت بريكست في يونيو ٢٠١٦.


غرور كبير من الطرفين

المخاطرة الأكبر في العلاقات الروسية التركية هي هيكل السلطة في كلتا الدولتين، حيث تعتبر المصالحة ضعفا وفشلا سياسيا، فالنزعة القومية العنيفة والقيادة العنيدة والقوية في روسيا وتركيا تجعل الحلول الوسط صعبة للغاية، فلا الرئيس أردوغان ولا الرئيس بوتين قد يسامحان أو ينسيان.

لقد أثبت الرئيس التركي مرة أخرى أنه لا يمكن العبث معه، فخلال قمة دول العشرين في أنطاليا منتصف نوفمبر الماضي، أخبر أردوغان نظيره الروسي بألفاظ واضحة أن تركيا لن تتحمل أي اختراق لأجوائها مرة أخرى، فقد كان الطيران الروسي لعدة أشهر يختبر ردود أفعال تركيا وحلف الناتو، وبالرغم من ذلك تجاهل بوتين التحذير، ونصح نظيره التركي باعتبار المقاتلات الروسية التي تخترق الأجواء التركية “ضيوفا”، فتم إسقاط الضيف التالي غير المرغوب فيه.

بالرغم من ذلك، لا يزال الرئيس الروسي مستمرا في استفزاز الأتراك، ففي وقت سابق هذا العام، أعلنت روسيا عن تدريبات مفاجئة في المناطق العسكرية الجنوبية والمركزية، وحشدت عناصر من أسطولي بحر قزوين والبحر الأسود، في حركة استهدفت تركيا بشكل واضح.

ربما يأتي التدخل في حرب استفزازية مع تركيا بنتائج عكسية، لكن هذه المغامرة قد تأتي بنتائجها المرجوة خاصة إذا كانت ظروف الصدام الأول غامضة وغير مؤكدة، ربما يدعم أي عمل صغير يمكن اعتباره انتصارا للوطن شعبية بوتين محليا، كما قد تزيد من الانقسامات داخل حلف الناتو وتتسبب في الحرج له.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023