أكدت الباحثة البريطانية كارين آرمسترونج أن الكثير من الصفات التي تُنْسَب إلى الإسلام في النقاشات الأوروبية هي عبارة عن تحريف، ولا أساس لها من الصحة، وتلك الشائعات تقليد قديم شائن في تاريخ الغرب.
وقالت الباحثة كارين المتخصصة في العلوم الدينية، في حوار صحفي لموقع “قنطرة”: “منذ حقبة الحروب الصليبية والنبي “محمد” يُصوَّرُ في الغرب على أنَّه مُشَعْوِذٌ يفرض إرادته بالقوة الغاشمة وشخصٌ مصابٌ بالصَرَع شهوانيٌ ، وصورة الإسلام المشوَّهة هذه نشأت في نفس الوقت الذي نشأ فيه العداء الأوروبي للساميَّة ”
وأضافت “آرمسترونج”: إن العنف الذي يمارسه تنظيم الدولة قد جاء، جزئيًا على الأقل، نتيجة لسياسة الازدراء الغربيَّة ،فهجمات باريس مستوحاةً من فكر تنظيم القاعدة، فهذا يعني أنَّ دوافعها كانت سياسيَّةً ودينيَّةً، وقد وقع الهجوم في باريس على رمز الحضارة الغربية العلمانيَّة المقدَّس، أي حريَّة التعبير، التي تُعتبر أحد مُثُل التنوير العليا، ومن الأمور الجوهريَّة في المجتمع الرأسمالي أنْ يكون الناس متحررين من قيود الكنيسة أو الطبقة أو جماعة الصنعة، ولسان حالهم يقول “أنتم تهاجمون رمزنا المقدَّس (النبي محمد)، إذًا نهاجم رمزكم وسوف تتعرفون عندها على الشعور بذلك”.
وأشارت أن هجوم تنظيم الدولة علي المتجر اليهودي المختص بالأطعمة الموافقة لأحكام الدين اليهودي، كان موجَّهًا ضد الدعم الغربي لإسرائيل، خاصة مع قليل من الاحتجاج العالمي على سقوط أعداد هائلة من الضحايا الفلسطينيين في حرب غزة الأخيرة ، موضحة انه يتملك بعض المسلمين الانطباع بأنَّ حياة الفلسطينيين نساءً وأطفالاً ومسنين ليس لها عندنا نفس قيمة حياة إنساننا في الغرب”
وبسؤالها عن مدي احتواء القرآن الكريم علي آيات تحث علي العنف ، أجابت :” المقاطع القرآنية لم تثِر الإرهاب على مدى التاريخ، كلُّ إمبراطوريَّة تقوم على السلطة، سواء كانت هنديَّةً أو صينيَّةً أو فارسيَّةً أو رومانيَّةً أو يونانيَّةً أو بريطانيَّةً، وهذا ينطبق أيضًا على الإمبراطورية الإسلاميَّة” .
وتابعت: “كان الإسلام حتى بداية الحداثة أكثر تسامحًا بكثيرٍ من المسيحيَّة الغربيَّة، وعندما احتل الصليبيون القدس سنة 1099، أصيب الشرق الأوسط بصدمةٍ جرَّاء مجازرهم التي ارتكبوها بحق سكَّان المدينة المسلمين واليهود.. ممارسة هذا العنف المنفلت من عقاله لم يكن معروفًا هناك، ومع ذلك، استغرق الأمر خمسين عامًا إلى أن قام المسلمون بردّ العدوان بشكلٍ فعليٍ.
وشددت علي أن العلمانيَّة في العالم العربي شيء مستورد من الخارج، فرضته القوى الاستعماريَّة ،مشيرة الى ان العلمانيَّة في العالم العربي ارتبطت بالخضوع أكثر مما ارتبطت بالحريَّة السياسيَّة، فبعد مغادرة السادة المُسْتَعْمِرين، فُرضت العلمانيَّة بالعنف في الكثير من الأحيان، بحيث بدت وكأنها شرٌّ، و عندما أدخل أتاتورك العلمانية إلى تركيا الحديثة، أغلق المدارس الدينيَّة الإسلاميَّة. “
واختتمت: “سياسة التطهير العرقي التي اتبعها أتاتورك ، ربطت العلمانيَّة إلى الأبد بعنف اتحاد تركيا الفتاة (أو الشباب الأتراك)، التنظيم العلماني الذي كان مسئولًا عن مذبحة الأرمن في تركيا العثمانيَّة إبان الحرب العالمية الأولى “.
يذكر أن كارين آرمسترونج المختصة في مجال الدراسات الدينيَّة، نشرت العديد من الكتب ، كان آخرها “حقول الدم: الدين وتاريخ العنف”.