لا يمكن عدم الربط بين الزلزال الذي حدث في أوربا، بخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بعد نتيجة الاستفتاء الصادمة، وبين التقارب التركي الروسي الإسرائيلي المفاجئ من ناحية، والتطورات على الأرض السورية – المفاجئة أيضا – من ناحية أخرى!
فيبدو أن تداعيات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوربي دفع القادة الأوربيين المجتمعين في بروكسل لسرعة إنهاء الحرب في سوريا، بعد أن ظلوا لسنوات تحت السياسة الأمريكية “دعهم يتقاتلون”، حتى انفجرت قنبلة اللاجئين الموقوتة في وجوههم وارتدت عليهم، وصار لا بد من حل جذري للأزمة في سوريا، في ظل التلكؤ الأمريكي الواضح – وهي ترى بسرور كل خصومها يستنزفون في المستنقع السوري!
وأسباب تغير السياسة الأوربية بعد خروج بريطانيا واضحة، وعلى رأسها التخوف من انفكاك عقد الاتحاد، وخروج دول أخرى على غرار بريطانيا! فالعدوى تنتشر، واليمين المتطرف في جميع أنحاء القارة متربص، مهددا بتفتيت القارة العجوز، على أسس قومية مجددا، منهيا حلم الوحدة الاقتصادية ذات التوجه الليبرالي العابر للحدود والقوميات!
***
لكن إنهاء الحرب في سوريا يصطدم كعادته منذ اليوم الأول بالتساؤل عن بديل النظام، وسط تخوفات من وصول متشددين للحكم (داعش وجبهة النصرة وحتى أحرار الشام)!
وهذا ما استلزم التقارب التركي الروسي، الذي بدأ يبحث – حسب صيحفة التليجراف البريطانية – مستقبل سوريا بعد بشار الأسد! وهذا تطور خطيرلم يكن مطروحا من قبل! فروسيا يجب أن تكون مطمئنة على أي وضع جديد بعد بشار، ولا يوجد حل في سوريا بدون روسيا!
أما التقارب التركي مع إسرائيل فكان مهما جدا للغرب، بسبب كنز المعلومات الذي تملكه تركيا عن تنظيم الدولة، مما يمنع داعش من الوصول للسلطة في مرحلة ما بعد بشار الأسد، وهذا سبب تصريح نتنياهو في وجه منتقديه أن للاتفاق مكاسب أمنية كبيرة!
***
إذا أضفنا إلى هذا التقارب السياسي والأمني، التطورات العسكرية على الأرض السورية، والمتمثل في التهاب جبهات العاصمة والساحل فجأة، (وكلاهما تعني كش مات للنظام)، وإسقاط خمس طائرات للنظام في غضون أسبوع، فهذا كله قد يؤشر أن خوف الغرب من تأثير الحرب عليه قد بدأ يدفعه لإخمادها، بالسماح بدخول صواريخ مضادة للطائرات، وهو ما يعني حسم المعركة! وخمس طائرات في أسبوع رقم كبير لا يمكن أن يكون مصادفة!
من ناحية أخرى؛ فإن سماح تركيا لعائلات سورية بالعودة لزيارة أقاربها في العيد، عبر معبر باب الهوى (بين حلب وإدلب)،لا يمكن أن يتم دون تنسيق مع روسيا.
كذلك إعلان أردوغان إمكانية منح السوريين الجنسية التركية، كنوع من التوطين لهم حتى لا يختاروا اللجوء للغرب، هو تصريح لا يمكن عدم ربطه بمنح الأتراك حرية الدخول إلى أوربا، دون تأشيرة شنجن بعد إعفائهم منها!
***
الروس كان يركزون القصف على حلب ذات الأهمية الكبيرة لتركيا، ولا أراهم في باقي الجبهات كثيرا. والآن تركيا تتقارب مع الروس، فهل سيواجه النظام جيش الفتح في الساحل، وإسقاط 5 طائرات له في ريف دمشق هذا الأسبوع بمفرده؟ من بقي من حلفائه؟؟
إيران بدا أنها تتخوف من فتح جبهة جديدة قادمة من كردستان العراق، مما دفع الحرس الثوري بالتهديد باجتياح الإقليم، بعد تخوف من انعكاس التقارب التركي الروسي على تغيير الجهة التي يضرب فيها الأكراد، بعد تقارب مؤيديه الرئيسيين (روسيا وإسرائيل) من تركيا!
أما حزب الله، فقد فوجئ بتفجيرات القاع الحدودية الثمانية التي حدثت منذ أسبوع تقريبا (الاثنين 27 حزيران/ يونيو)، وشغلت حزب الله كثيرا بنفسه داخليا، وسط دعوات لإحراق مخيمات اللاجئين!
فقد نفذ الجيش اللبناني الخاضع لميليشيا حزب الله، حملة اعتقال ضخمة، طالت نحو 500 سوري متواجدين على الأراضي اللبنانية! ولا يزال البحث مستمرا، ومعه تشتيت لجهود الحزب عن الحرب في سوريا، ولو مؤقتا!
***
أعلم أن إيران لن تسكت على سقوط النظام بسهولة، وأن كل شيء وارد على الأرض! لكني لن أتفاجأ إذا سيطر الثوار على الساحل، أو اقتربوا من دخول العاصمة، أو لجأ بشار إلى اللاذقية وطرطوس وأعلن دولة علوية من هناك!