شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

لا تربوا بناتكم بأن الزواج هو نهاية المطاف

لا تربوا بناتكم بأن الزواج هو نهاية المطاف
وأخيرا... تزوّجت سندريلا تلك الفتاة الرائعة من الأمير الشاب وانتهت الحكاية، ولقد حضر الفارس الشجاع من بلاد بعيدة لخطبة الأميرة الجميلة، وبهذا أغلق كتاب القصص وانتهت حكاياتنا لبناتنا قبل النوم

وأخيرا… تزوّجت سندريلا تلك الفتاة الرائعة من الأمير الشاب وانتهت الحكاية، ولقد حضر الفارس الشجاع من بلاد بعيدة لخطبة الأميرة الجميلة، وبهذا أغلق كتاب القصص وانتهت حكاياتنا لبناتنا قبل النوم، لتنام كل منهن وتحلم بالثوب الأبيض الحريريّ الطويل الذي لا يشبهه ثوبا آخر في البلاد، وليظل راسخا في أذهانهن بأن الزواج هو منتهى الطموح في حياتهن، وأن لا حياة لهن بعد الزواج سوى الزواج، وتحيا البنت حياتها تحلم بهذا وبهذا فقط، فتستصغر كل ما سواه في حياتها لأجله، وتسعى اليه ليلا نهارا، سرا وعلانية، وما أن تناله حتى تقف عقارب ساعتها عن كل شيء سواه، فلا طموح بعد الزواج ولا نجاح، من أجل هذا فقط كانت تعيش من قبل، ولن تعيش لغيره من بعد. وكأن الحكايات الجميلة لا تكون جميلة إلا بالزواج والزواج فقط.

تظل المرأة تعمل وتتعلم وتتجمل حتى تتزوج وما أن يتم المراد؛ ويدخل الرجل الذي تريد في مصيدتها، ويغلق عليهما باب القفص الذهبي كما يقال عنه؛ حتى تنسى المرأة أو تتناسى كل شيء آخر سواه، فتقف عقارب ساعتها عن باقي الحياة بأسرها، فتلقي بتلك الشهادة التي قضت سنوات تلهث ورائها، وذلك الطموح العريض بوظيفة مرموقة و منصب جيد، الذي طالما شغل تفكيرها من قبل، كما وتتخلى عن إهتمامها بنفسها ومظهرها الذي كانت تأبى أن تتخلى عنه قبل الزواج، ، وتلقي بلباقة حديثه وثقافتها جانبا، وتضيع شغفها للمعرفة والتعلم والتطور، وكأن الزواج لا يجتمع مع غيره من محاسن الحياة! أو كأن الدنيا بأسرها تدور في شرق الحياة، والزواج يدور في الغرب وحده، مما يستحيل أن يجتمعا معا في حياة واحدة، فعلاما كل هذا النسيان أو التناسي! وكل هذا الجهل أو التجاهل! فهل نالت المرأة المنتهى بمجرد تمام زواجها فلم يعد في حياتها منتهى غيره! أم هل عساها وصلت المجد وليس بعد الزواج مجد!

بعيدًا عن نهايات تلك الحكايات والقصص، وبعيدا عن بعض أحاديث الجدات، وبعض العادات والتقاليد القديمة البالية، التي تستهجن على المرأة أن تحقق لحياتها كل ما تريده بجانب كونها زوجه وأم، ولهذا يجب علينا أن ندفع ببناتنا إلى أفق أوسع من هذا الأفق الضيق، بأن نكمل القصص والحكايات لهن بعد الزواج، حتى يتعلمن بأن الزواج هو ليس نهاية أحلامهن، ولا هو بالجامع المانع عن باقي ضرورات الحياة الأخرى، وبأنه حدث بجانب أحداث أخرى كثيرة مهمة لا يتعدى أحدها أهمية على الآخر، فالزواج أمر مهم، والعمل مهم، والنجاح مهم، والتعليم مهم، والثقافة والمعرفة مهمان، والإهتمام بنفسها مهم أيضا، وأنه لا بد أن يكون لهن نصيب من كلا منهم مجتمعين، فلا يلغي أحدهم الأخر ولا يبعده، وأن كل منهم لابد أن يسير على التوازي لا على التقاطع مع غيره.

 فكم جميل أن تكون المرأة زوجة ناجحة، وأم مربية، وسيدة مجتمع منتجة، ومثقفة لبقة، وأن تهتم بمظهرها وجمالها، وأن لا يأخذها الكبر بالجهل، فتتذرع بحجج واهيات كاذبات “إن صدق شيء منها كذب أكثرها”، فلا تهمل نفسها فتكون آخر زيارة لها لصالون التجميل هو يوم زفافها! ولا تكون جاهلة لأن لا وقت لديها للقراءة والمعرفة فيكون آخر كتاب تقرأه منذ زمن بعيد! ولا تترك عملها لأن العمل والزواج لا يجتمعان! وأن لا تكون علاقتها بالتعليم قد توقفت وحفظت بجانب شهادتها في داخل درج أو خزانة! فينكرها اول من ينكرها هو زوجها الذي اختارها واختارته “وهو بذلك معذور بعض الشيء”، فهو لم يعد يرى في زوجته تلك الفتاة التي جذبته بثقافتها، أو شخصيتها، أو تعليمها، أو جمالها وأناقتها، فتخسره ويخسرها، وتفقده ويفقدها، ذلك لأن اللبنة الأساسية كانت فاسدة ففسد ما بعدها.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023