اندلعت أحداث حديقة جيزي في تقسيم في قلب اسطنبول في 28 مايو من العام 2013 وأخذت تتدحرج مثل كرة الثلج حتى عمت التظاهرات معظم المدن التركية، واستمرت عدة أسابيع كاد نظام الرئيس رجب الطيب أردوغان خلالها أن يسقط، حيث اتضح أنها كانت محاولة انقلابية كاملة الأركان قامت بها جماعة فتح الله غولن، بدعم خارجي، وعرف الناس وقتها ما يسمى بالتنظيم الموازي
حينما تحدث عنه أردوغان في خضم هذه الأحداث وفي ذروة المؤامرة على تركيا تمكنت أجهزة الاستخبارات التركية أن تكتشف المؤامرة الكبرى، التي كان يعدها عبد الفتاح السيسي وطغمة العسكر في مصر ضد الثورة المصرية لقلب نظام الرئيس مرسي، ورغم الأخطار الهائلة التي كانت تحيط بتركيا في ذلك الوقت أدرك الرئيس التركي رجب الطيب أردوغان أن الخطر على مصر مثل الخطر على تركيا، فأوفد رئيس جهاز المخابرات التركي هاكان فيدان وهو من أقرب الشخصيات التي يثق فيها الرئيس أردوغان ـ رغم انتقاداته الأخيرة لها إلا أنه عاد وامتدح أداءه ـ أوفده أردوغان يحمل المخطط الذي أعده السيسي كاملا ليخبر به مرسي، ويحذره، ويعرفه كيف يستطيع أن يئد الانقلاب قبل أن تكتمل أركانه.
استقبل مرسي هاكان فيدان في القاهرة، وبدأ هاكان فيدان في عرض المؤامرة التي تتعرض لها مصر من قبل العسكر وكيف يمكن لمرسي أن يواجهها ويجهضها قبل أن تكتمل، كان هذا اللقاء في الأسبوع الثاني من شهر يونيو، أي قبل الانقلاب بحوالي ثلاثة أسابيع، فاجأ مرسي هاكان فيدان بسخريته المعهودة من كل من حذروه من العسكر، وقال ما كان يقوله دائما من أن السيسي في جيبه وفي بطنه بطيخة صيفي من الجيش.
حاول هاكان فيدان أن يوضح خطورة الأمر لمرسي، لكن مرسي قاطعه وقال له: نحن أعلم بمصر منكم، اطمئنوا.. أوضاعنا مستقرة تماما وليست لنا أية مخاوف من الجيش.. الخوف كله عليكم في تركيا، ونحن قلقون مما يجري في تقسيم، انتبهوا لتركيا وطمئن الرئيس أردوغان أننا واثقون من الجيش.
عاد هاكان فيدان إلى أنقرة محبطا من الزيارة ومن أسلوب تعامل مرسي مع معلومات استخباراتية جدية وثقته العمياء في السيسي وباقي العسكر الفاسدين، وقد أصاب أردوغان من الاحباط ما أصاب فيدان، في هذه الأثناء كان الجميع في مصر يتحدث عن الانقلاب بينما كان مرسي وحده يصف المنقلبين في خطاباته المتلفزة بأنهم «رجالة زي الورد».
حاول معظم المخلصين في مصر أن يقدموا النصائح لمرسي لكنه كان يصم آذانه ويسخر من الجميع ومثلهم حاولت أن أنبه المصريين إلى ما سوف يقع، فأقنعت الدكتور عصام الحداد مستشار مرسي السياسي أن يظهر معي في حلقة من برنامج بلاحدود، وذهبت للقصر الرئاسي الذي لم أدخله في عهد مرسي سوى مرتين كانت هذه الثانية والأخيرة وكان هذا في منتصف شهر يونيو من العام 2013 أي قبل الانقلاب بأسبوعين تقريبا.