خلال السنوات الماضية من عمر الثورة السورية، رصد النشطاء والثوار نشاطًا عسكريًا لمرتزقة روس في عدة مناطق من سوريا، حيث كانت معظم الميليشيات الروسية ترافق الميليشيات الشيعية التابعة لإيران، وسجل في العام 2013 مقتل الكسي ماليوتي كأول مرتزق روسي في سوريا خلال معارك مع الثوار في منطقة “السخنة” بريف حمص.
وفي العام ذاته، كشف موقع ” فونتانكا” الروسي عن تواجد ميليشيا “الفرقة السلافية” الروسية في سوريا من أجل القتال إلى جانب قوات الأسد، حيث عملت مجموعة مقربة من المخابرات الروسية على تشكيل ميليشيات، من خلال نشر إعلانات على المواقع الروسية تطلب جنوداً وضباطاً متقاعدين من الذين قاتلوا في شمال القوقاز وطاجكستان، مقابل مردود مادي يقدر بـ5000 دولار.
كما نشرت صحيفة “لوبوان” الفرنسية، تقريرًا تحدثت فيه عن الحرب السرية التي يخوضها بوتين بالوكالة في سوريا، عن طريق شبكة واسعة من الجنود المرتزقة الذين يقاتلون إلى جانب النظام السوري بطريقة سريّة، وقالت الصحيفة، إن روسيا أعلنت منذ أشهر عن سحب قواتها من سوريا، لكن ذلك لم يشكل أبدا نهاية العمليات القتالية الروسية، التي اتخذت منذ ذلك الوقت شكلا سريا.
وذكرت الصحيفة، في تقريرها الذي نشرته العديد من وكالات الأنباء، أن طبيعة التواجد العسكري لروسيا في سوريا تزداد غموضًا كلما حدثت تطورات جديدة في الحرب السورية، “وإذا كنا ندرك منذ فترة طويلة حقيقة تجنيد روسيا لبعض المقاتلين المرتزقة للعمل لمصلحتها في شرق أوكرانيا؛ فإن هناك اليوم عديد الحقائق حول تجنيد روسيا لمثل هؤلاء المرتزقة للقتال في سوريا ضد (تنظيم الدولة)”.
وأضافت أن عملا استقصائيا قامت به مجلة “فونتانكا” الروسية المستقلة منذ أيام قليلة؛ كشف عن حقيقة انتشار عديد المرتزقة الروس للقتال في سوريا، وخلال حوار صحافي مع قناة “سكاي نيوز”؛ كشف مقاتلان روسيان عن تلقيهما عرضًا خياليًا من طرف شركة أمنية خاصة في روسيا تدعى “أو أس أم”، للقتال إلى جانب بشار الأسد في سوريا ضد “تنظيم الدولة” والمعارضة السورية.
وأشارت الصحيفة إلى أن هؤلاء المقاتلين يتلقون عروضا مغرية للقتال في سوريا، قد تصل إلى ألفين و750 دولارًا شهريًا، وهو ما يمثل سبعة أضعاف متوسط الدخل الفردي في روسيا، ناقلة عن أحد المقاتلين المرتزقة، اسمه المستعار “ألكسندر”، قوله إن “كل الذين غادروا للقتال في سوريا من أجل المال لم يتمكنوا من العودة”.
وأضاف ألكسندر أن “المرتزقة الروس لديهم مهمات مختلفة في سوريا، فمنهم من يشارك في قتال تنظيم الدولة والمعارضة السورية، ومنهم من يشارك في القتال ضد الحلفاء الأمريكيين في سوريا، وأحيانا يضطرون إلى مواجهة القوات الأمريكية الخاصة”.
وأضافت “لوبوان” أن عديد المنظمات غير الحقوقية والصحفيين قاموا بتحقيقات جدية حول حقيقة التواجد السري للقوات الروسية في سوريا، وتوصلوا إلى حقائق وقرائن قوية في هذا المجال، لكن بوتين كان ينفي دائما مثل هذه الادعاءات.
وذكرت الصحيفة أن النظام الروسي يقوم بمناورات قانونية لضمان استمرارية التدخل السري في سوريا، مشيرة إلى أن “القانون الروسي يحظر المنظمات العسكرية الخاصة، لكنه لا يمنع نشاطاتها على أرض الواقع”.
وأوضحت أنه في بداية الحرب السورية؛ شارك مرتزقة روس تابعين لمنظمة “سلافونيتش كور” في العمليات القتالية إلى جانب القوات النظامية السورية، لكنهم علّقوا عملياتهم خلال فترة قصيرة، وبعد عودتهم مباشرة إلى روسيا؛ تعرض قادة “سلافونيتش كور” للمحاكمات والاعتقالات.