شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

مؤيدي الشرعية.. وماذا بعد؟!! – أحمد فؤاد

مؤيدي الشرعية.. وماذا بعد؟!! – أحمد فؤاد
دخل مجموعة من اللصوص بيتًا عامرًا بالخيرات ؛ فاختطفوا صاحبه ،وقتلوا عددًا من أولاده ، وعاثوا في البيت فسادًا ، وبعد أن أفاق ماتبقى من الأبناء من هول الصدمة تبادلوا الاتهامات بدلا من تبادل الاقتراحات لحل المشكلة

 

دخل مجموعة من اللصوص بيتًا عامرًا بالخيرات ؛ فاختطفوا صاحبه ،وقتلوا عددًا من أولاده ، وعاثوا في البيت فسادًا ، وبعد أن أفاق ماتبقى من الأبناء من هول الصدمة تبادلوا الاتهامات بدلا من تبادل الاقتراحات لحل المشكلة ، فكبيرهم يرى أن عدم حماية البيت هو السبب ، والثاني يري أن ثقة أبيهم – المختطف- في الجيران هي السبب، والثالث يرى أن عدم استماعهم لكلامه هو السبب ، ودار بينهما حوار وخصام؛ جعل الجيران المتعاطفين معهم ينفرون من مساعدتهم ، وجعلهم ينشغلون عن تحرير أبيهم وإخوتهم المختطفين من قبل اللصوص ؛ فهل ترى أن هؤلاء سيعيدون حقًا؟ أو يأخذون ثأرًا؟ أو يحررون أسيرًا؟!.

هذه القصة الرمزية قد نكون أبطالها الحقيقين على مسرح الأحداث الراهنة ؛ فكلنا أصبحنا محللين وخبراء إستراتيجيين ، وكلنا حذرنا وقلنا ، وكلنا كنا نتوقع !! وكلنا نرى بأعين ثاقبة وغيرنا لايرى!! وماذا بعد؟!

متى سنفيق من مشاكلنا لنفكر في مستقبلنا ، متى سنحرر المعتقل الذي طال أسره وهو ينظر إلينا من خلف جدران قلبه ويتابعنا حتى في هواجس نومه ، متى سنعيد البسمة لأهالي الشهداء الذين يتصابرون رغم مرارة الفراق؟ متى سنرد عمليًا على أسئلة أبناء المعتقلين الذين لايعرفون طعم الفرحة إلا لحظة الزيارة ؟ألم يكفينا ثلاثة أعوام من البكاء وتراشق الاتهامات.

كلنا نتحمل تبعات ماحدث ، وكثيرون منّا يتحملون وز ماحدث ، ولن نجنى من أشواك الفراق سوى ثمار الشقاق، وهذه الخلافات لن تسمن ولن تغني من جوع ؛ فلووقف المسلمون بعد أُحد يتراشقون الاتهامات ويجلدون الشباب لرأيهم في الخروج خارج المدينة لما فتحوا البلدان وعمروا الأوطان، ولو وقف كل خاسر يؤنب أعوانه وترك خصمه ؛ فمتى ينتصر؟!

أفيقوا يرحمكم الله . لقد أوجعتنا الخلافات والانقسامات أكثر مما أوجعنا الانقلاب ، وماحدث كان تسطيرا لقضاء الله وقدره —-حتى ولو كنا أحد أسبابه- ، فلا تجعل جلدك لذاتك ولكيانك مكسبًا للمغتصب ، ولاتقتل نفسك بسهمك.

فالصادق لدعوته لايتعلق بأشخاص بل لأفكار ، ولا ينتصر لرأي شخصي بل لأمر دعوي ، ولا يخسر قلبا ليكسب موقفا عارضًا، ولا يحتفى بانتصارات الفريق وقت المنح ويهاجمه وقت المحن.

الجاهل الذي يدافع عن كل الأخطاء ولايجد أي تقصير من الجميع أومن الرئيس ، والأجهل من يظل ينتقد ويلعن ويسب ويبكي على اللبن المسكوب دون تفكير في نقطة انطلاق أو محطة اتفاق . ألم يحن الوقت لنبذ الخلاف ووأد الفتنة والانشغال بما هو آت عما ما قد فات ، أليس فينا رجل رشيد يجمع شمل المتناحرين على مغارم لامغانم .

ليست العبرة بمن سبق ولكن العبرة بمن صدق ، وليست القيادة بالمستويات ولا بعدد سنوات الخدمة الدعوية فقط ؛ فشباب كثير خبراته القليلة قد تضاهي خبرات الكثيرين ، وليس أيضا من المروءة بمكان الهجوم على أناس شابت رؤوسهم في خدمة الناس وفي تربية الشباب؛ فهلا استفدنا من هذا وذاك ؛ فلنحافظ على صرح أخلاقنا :

فليس بعامر بنيان قوم     إذا أخلاقهم كانت خرابا

لقد ساءني متابعتي لكثير من الحوارات والجدالات التي لاتنتهي على مواقع التناحر الاجتماعي ؛ فلقد تخلي كثيرون عن أدب الحوار ، وأصبح سب الصغير للكبير ثورة يؤمن بها ، وغدا تجاهل الكبير لرأي الصغير تربية يقتنع بها .رحم الله أصحاب الدعوة الحقيقيين الذين  عُرفوا بسمتهم وبسمتهم ، الذين كانت أخلاقهم هي المتحدث الرسمي عنهم . أليس هناك نقاط اتفاق نقف عندها ؛ يكفى أن مظلة حب الدعوة هي التي تجمعنا في واحة الوطن ، وتحضرني لطيفة من لطائف الأمراء : قال مخارج : أنشدت المأمون قول أبي العتاهية:  

وإني لمحتاج إلى ظل صاحب … يروق و يصفو إن كدرت عليه

فقال لي : أعد ،  فأعدت سبع مرات، فقال لي : يا مخارق خذ مني الخلافة وأعطني هذا الصاحب.

لقد تعلمنا أدب الخلاف مع الغير وطالما تحملناهم ؛ أفلا نطبق ذلك بيننا ؛ فصحابة رسول الله هم القدوة بعده حين ذكرهم الله قال :” أشداء على الكفار رحماء بينهم” أفلا نقتدي بهم ؟

لاندعو هنا لطاعة مطلقة تؤخر نصرا مثلما جلبت هزيمة ، ولاندعو لكبح جماح أفكارنا ، ولانبتغي في قولنا نسيان الأزمة دون معرفة أسبابها ومسببيها ؛ إنما ندعو لنقطة انطلاق ، ندعو لإضاءة شمعة بدلا من لعن الظلام ، ولن ننتصر بالبكائيات ولا الانقسامات ولا بالمعجزات ؛ فهل قلوبنا هذه تصلح لأن ينصرنا الله بمعجزة من فوق سبع سماوات !!

قصص كثيرة ومواقف نعرفها جميعا عن أدب الاختلاف وذوقيات الخلاف ولكننا لانعمل بها ، وأعرض موقفًا واحدا : يحكى أن يونس بن عبد اﻷعلى اختلف مع اﻹمام محمد بن إدريس الشافعي في مسألة أثناء إلقاءه درس في المسجد ، فقام يونس غاضبا، وترك الدرس ، وذهب إلى بيته ، فلما أقبل الليل ، قال يونس:  فوجئت باﻹمام الشافعي وقال لي: يا يونس تجمعنا مئات المسائل ، وتفرقنا مسألة…؟

المفترض أن يتحد الفريق الخاسر ليستجمع قواه ويحرر معتقليه ويداوي جرحاه ،ولكن للأسف القيادات أخذوا شوطا في الصراع، والشباب يخوّنون كل من يحدثهم ويكذّبون كل ماقيل لهم ، والمطاردون ينظرون بغضب للواقع على الأرض ، والموجودون بمصر يتحدثون عن المطاردين وحياتهم ، فلم يسلم من قعد ولم يسلم من خرج !!

استقيموا يرحمكم الله ، كيف سينصركم الله وسهامكم مصوبة عليكم ،هل هذا وقت تنازع وشقاق أم وقت وئام ووفاق .

أيها القادة :اتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم واستمعوا للشباب واستوعبوهم ؛ فهم الغد المنتصر بإذن الله .

أيها الشباب: تعلموا أدب الخلاف وذوقيات عرض الرأي واحترموا من ربّوكم ؛ فالحرُ من راعى وداد لحظة  ، وقدموا اقتراحاتكم بكل ثقة وبكل ذوق ، فلولا هم – بعد فضل الله – ماكان فهمكم ووعويكم وتربيتكم .

أيها الثائرون بمصر: نعالكم فوق الجميع فلا تفسدوا ثورتكم بخلافات تعرقل مسيرتكم ، وليكن همكم أحبتكم. واعلموا أن الجميع يتمنى لو يشارك جمعكم ، ولكن كثيرين خرجوا مضطرين، فلا تجلدوهم على غربتهم ؛ يكفيهم بعدهم عن أهلهم .

أيها المطاردون : لاتنسوا إخوانكم في دعائكم ولا تنازعوا في قيل وقال وكنا ولولا ، ولتكن ثورتكم طاعتكم ، واصبروا وصابروا ” وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَن يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ “.

أيها المغتربون : لتحمد الله على نعمة الحرية والعمل في وقت غيرك يقبع بشهاداته وعلمه أسيرا ؛ فلا تبخل على نفسك ، وأسأل عن أبناء إخوانك ، وساعدهم ، ولاتنس أنهم يضحون بأنفسهم من أجلك وأجل وطنك ؛ فلا تبخل بمالك ودعواتك، ” وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًاۚ” .

يا رجال الفيس بوك : ليس الفيس بوك محور الصراع ، وليس الهجوم والنقد هو الحل ، وقضاء الله نفذ ؛ فلا تجعلوا خلافات الماضي تفسد عليكم علاقات الحاضر ، ولنتعلم أدب الخلاف وأدب الحوار ، وليحترم الصغير الكبير لسبقه ولجهده  وليقدر الكبير الصغير لهمته وعمله ، وربما اطلع الله على قلوبنا بعد تطهيرها ؛ فعجل بنصره .

يارجال الشرعية : جاء وقت العمل ووقت رد الجميل لدعوة طالما أظلتنا بحبها وأكرمتنا بتربيتها ، هذا وقت التعاون لعودة الوطن المغتصب من العسكر ؛ فمن للأمة الغرقى إذا كنا الغريقينا ؟!؛ فالخائنون يفسدون الوطن ويعجلون بنهايته ؛ فعلينا أن ننقذه منهم ، لا تلتفتوا لهجوم وتخوين وسب مؤيدي القاتل ؛ فيكفي أنكم على حق وهم في باطلهم يعمهون ، ويكفي أنك إن مت على الحق فستبعث عليه ، وهم سيبعثون مكبلين بتفويضهم وبتأييدهم للباطل.

يا أصحاب الحق: “.. لَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ ..” فالوحدة الوحدة ؛ فدعوتكم أمانة في أعناقكم ، لطالما تغنيتم لها وبها ، أتذكرون ” يادعوتي سيري سيري . كل الوفا ليكي وكل تقديري” .

اعلموا أنكم – رغم جراحكم وهمومكم- أمل الأمة التي تنتظره؛ فأنتم درع الأمة والأوطان – ليس مصر فقط – ضد  التغريب والتنصير والتشيع ، وأنكم رأس حربتها في معارك التحرير ؛ ” وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ” ، واعلموا أن النصر مع الصبر ، وأن بعد العسر يسرا . فلتُقبّلوا على الله بقلوبكم ، ولتطهروا صدوركم ، ولتُعمِلوا عقولكم ، وانتصروا على أنفسكم وخلافاتكم ” يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ “

مصر المكبلة بجراحها تتنظركم – فالسيسي ورجاله في أسوء أحوالهم والوطن ينزف دما وألما- ، والإسلام الغريب في أوطانه يشتاق إليكم ، والمظلومون في كل مكان يتوقون لثورتكم ؛ فلا تخيبوا فيكم الظنون ؛ فأنتم الشعلة التي ستضئ للأمة طريق مجدها ، وماجراحكم هذه إلا مخاض لميلاد جديد إلا إذا جعلتموه أنتم احتضار لجيل عنيد ” وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ ” ؛ فمن يبادر ويجمع القلوب؟؟ فرج الله بنا وبكم الكروب.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023