قالت بلقيس وايلي الباحثة في شؤون اليمن والكويت والشرق الأوسط وجنوب أفريقيا، لدى منظمة “هيومن رايتس ووتش”، إن استعادة الموصل قد تكون كارثة على المدنيين.
وأوضحت في مقالها الذي نشرته العديد من المواقع الإخبارية، أنه وبعد أكثر من عامين شاقَّين تحت سيطرة (تنظيم الدولة)، قد يعاني 1.2 مليون مدني في الموصل مزيدًا من الانتهاكات عندما تحاول الحكومة استعادة السيطرة على المدينة، في حال لم يستفاد من الدروس الأخيرة في عمليات استعادة الفلوجة وتكريت وغيرهما من المناطق لتجنب هذا السيناريو على القوات الأمريكية والقوات الدولية الأخرى، والحكومة في بغداد، منع المليشيات المسيئة من دخول ثاني أكبر المدن العراقية أثناء العملية العسكرية وبعدها”.
وأضافت: “يكفي إلقاء نظرة على العمليات السابقة ضد الجماعات المتطرفة في العراق لمعرفة السبب في الآونة الأخيرة، في معركة مايو/أيار ويونيو/حزيران لاستعادة السيطرة على الفلوجة، قام أعضاء من “فيلق بدر” و”كتائب حزب الله” (جماعتان قويتان ضمن “الحشد الشعبي” الموالي للحكومة العراقية)، وفي حالة واحدة على الأقل، عناصر من الشرطة الاتحادية العراقية، باعتقال وضرب الفارين من القتال. كما أعدموا آخرين ميدانيا أو أخفوهم قسرا ومثّلوا بالجثث”.
وتابعت: “حصلت هذه الإخفاءات عندما فصلت وحدات مسلحة مساندة للقوات الحكومية الرجال عن أسرهم عند نقاط التفتيش، وكذلك في عمليات الاعتقال الجماعية في بعض أحياء الضواحي. جاءت الانتهاكات في الفلوجة بعد العديد من الادعاءات السابقة بحصول انتهاكات واسعة النطاق خلال عمليات الحكومة لمكافحة داعش، بما في ذلك هدم المنازل من قبل قوات الحشد الشعبي في تكريت وآمرلي. كل العمليات لاستعادة مناطق من داعش كانت مدعومة بضربات جوية للتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة”.
وأشارت إلى إنه وقبل عملية الفلوجة، أكد رئيس الوزراء حيدر العبادي، وزعيم فيلق بدر هادي العامري، والمتحدث باسم قوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة الكولونيل ستيف وارن على أن الحشد الشعبي لن يدخل الفلوجة، نظرا لتاريخه بارتكاب الانتهاكات. ولكنه دخلها، وفي 4 يونيو، ومع استمرار ورود تقارير عن انتهاكات في الفلوجة، قال العبادي إنه فتح تحقيقا في هذه المزاعم. بعد 3 أيام، أعلن القيام باعتقالات غير محددة و”إحالة المتهمين بارتكاب تجاوزات إلى القضاء لينالوا جزاءهم وفق القانون”.
وأكدت أنّه ومنذ ذلك الحين، تقدمت “هيومن رايتس ووتش” تكرارا بطلب الحصول على معلومات عن سير التحقيق وعدد الأشخاص الذين قُبض عليهم أثناء المعركة والذين لايزالون قيد الاعتقال ووُجِّهت تهمٌ إليهم. يثير عدم الاستجابة المخاوف حول ما إذا كانت الحكومة تحقق فعلا في هذه الانتهاكات، ويزيد القلق من ارتكاب انتهاكات في المستقبل دون محاسبة.
وأضافت: “تقترن هذه المخاوف الجدية بشأن القوات العراقية بمخاوف من أن تستمر الحكومة بشراكتها مع مجموعات تنتهك الحقوق في مكافحة داعش. لقد وثّقنا حالات تجنيد أطفال من قبل مجموعتين من الميليشيات القبلية المدعومة من الحكومة (الحشد العشائري) المشاركة في مكافحة داعش. وهما من المجموعات التي قالت لي إنها تأمل لعب دور رئيسي في معركة استعادة الموصل وتجند مقاتلين بكثافة لزيادة قواتها قبل المعركة”.
وأشارت إلى إنه على السلطات العراقية أن تفعل ما بوسعها لمنع المجموعات المسلحة المسيئة، بما فيها تلك المنضوية ضمن القوات الحكومية، من المشاركة في معركة الموصل، وأن تستبعد المجموعات المسلحة التي جندت أطفالا أو لم تسرحهم. ينبغي أيضا أن تمنع أية ميليشيات أخرى تشك بأنها تشارك في المعركة بهدف شن هجمات انتقامية. من جانبها، على قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة ضمان أنها لن توفر الدعم الجوي للعمليات التي تقوم بها الجماعات المسلحة المسيئة، إذا كانت تريد التأكد من بقاء تلك الجماعات بعيدا عن المعركة.
وأضافت: “إن لم تبقِ السلطات القوات المسيئة بعيدة عن المعركة قد يعيش مدنيو الموصل، الذين عانوا على مدى أكثر من عامين من داعش، المزيد من الانتهاكات بدل إغاثتهم”.
بلقيس وايلي، تابعت قائلة: “لكن الخطر على المدنيين لن يزول مع المعركة. تخطط السلطات لإخضاع الفارين من الموصل خلال المعركة لفحص أمني، ولكن عمال الإغاثة يقولون لنا إن السلطات ذاتها رفضت تقديم أية معلومات حول معايير الفحص. واستنادا إلى تجربة الفلوجة، يمكن أن تشمل المعايير إجراءات تعسفية، مثل اعتقال جميع الرجال ذوي نفس إسم العائلة بسبب الشك أن تلك العائلة دعمت داعش. بدلا من ذلك، على السلطات إبلاغ المعتقلين فورا بأية تهم ضدهم، وأن توفر لهم فرصة للطعن على الفور بأسباب اعتقالهم أمام هيئة قضائية مستقلة، كما ينص القانون العراقي. على السلطات العراقية أيضا منع أي مجموعة مسيئة من إنشاء نقاط تفتيش أو فحص أو مراكز احتجاز خاصة بها”.
وأنهت الباحثة في “هيومن رايتس ووتش” مقالها قائلة: “يريد العراق، مع أكثر من 12 بلدا يدعمه في الحرب ضد داعش، القضاء على هذه الحركة بشكل نهائي. إذا كانت هذه الدول جادة في هذا الشأن، فعليها وضع حد للانتهاكات التي تجري في جو من غياب المحاسبة – بينما يدفع المدنيون ثمن الأهداف العسكرية والقرارات الخائبة. لكي يثق أهل الموصل بأن محرريهم لن يكونوا منتهكي حقوقهم الجدد، يتعين على الحكومة العراقية أن تتخذ هذه الخطوات إلى جانب الجهود المبذولة لمحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات في الحرب ضد داعش”.