شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

في الذكرى السادسة.. الخطاب الرسمي يسدل الستار على ثورة يناير

في الذكرى السادسة..  الخطاب الرسمي يسدل الستار على ثورة يناير
اعتمادا على مؤشرات كمية وكيفية، ذهب خبراء سياسيون وإعلاميون إلى أن ثورة 25 يناير2011 انتقلت إلى هامش الخطاب الرسمي في مصر، وسط زحف متزايد للقضايا الأمنية والاقتصادية.

اعتمادا على مؤشرات كمية وكيفية، ذهب خبراء سياسيون وإعلاميون إلى أن ثورة 25 يناير2011 انتقلت إلى هامش الخطاب الرسمي في مصر، وسط زحف متزايد للقضايا الأمنية والاقتصادية.

واعتبر خبراء، تحدثوا للأناضول، أن ذكرى ثورة يناير في الخطاب الرسمي في مصر يكاد يقتصر حاليا على مناسبات محدودة، فيما انتقدها إعلاميون موالون للنظام الحالي وحملوها مسؤولية الصعوبات التي تواجهها البلاد في الوقت الراهن، ووصفها آخرون بـ”المؤامرة”.

وحسب الخبير الإعلامي، عادل اليمانى، فقد “ضاقت المساحة التي يأخذها الحديث عن ثورة يناير بشكل كبير في الخطاب الرسمي وحل بدلا منها الأزمات الاقتصادية والسياسية وكذلك الأوضاع الإقليمية”.

وأضاف أن “الثورة انحسرت سياسيا وإعلاميا، الأمر الذي ألقى بتبعاته على الصعيد الرسمي”.

ومدللاً على هذا الانحسار، قال اليماني إن “أغلب المحسوبين على ثورة يناير أصبحوا خارج المشهد الرسمي حاليا، كما أن الأصوات المدافعة عنها بالإعلام أصبحت قليلة جداً حتى بدا وكأن الستار يسدل عليها بهدوء”.

وأكد أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة حسن نافعة “انحسار حضور ثورة يناير في الخطاب الرسمي”، منوهاً إلى أن “الأمر يمتد إلى خطاب الأحزاب السياسية أيضا”.

وقال نافعة لـ”الأناضول”، إن “الأمر طبيعي؛ لأن الثورة لم تُحقق أيًا من أهدافها وفشلت في إرساء مبادئها”.

ورأى أستاذ العلوم السياسية أن “المؤسسة العسكرية احتوت الثورة حتى تُسقط رأس النظام (السابق)؛ للقضاء على مشروع توريث الحكم من الرئيس الأسبق (حسني مبارك) إلى نجله جمال، إلا أنها أبقت النظام كما هو وحالت دون انهياره”.

وتابع نافعة: “المتصدرون للمشهد الرسمي حالياً لا يؤمنون بالثورة، بل ينقمون عليها ويعتبرونها مضادة لمصالحهم”. 

من الإشادة إلى التقييم 

وظلت ثورة يناير، التي أطاحت بنظام حسني مبارك، تتصدر الخطاب الرسمي، خلال فترة حكم المجلس العسكري التي امتدت حتى يونيو/حزيران 2012، فضلاً عن عام رئاسة محمد مرسي، أول رئيس مدني منتخب (يونيو/حزيران 2012-يونيو/حزيران 2013).

وبعد تنحي مبارك في 11 فبراير/ شباط 2011، احتفى المجلس العسكري بثورة يناير، وحظي شهداؤها بتحية عسكرية من جانب اللواء محسن الفنجري، عضو المجلس العسكري آنذاك، أثناء إلقائه بيان المجلس الأعلى للقوات المسلحة للشعب المصري على شاشة التليفزيون الرسمي حينها.

فيما ركز مرسي في معظم خطاباته على تضحيات الثوار، مشدداً على أنه يعمل لـ”استكمال المشوار”، في استحضار لهتاف جماهيري تردد كثيراً في الشارع المصري وقتها، وهو “ثوار..أحرار.. هنكمل المشوار”

وقدم الدستور المصري الصادر في عام 2012، ثورة يناير باعتبارها مرجعية التغيير السياسي في البلاد، وأساس الانطلاقة الوطنية لتحقق الآمال التي عبر عنها المصريون في مختلف ميادين البلاد بشعارهم “عيش ، حرية ، عدالة اجتماعية”.

وجاء بديباجة الدستور: “تستمر ثورة هذا الشعب التي بعثت فيه روحاً طاهرة، جمعت المصريين والمصريات على كلمة سواء، لبناء دولة ديمقراطية حديثة”.

وإثر احتجاجات شعبية اندلعت في 30 يونيو/ حزيران 2013، تم وقف العمل بهذا الدستور بالتزامن مع الإطاحة بمرسي من قبل قيادات الجيش تساندهم قوى سياسية ودينية، في خطوة اعتبرها أنصار الرئيس السابق “انقلابا على الشرعية”.

وقالت قيادة الجيش المصري وقتها، إن هذه الإجراءات تشكل بداية مرحلة انتقالية جديدة لـ” تصحيح مسار ثورة يناير”، التي “حاول البعض أن يحيد بها عن أهدافها الوطنية”.

غير أن الحديث عن 30 يونيو كـ”ثورة شعبية وتصحيح مسار” طغى تدريجياً، على الخطاب الرسمي الذي مال إلى إبراز ما أطلق عليه “محاولات استغلال ثورة يناير لتحقيق أهداف خاصة”، وذلك على غرار ما تكرر في أحاديث كل من الرئيس المؤقت عدلي منصور، والرئيس الحالي عبدالفتاح السيسي.

وفي خطاب ألقاه في ذكراها الثالثة (يناير / كانون الثاني 2014)، قرن منصور ثورة يناير وعيد الشرطة الذي يوافق اليوم نفسه، مشدداً على أن “كلا اليومين” يمثل جزءًا من الذاكرة الوطنية المصرية.

وتضمن خطاب منصور إشادة مزدوجة بالمناسبتين، فقال إن “يوم الخامس والعشرين من يناير 2011، شهد بداية كسر جدار الخوف لدى المصريين”، منوهاً أيضاً إلى أن “يومَ عيدٍ الشرطة عيد لكل مصري؛ لارتباطه بفصل مهم من كفاح الشعب ضد قـوى الاحتلال” الإنجليزي (1882- 1954).

وفي 25 يناير/ كانون ثان 1952، سقط خمسون قتيلاً وثمانون جريحًا من الشرطة المصرية على يد قوات الاحتلال الإنجليزي، بعد رفضهم تسليم سلاحهم وإخلاء مبنى محافظة الإسماعيلية (شرق).

وخلال حكم منصور، الذي استمر عاماً واحداً، تم إقرار دستور جديد للبلاد، ربط بين 25 يناير و30 يونيو، باعتبارهما “ثورة واحدة” دعت إلى “العيش بحرية وكرامة إنسانية تحت ظلال العدالة الاجتماعية”.

ونوه الدستور الجديد إلى أن “ثورة 25 يناير/ 30 يونيو، فريدة بين الثورات الإنسانية بكثافة المشاركة الشعبية التي قدرت بعشرات الملايين وبدور بارز لشباب متطلع إلى المستقبل”.

أما الرئيس الحالي عبدالفتاح السيسي، الذي كان عضواً في المجلس العسكري وقت الإطاحة بمبارك، فيكثر من الاستشهاد بما حدث في 30 يونيو، كلحظة “إنقاذ لمصر”، في مقابل إشارات خاطفة إلى ثورة يناير، اللهم إلا في ذكراها السنوية، حيث يُخصها بخطاب تبثه وسائل الإعلام الحكومية.

وفي خطابه في الذكرى الخامسة لها (يناير/ كانون ثان 2016)، ثمّن السيسي ما حققته للشعب المصري، وأشاد بـ”شباب من خيرة أبناء الوطن ضحوا بأرواحهم من أجل دفع دماء جديدة في شرايين مصر”.

لكنه استطرد قائلاً إن “أي عمل إنساني يخضع للتقييم، وما اعترى تلك الثورة من انحراف عن المسار الذي أراده لها الشعب لم يكن من قبل أبنائها الأوفياء، وإنما جاء نتاجا خالصا لمن حاولوا أن ينسبوها لأنفسهم عنوة”.

وموضحاً، قال السيسي: “الشعب الذى ثار من أجل حريته وكرامته، صوب المسار وصحح المسيرة، فجاءت ثورة الثلاثين من يونيو، لتستعيد إرادة الشعب الحرة وتواصل تحقيق آماله المشروعة وطموحاته المستحقة”. 

التهميش والتشويش 
باعتقاد القاضي السابق أحمد مكي، وزير العدل في عام رئاسة مرسي، “لم تشهد مصر ثورة حقيقية”، معتبراً أن إطلاق هذا الوصف على ما حدث في 25 يناير “مبالغ فيه”.

وقال مكي للأناضول: “لم تكن ثورة؛ لأن نظام مبارك تشقق نتيجة لتظاهرات عادية مصحوبة بشيء من المؤامرات أو تراخي من السلطة عن أدائها ما أنتج الوضع الحالي”.

وأضاف: “ما حدث في 25 يناير يتم كل يوم في إفريقيا حيث تندلع مجموعة مظاهرات تزيح الحاكم وتأتي بغيره، ولكن التغيير الحقيقي لم يحدث بعد”.

وبتقدير السفير معصوم مرزوق، القيادي بالتيار الشعبي الناصري، لا يعد تراجع ذكر ثورة 25 يناير في الخطاب الرسمي “أمراً مفاجئاً”، والسبب، كما قال للأناضول، إن “الثورة المضادة هي من تحكم الآن”.

وأشار مرزوق إلى أن “القائمين على الحكم حالياً لا يؤمنون بأهداف يناير ويرى كثير منهم أنها كانت أمراً سلبياً”.

وتابع أن “الثورة المضادة تمكنت بعد 30 يونيو بشكل كبير من الحكم في مصر، وأصبحت تُسيطر على غالبية مفاصله”.

وخلال الانتخابات البرلمانية التي جرت نهاية عام 2015، تمكن نواب سابقون للحزب الوطني (الحاكم في عهد مبارك) من السيطرة على ربع مقاعد مجلس النواب الجديد (596 إجمالي المقاعد)، فيما عادت بعض قياداته السابقة، لمواقع وزارية، مثل خالد عبدالعزيز الذي يشغل حاليا منصب وزير الشباب، وإبراهيم محلب رئيسا للحكومة ثم مستشارا للسيسي، وفايزة أبو النجا وزيرة التعاون الدولي سابقا ومستشارة للسيسي حاليا.

من جانبه ، أقرّ أحمد البرعي، وزير التضامن الاجتماعي في أول حكومة بعد الإطاحة بمبارك، بانحسار ثورة يناير. وقال للأناضول إن “الأمر امتد إلى غالبية الأصعدة وليس الخطاب الرسمي فقط”.

ورد البرعي هذا الانحسار إلى أن الثورة “قامت بتلقائية وافتقدت لتنظيم يدعمها، لتصل إلى مواقع الحكم”.

وأوضح أن “اليوم.. نرى اختفاءً شبه كامل لثورة يناير؛ لأن من في الصدارة يُعادونها؛ كونها أتت مضادة لمصالحهم، بل يحملونها مسؤولية الصعوبات التي تواجهها مصر في الوقت الراهن”.

نفس الرأي، ذهب إليه الناشط السياسي خالد تليمة، الذي برز في ثورة 25 يناير، إذ قال للأناضول إن “رجال الثورة المضادة الموجودين في الحكم يحاولون تشويش وإخفاء كل معالم الثورة؛ لأنها قامت بالأساس ضدهم”.

وانتقدها إعلاميون محسوبون على النظام الحالي حيث وصفها الإعلاميان المصريان توفيق عكاشة وأحمد موسى بأنها ثورة “خساير”، فيما اعتبرتها الإعلامية رولا خرسا “مؤامرة” كانت تهدف إلى تدمير مصر والمنطقة العربية.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023