لم يحمل عبد الفتاح السيسي السلاح في حرب، لكنه يحمل رتبة المشير، ولقب القائد الأعلى للقوات المسلحة.
معلومات عبد الفتاح السيسي عن حروب مصر ضد أعدائها لا تزيد عن معلومات أي مواطن عادي يعرف تاريخ بلده، ذلك أنه، في ذروة ملحمة حرب أكتوبر/ تشرين أول 1973، ربما لم يكن أهل السيسي قد عثروا على مدرّس يساعده في التأهل لامتحانات الثانوية العامة بعد.
لم يكن السيسي محارباً ولا مقاتلاً، فقط كان يحمل حقيبة التقارير والرصد الخاصة بالمحاربين الحقيقيين، ويذهب بها إلى القيادة السياسية، فتستخدمها في تشكيل المؤسسة العسكرية، وفقاً لكتالوج “كامب ديفيد”.
كان أمس مناسبة ذكرى تحرير سيناء، 25 أبريل نيسان، سيناء التي بكت عليها إسرائيل حين انسحبت منها، ومع ذلك لم تدمّرها، كما يفعل عبد الفتاح السيسي فيها الآن.
يقول المنطق إن الاحتفال بسيناء يكون بالذهاب إلى سيناء، لملامسة الرمل المشبع بدماء أبطال ضحّوا من أجلها، غير أن السيسي لا يطيق الذهاب إلى سيناء، ولا يجرؤ على ذلك، هي بالنسبة له مثل غزة بالنسبة للاحتلال الصهيوني، يتمنى لو اختفت من الوجود، كي يرتاح من صداعها.
ويلفت النظر هنا أن الاسماعيلية، وحدها، تنهض وطناً بديلاً للمهجّرين. ولم أكن أرجم بالغيب حين قلت، قبل أيام، أن بناء “إسماعيلية جديدة” في الأراضي الواقعة بين سيناء والإسماعيلية القديمة أمر مثير للريبة والأسئلة المتعلقة بفتح موضوع استخدام أراضي سيناء حلاً لأزمات إقليمية مزمنة.
تقول صحف السيسي إنه سيتجه، في ثاني أيام ما يسمى مؤتمر الشباب، الأربعاء، إلى مدينة الإسماعيلية الجديدة شرق القناة، لتفقد أعمال البناء والتشييد في المدينة، يرافقه عدد من الشباب الحضور في المؤتمر، ثم يعود إلى الجلسة الثانية للمؤتمر، والتي ستستمر إلى الساعة 9 مساء.
كتبت سابقاً أن “الاسماعيلية الجديدة” ربما تكون بديل سيناء بالنسبة للسيسي. وبذلك تنهض للعب دور خطير في”صفقة القرن”، مع الوضع في الاعتبار أن إنشاءها هو المشروع الوحيد الذي ينفّذ بجدية، منذ اليوم الأول لاختطاف الجنرال السلطة، وبأموال مانحين خليجيين بالأساس.
أيضاً، كانت “الاسماعيلية الجديدة” حاضرة، وطناً بديلاً للمسيحيين المهجّرين قسراً، من شمال سيناء، من دون أن تستشعر سلطات السيسي غضباً أو خجلاً من إجبارهم على النزوح، وكأنها كانت راضيةً وسعيدة بذلك.
ضع بجانب خبر ذهاب السيسي إلى الإسماعيلية هذين الخبرين. الأول من “المصري اليوم”، ويقول “كشف عضو الكونغرس الأميركي، تشاك فلايشمان، كواليس لقاء وفد الكونغرس مع الرئيس عبد الفتاح السيسى في القاهرة، في أثناء تلقيه أنباء تفجيرات أحد السعف في كنيستى طنطا والإسكندرية، يوم 9 إبريل الجاري. وقال فلايشمان لصحيفة يو. إس. إيه توداى الأميركية، أمس الأحد، إن وفد الكونغرس كان في اجتماع استمر ساعتين، قبل أن يندفع أحد مساعدي الرئيس السيسي إلى الغرفة ليبلغه الأخبار المؤسفة.
وذكر فلايشمان، في تصريحاتٍ للصحيفة، أن الرئيس السيسى التفت إلى زوّاره، وكرّر (أمام أعضاء الكونغرس) ما أخبره به مساعده، وقال إن التقرير مازلت تتوالى. وشدد فلايشمان على أن التفجيرات أكدت على نقطة شائكة، كان السيسي يحاول إقناع الأميركيين بضرورتها. وأوضح عضو الكونغرس الأميركي أن السيسي قال لهم: بدلًا من ضرب الأهداف العسكرية، باتوا يستهدفون المدنيين لإثناء الناس عن القدوم إلى مصر، وأضاف: قال (السيسي) لنا أيضا إنهم (الإرهابيون) يحاولون إفساد التناغم والانسجام بين المسلمين والمسيحيين.
الخبر الثاني مترجم عن الصحافة الإسرائيلية، ويقول” كشف موقع وللا العبري، في تقرير أعدّه المحلل الإسرائيلي البارز لشؤون الشرق الأوسط، آفي سيخاروف، أن الرئيس محمود عباس “سيقدّم مهلة لحركة حماس لتسليمه السيطرة على قطاع غزة، أو إيقاف جميع المدفوعات للقطاع”.
وأكد الموقع أن خطوة عباس تمثل “فك الارتباط تدريجيا مع قطاع غزة، وأن على حماس تحمل تبعات القطاع وحدها”، موضحا أن خطوة عباس “المثيرة من شأنها أن تفاقم الوضع السيئ لسكان القطاع؛ وخاصة مع توقف دفع فواتير الكهرباء والمياه”.
ضع الاسماعيلية الجديدة وسيناء وغزة، وأضف عليها ما تسرّب عن “صفقة القرن”، والقمة التي رأسها نتنياهو في العقبة، وضمت السيسي وعاهل الأردن وعباس، وتخيل خريطة ديموغرافية للمنطقة الممتدة من غزة إلى الاسماعيلية الجديدة.