تسببت عدة أحداث مؤخرا في وضع نقيب الصحفيين، عبد المحسن سلامة، في مرمي نيران الغضب الصحفي من جانب أعضاء الجمعية العمومية، كان أبرزها ثلاث مواقف؛ اخرها حجب عدة مواقع صحفية ثم إدراج 15 صحفيا ضمن قوائم الإرهاب وقبلها الدعوة التي وجهها النقيب لوزير الداخلية لزيارة النقابة والتي لقيت رفضا كبيرا من الوسط الصحفي.
الحجب والتبرير
وتمثلت الوقعة الأولى في قرار السلطة بحجب قرابة 26 موقعا صحفيا، وكان رد النقيب مرحبا بهذا القرار بحجة الحفاظ على الأمن القومي مما تسبب في استهجان كبير من جانب الصحفيين واستغراب لهذا الموقف.
ففي تصريحات لوكالة أنباء الشرق الأوسط، قال عبد المحسن سلامة: “إنه مع قرار حجب المواقع الإلكترونية القطرية والإخوانية طالما كانت تهدد الأمن القومي المصري”.
ولفت إلى أنه لم يتلق بعد من أي مسؤول إخطارا رسميا بهذا الخصوص، ولا من قيادات مواقع مصرية ما يفيد بحدوث حجب فعلي لها.
وأضاف قائلا: “سننظر في ذلك وسنرى ما هي مشاكل هذه المواقع المصرية التي وردت في قرار الحجب وسندعمها قانونيا في حال لم تدعم الإرهاب وتهدد الأمن القومي، ولكن ننتظر أن تصل إلينا معلومة بشكل رسمي.
وكان ذلك ردا علي حجب 21 موقعا أضيف إليهم أربع مواقع أخرى لاحقا وهي مواقع “محيط” و”البورصة” و”ديلي نيوز” و”مصر العربية”.
وأصدرت النقابة منذ قليل بيانا تطالب فيه المجلس الأعلى للإعلام بلجان تحقق من المواقع الإلكترونية المحجوبة، للتدقيق في شأنها وذلك بعد ورود شكاوى من عدة مواقع، كانت منها البورصة وديلي نيوز ومصر العربية، مؤكدة في الوقت نفسه دعمها لقرار حجب المواقع الأخرى.
شكوى وضغوط
وفي محاولة منهما للاستفسار عن سبب القرار ووقف القرار تقدمت صحيفتا “البورصة و”ديلي نيوز”، بمذكرة أمس الأحد، لكل من نقابة الصحفيين والمجلس الأعلى للإعلام، بشأن حجب الموقعين الإلكترونيين التابعين لصحيفتين مرخصتين من المجلس الأعلى للصحافة، وتعملان وفقا للقانون، دون مبرر أو إخطار أو تفسير.
وتحت الضغوط والشكاوي اضطر سلامة للرد علي علي المذكرة قائلا: “إنه سيوجه مذكرة للمجلس الأعلى لتنظيم الإعلام بصفته المنوط بالمواقع الإخبارية، وذلك بشأن حجب أربعة مواقع إخبارية مصرية، هي: مدى مصر، والمصريون، ومصر العربية، والبورصة”.
مضيفا في تصريحات لـ”الشروق” أنه سيبحث أسباب الحجب، وهل لديهم مشكلات قانونية أم لا، خصوصا أن جريدة البورصة الورقية، موجودة بالسوق ولم تحجب، مشيرًا إلى أن النقابة تلقت شكاوى رسمية من المواقع مكتوبة وشفهية.
قوائم إرهاب الصحفيين
الوقعة الثانية التي تسببت في هذا الغضب فتتعلق بإدراج 15 صحفيا ضمن قوائم الإرهاب، وهو الامر الذي لم يجد أي رد فعل من النقيب أو النقابة رغم أن هناك عدد ممن شملتهم القائمة أعضاء في نقابة الصحفيين ومنهم أحمد سبيع وهاني صلاح الدين، حيث تم تبرئتهم من جانب القضاء في القضية التي تم إدراجهم على خلفيتها في قوائم الإرهاب.
ونشرت الجريدة الرسمية المصرية السبت الماضي، قرارًا للدائرة 16 بمحكمة جنايات القاهرة، برئاسة المستشار عبدالظاهر الجرف وعضوية المستشارين عبدالباسط الشاذلي ومحمود مصطفى الرئيسين بمحكمة الاستئناف، بإدراج مواطنين مصريين ضمن قائمة الكيانات الإرهابية.
وتضمن القرار إدراج 15 صحفيًا وإعلاميًا ضمن هذه القائمة بتهم نشر أخبار كاذبة عن الأوضاع في مصر كما جاي في نصل القرار، رغم أن المحكمة برأت صحفيين مدرجين في القائمة من التهم المنسوبة إليهم، إلا أنهم جاؤوا بالقائمة دون مبرّر لضمهم إلى قائمة إرهابية بتهم بُرئوا منها.
واستند قرار الدائرة 16 بمحكمة الجنايات إلى لائحة الاتهام في القضية المعروفة إعلاميًا بـ”غرفة عمليات رابعة”، التي أصدرت محكمة الجنايات فيها حكمها النهائي يوم 8 مايو المنصرم وبرّأت صحفيين وإعلاميين أدرجت الدائرة 16 أسماؤهم ضمن القائمة الجديدة، وهم أحمد سبيع وهاني صلاح الدين ومسعد البربري ووليد شلبي وعبده مصطفى.
ووفقًا لقرار الدائرة 16، فإن الإعلاميين الواردة أسماؤهم في القائمة “أذاعوا عمدًا في الخارج أخبارًا وبيانات وإشاعات كاذبة عن الأوضاع الداخلية للبلاد، بأن بثوا عبر شبكة المعلومات الدولية وبعض القنوات الفضائية مقاطع فيديو وصورًا وأخبارًا كاذبة للإيحاء للرأي العام الخارجي بعدم قدرة النظام القائم على إدارة شؤون البلاد، وكان من شأن ذلك إضعاف هيبة الدولة”
اقتحام النقابة
وكانت القضية الأخيرة التي فجرت الغضب في وجه النقيب فتتعلق بدعوة “سلامة” لوزير الداخلية لزيارة النقابة عقب المقابلة التي جرت بينهما بمقر الوزارة بصحبة رئيس المجلس الأعلى للإعلام، مكرم محمد أحمد، مما تسبب في ردود فعل غاضبة عبر عنها عدد من أعضاء مجلس النقابة.
الدعوة أثارت غضب المئات من الصحفيين بسبب ما قامت به الشرطة في واقعة غير مسبوقة في الأول من مايو 2016 من اقتحام لنقابة الصحفيين بالمخالفة للقانون والدستور وتوجيه تهمة التستر على هاربين من العدالة لنقيب الصحفيين السابق يحيي قلاش، ووكيل النقابة السابق خالد البلشي، وسكرتير عام النقابة السابق جمال عبد الرحيم، وصدور حكم بالحبس ضدهم.
من جانبه قال جمال عبد الرحيم، عضو مجلس نقابة الصحفيين، في تصريحات صحفية: “نرفض السماح لوزير الداخلية بدخول مقر النقابة بعض محاصرتها يوم 25 أبريل 2016 ومنع الزملاء الصحفيين من الدخول وألقى القبض على 42 من الزميلات والزملاء بدون وجه حق واقتحامها أول مايو بالمخالفة للمادة 70 من قانونها التي تحظر دخول قوات الأمن أو تفتيشها إلا في حضور رئيس نيابة عامة ونقيب الصحفيين أو من ينوب عنه، ومحاصرتها في 4 مايو 2016 أثناء انعقاد الجمعية العمومية وتحريض البلطجية والمسجلين خطر بمنع الزملاء والزميلات من الدخول والاعتداء عليهم”.
دعوة لا تمثل المجلس
وهو الشعور نفسه، الذي عبر عنه محمود كامل، عضو مجلس نقابة الصحفيين؛ حيث أكد أن الدعوة التي وجهها نقيب الصحفيين عبد المحسن سلامة، لوزير الداخلية لزيارة نقابة الصحفيين لا تمثل المجلس لأنه لم يجتمع لمناقشة الأمر.
وأوضح، في تصريحات صحفية، أن “دعوة كهذه وبعد مرور عام على جريمة اقتحام الداخلية لمبنى النقابة وانتهاكها لقانون النقابة وللدستور دون مساءلة قانونية وفي عهد نفس الوزير، تحتاج إلى مناقشة مستفيضة داخل مؤسسة النقابة التي تمثل كل الصحفيين، بالرغم من أن الدعوة مرفوضة شكلا ومضمونا من قبل أن تناقش وفقا لرؤيتي للحفاظ على كرامة هذا الكيان الذي يمثلنا جميعا”، بحسب تعبيره