بعد ترشيح سليمان:
ارتياح إسرائيلي وانتقادات من الإخوان و6 أبريل تتوعد بالعودة للميدان
أثار عمر سليمان؛ الذي عينه الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك نائبا له قبيل تخليه عن السلطة في 11 فبراير 2011م لغطا حوله عقب ترشحه لانتخابات الرئاسة المقررة نهاية مايو المقبل، وتواترت الاتهامات له بمحاولة إعادة إنتاج النظام السابق، وهو ما نفاه.
فقد قدم سليمان – الذي كان مديرا للمخابرات العامة لسنوات طويلة – ملف ترشحه إلى اللجنة العليا للانتخابات قبل 15 دقيقة تقريبا من غلق باب الترشح في الثامن من أبريل.
وتمكن سليمان في غضون يوم واحد من جمع أكثر من سبعين ألف توكيل، أي نحو ضعفي العدد المطلوب من التوكيلات وهو ثلاثون ألفا، بينما تحدث مسئولو حملته عن جمعه 130 ألف توكيل في يومين.
وقد أثار ترشح سليمان في اللحظة الأخيرة، وجمعه ذلك العدد الكبير من التوكيلات في وقت قصير، والحماية العسكرية المشددة التي أحيط بها لدي تقديم ملفه شكوكًا لدي جهات مصرية كثيرة بأن سليمان مدعوم بصورة أو بأخرى من المجلس العسكري.
لكن نائب المخلوع نفى في تصريحات صحفية أي صلة للمجلس العسكري بقرار ترشحه، وقال: "إن المجلس لم يعلم بقراره إلا من خلال الإعلام، مضيفا: "إنه ترشح استجابة (لضغوط جماهيرية) بعدما أعلن قبل ذلك بأيام أنه لن يتقدم للانتخابات.
لكن المعروف أن ترشح سليمان في اللحظة الأخيرة أثار موجة من الانتقادات من ليبراليين وإسلاميين يرون أن الغرض من ترشحه إجهاض الثورة وإحياء النظام السابق، وكان المرشحان عبد المنعم أبو الفتوح ومحمد سليم العوا بين منتقدي ترشح سليمان.
أما خيرت الشاطر المرشح الأصلي للإخوان المسلمين فقال: "إن ترشح المدير السابق للاستخبارات فيه نوع من الإهانة للثورة". وأضاف: "إن سليمان لا يمكن أن يفوز إلا في حال تم تزوير النتائج، وأنه في حال فوزه ستُستأنف الثورة، وهو ما لوحت به أيضا حركات وائتلافات ثورية بينها حركة كفاية".
وذهبت بعض الائتلافات إلى حد الحديث عن دعم إسرائيلي وأمريكي لترشيح مدير المخابرات العامة السابق، في حين رحبت أوساط سياسية إسرائيلية بترشحه باعتباره الأكثر حرصا على حماية معاهدة كامب ديفيد. وفي السياق ذاته، تحدث السفير الإسرائيلي السابق في القاهرة تسيفي مزئيل عن صفقة بين المجلس العسكري وسليمان لمنع الإسلاميين من السيطرة على دواليب الحكم برمتها.
دفاع سليمان
أما سليمان فرد على من يتهمونه بمحاولة إنتاج النظام السابق بـ: "إن عقارب الساعة لن تعود إلى الوراء، وتحدث عن تهديدات له بالقتل من عناصر تنتمي للإخوان المسلمين ولجماعات إسلامية أخري عقب ترشحه".
وأضاف: "إنه تشجع لخوض الانتخابات؛ لأنه شعر بأن الإخوان المسلمين فقدوا كثيرا من شعبيتهم بعد دفعهم بمرشح رئاسي (ثم بمرشح احتياطي) بخلاف ما كانوا وعدوا به سابقا من عدم تقديم مرشح للرئاسة".
مواقفه وبرنامجه
قال سليمان في تصريحات صحفية: "إنه رشح نفسه على أساس نظام رئاسي يمنح سلطات مهمة للرئيس تمكنه من حماية البلد، وأعلن رفضه النظام المختلط أو النظام البرلماني".
وقال أيضا: "إنه لن يتدخل في محاكمة رموز النظام السابق وفي مقدمتهم مبارك، وإنه يؤمن بفصل السلطات".
وتعهد عمر سليمان باحترام تعهدات والتزامات مصر بما يحقق المصلحة الوطنية وإرساء توازن في علاقات مصر الإقليمية والدولية. وعرض بعض الأولويات في برنامجه الانتخابي، وفي مقدمتها إنقاذ البلاد من الفوضى واستعادة الأمن بسرعة.
وتحدث في هذا الإطار عن فرض هيبة الدولة من خلال العدل في تطبيق القوانين. وفي الجانب الاقتصادي تحدث عن خطوات سريعة وعاجلة لإنقاذ الاقتصاد، ويشمل هذا سن قانون لحماية الاستثمار، وتشجيع التصدير، وإعادة رجال الأعمال الذين نقلوا استثماراتهم إلى الخارج.
تاريخه
عينه الرئيس السابق نائبا له في 29 يناير 2011م؛ أي بعد أربعة أيام من اندلاع الثورة، وظل في منصبه هذا حتى تنحي مبارك في 11 فبراير من العام نفسه. وكان سليمان هو من ألقى البيان الشهير الذي ورد فيه تخلي مبارك عن السلطة.
وعن هذا المنصب تحديدا، قال سليمان: "إنه تولاه لبضعة أيام (لإنقاذ ما يمكن إنقاذه). وكان قد قال في مقابلة تلفزيونية خلال الثورة: "إن المصريين غير مستعدين للديمقراطية".
وقبل هذا، تولى سليمان رئاسة المخابرات العامة من 22 يناير 1993 حتى تعيينه نائبا لمبارك. وحول إدارته للمخابرات العامة، نفى عمر سليمان أن يكون هذا الجهاز قد قام بأي تجاوزات في عهده.
وقد ظل سليمان معروفا لفترة طويلة في أوساط المخابرات المصرية المختلفة، ليبدأ منذ العام 2000م ظهوره العلني عبر جولات بين غزة ورام الله والقدس المحتلة وتل أبيب ممثلا للوساطة المصرية في القضية الفلسطينية.
وقاد في هذا الإطار وساطات عديدة بين حركتي حماس وفتح، وتوسط في 2006م لحل قضية أسر الجندي الإسرائيلي (جلعاد شاليط) عبر اتصالات متعددة مع إسرائيل والحكومة الفلسطينية وقيادة حماس.
كما قام بأدوار دبلوماسية شملت زيارة سوريا بعد مقتل رئيس الوزراء اللبناني الراحل رفيق الحريري. واللواء سليمان من مواليد محافظة قنا عام 1936، وانضم إلى القوات المسلحة المصرية عام 1954.
تليجراف: سليمان الخط السري مع إسرائيل
في الوقت نفسه، أكدت صحيفة (تليجراف) البريطانية في مقالة قديمة بتاريخ 7 فبراير 2011 تحت عنوان "ويكيليكس: عمر سليمان الخط الساخن السري مع إسرائيل مرشح لخلافة مبارك". في سياق تعليقها على توليه منصب نائب الرئيس العام الماضي، مؤكدة أن سليمان مرشح إسرائيل للرئاسة منذ عام 2008م وأكبر قنوات التواصل السرية مع تل أبيب، كما تؤكد الوثائق السرية المسربة عن ويكيليكس".
وأضافت الصحيفة في مقالتها المنشورة منذ عام تقريبا ما يؤكد أن ترشح سليمان بعد تراجعه عن الترشح ليس صدفة أو بناءً على مطالب مؤيديه كما يدعي، لكنها خطة موضوعة منذ سنوات، فتؤكد الصحيفة في مقالتها القديمة أن سليمان الأوفر حظا لتولي السلطة من الرئيس حسني مبارك كرئيس للبلاد وليس مجرد نائب، والأحرى من ذلك ما وصفته الصحيفة بأنه مرشح إسرائيل للرئاسة بالاتفاق مع واشنطن منذ عام 2008م وأنه يتمتع بعلاقات رائعة مع إسرائيل تؤهله لرئاسة مصر وخدمة المصالح الإسرائيلية .
وتابعت الصحيفة نقلا عن وثائق ويكيليكس المسربة عن جهات إسرائيلية: "سليمان شخصية رئيسية تعمل من أجل السلام في الشرق الأوسط، كما اقترح سليمان ذات مرة دخول القوات الإسرائيلية إلى مصر وأنها ستكون موضع ترحيب، كما سيسمح لها بممارسة جهودها لوقف تهريب السلاح إلى حماس في غزة، كما أنه قادر على كبح جماح الإسلاميين".
وأكدت "تليجراف" أنها حصلت على ملفات سرية من موقع ويكيليكس، وورد بالملفات ما نصه: "فاز سليمان بتأييد هيلاري كلينتون، وزيرة الخارجية الأمريكية، لقيادة (الانتقال) إلى الديمقراطية بعد المظاهرات التي دعت إلى الرئيس حسني مبارك إلى التنحي".
وأضافت الوثائق: "تحدث ديفيد كاميرون، رئيس الوزراء إلى سليمان وحثه على اتخاذ خطوات جريئة وذات مصداقية؛ لتظهر مصر أمام العالم بأنها على وشك الدخول إلى مرحلة انتقالية".
وأوضحت الصحيفة أن البرقيات المسربة عن السفارات الأمريكية في القاهرة وتل أبيب تكشف عن التعاون الوثيق بين سليمان والولايات المتحدة والحكومات الإسرائيلية".
وورد بالوثيقة: "يقول "ديفيد هاتشام" أحد كبار مستشاري وزارة الدفاع الإسرائيلية، في تقريره إلى السفارة الأمريكية في تل أبيب أثناء زيارته للقاهرة في وفد برئاسة وزير الدفاع الإسرائيلي (إيهود باراك): "إنه أُعجب جدا بطريقة تفكير عمر سليمان، كما عبر عن صدمته عندما قابل مبارك الذي أصبح عجوزا لا يستطيع الكلام".
وأضاف "هاتشام": "أرشح سليمان لخلافة مبارك على الأقل إذا مات مبارك أو أصبح عاجزا". وأضاف الدبلوماسيون في تل أبيب: "كلفنا سفارتنا في القاهرة بوضع سيناريوهات الخلافة المصرية، ولكن ليس هناك شك أن إسرائيل ترتاح جدا إلى سيناريو تولي عمر سليمان".
وتؤكد الوثائق المسربة إلى الصحيفة أن: "سليمان كان يعمل دائما على أن تظل حركة حماس معزولة وأن يظل الفلسطينيون في غزة جوعى على ألا يموتوا من الجوع".
وكشفت وثائق أخرى أن سليمان اقترح دخول قوات إسرائيلية إلى منطقة الحدود المصرية مع غزة والمعروفة بـ (محور فيلادلفيا) لوقف التهريب وهدم الأنفاق.
ورد مدير المخابرات في حديث مع صحيفة الأخبار المصرية: "إن استعادة الأمن والاستقرار ستكون على رأس أولوياته كرئيس".
وسعي سليمان في حديثه إلى النأي بنفسه عن النظام القديم، فقال: "إن الانتفاضة التي أجبرت مبارك على التخلي عن منصبه، قبل نحو 14 شهرا، أنشأت واقعا جديدا لا يمكن تغييره".
وقال سليمان: "لا يمكن إعادة عقارب الساعة إلى الوراء، وقد أسست الثورة لواقع جديد لا يمكن تجاهله، ولا يمكن لأي شخص مهما كان وضعه إعادة النظام الذي سقط، والذي رُفِضَ وقامت الثورة ضده".
وأضاف سليمان: "إذا كنت رئيسا للمخابرات، ثم نائبا للرئيس لعدة أيام، فهذا لا يعني أنني كنت جزءا من النظام الذي ثار الشعب عليه".