شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

«ميدل إيست آي»: لهذه الأسباب يجب أن نتحدث عن «الحريات» في مصر

شرطي مصري - أرشيفية

سلّطت صحيفة «ميدل إيست آي» البريطانية الضوء على أوضاع حقوق الإنسان والحريات في مصر بمناسبة اليوم العالمي لحقوق الإنسان، وأبرز الانتهاكات الممارسة ضد المواطنين وبُعد الأجهزة الأمنية عن الرقابة ومساءلة القضاء؛ بعدما أصبح تابعًا وخاصًا للأجهزة التنفيذية التي تسعى إلى تكميم الأفواه من أجل الحفاظ على موقعها، وكل هذا يحدث بعلم من الحكومات الغربية.

وطالبت الكاتبة «خديجة النمر»، الناشطة في مجال حقوق الإنسان، بحسب ما ترجمت «شبكة رصد»، المواطنين الغربيين بضرورة الاطّلاع على ما تقوم به حكوماتهم، وفي مقدمتهم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي أبدى تهاون النظر في ملف حقوق الإنسان بمصر أثناء مؤتمر مع السيسي، مؤكّدة أنّ المساعدات التي تتلقاها مصر هي في الأصل من جيوبهم الخاصة والضرائب التي يدفعونها.

وفي 24 نوفمبر 2017، قُتل أكثر من 300 مصلٍّ في مسجد الروضة شمال سيناء في إحدى أعنف الهجمات الإرهابية التي شهدها المصريون في تاريخهم.

ضحايا الهجوم على مسجد الروضة شمال سيناء

وبالرغم من أنّ أسر الضحايا تستحق العدالة لضحاياهم؛ فوعيد السيسي بالرد بـ«القوة الغاشمة» ليس فعالًا، ومهمل وظالم.

ويعرف المحامون ونشطاء حقوق الإنسان ماذا يعني الرد بالقوة الغاشمة؛ أي إنّ هذه المأساة ستُستخدم لإضفاء الشرعية على الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في شمال سيناء.

الحسابات المخيفة

وفي محاولة لتوطيد نظام السيسي المؤسس بعد الانقلاب العسكري على الحكم الديمقراطي في 2013، استخدمت السلطات المصرية نهجًا يعرّفه «نعومي كلاين» بأنه «عقيدة الصدمة»، ويقوم على استخدام الرعب والخوف الذي يسبّبه الإرهاب لمواصلة تعزيز المصالح الاستراتيجية والاقتصادية.

وتحت ذريعة الحفاظ على الاستقرار والأمن ومكافحة الإرهاب، تمارس حكومة السيسي انتهاكات جسيمة؛ لتعزيز سيطرتها على المواطنين، ويمكن للمرء أن يدرك حجم أزمة حقوق الإنسان في مصر؛ عبر الاطلاع على التقارير المؤسفة لضحايا الاختطاف والتعذيب والحبس التعسفي، إضافة إلى شهادات الأسر التي اختفى أفراد منها أو أعدموا بإجراءات موجزة بواسطة الأمن.

قوات من الشرطة تعتدي على مواطنين

وحتى «مكافحة الإرهاب» التي تنتهجها مصر تنضوي على خرق للقانون الدولي، بجانب استمرار انتهاك الحقوق الأساسية، بما في ذلك حرية التعبير. وتستخدم الحكومة المصرية الحالية مكافحة الإرهاب ذريعة لتجريم الانتقاد السلمي والمعارضة.

ومكّنت السلطات القمع عبر سنّ قوانين تنتهك هذه الحقوق، بجانب انتهاكات قوات الأمن دون عقاب أو مساءلة، ومراقبة وسائل الإعلام والاتصالات.

ثقافة الخوف

بدأت ثقافة الخوف في مصر عام 2013 بقانون التظاهر، الذي كان واحدًا من أوائل التشريعات التي أقرّتها حكوم الانقلاب. وبسبب القانون؛ اُعتُقل آلاف المتظاهرين السلميين والطلاب والنشطاء وعذبوا، وكانت التهمة «التخطيط أو التحريض على التظاهر».

غير أنّ هذا القانون يعد جزءًا صغيرًا من قوانين استخدمتها حكومة السيسي لتوطيد النظام السياسي، وتضييق المجال للمعارضة، وفرض ثقافة الخوف داخل المجتمع المصري.

قوات الأمن تعتقل متظاهرين -أرشيفية

كما فُرضت قيود شديدة على الصحفيين، واُعتُقل عديدون منهم بتهم «نشر أخبار كاذبة»؛ لتغطيتهم انتهاكات حقوق الإنسان في مصر، أو إمداد المراسلين الأجانب بمعلومات عنها. ويعد قانون مكافحة الإرهاب لعام 2015 من أكثر القوانين قمعًا في منطقة الشرق الأوسط، وتسبب في إدراج الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان تعسفًا كإرهابيين، وسمح للسلطات بتجميد أصولهم ومنعهم من السفر.

وكانت آخر هذه الضربات «قانون الجميعات الأهلية»، المُسنّ عام 2017، وبموجبه تفرض الحكومة رقابة صارمة على أنشطة الجمعيات الأهلية والمنظمات المستقلة أو أي بديل آخر لها. واستخدمت قوات الأمن، التي لا تخضع للمساءلة والقضاء، جميع هذه القوانين أدوات للقمع؛ وتقول التقديرات إنّ السلطات نفّذت في الأربع سنوات الماضية أكثر من 60 ألف حالة اعتقال، أغلبها لأفعال سلمية كالتظاهر.

كما تعتبر مصر أسوأ دولة على مستوى الصحفيين في العالم، وتحتل المرتبة 161 من أصل 180 دولة لحرية الصحافة، ومنذ مايو الماضي حُظر أكثر من 400 موقع إلكتروني، بما في ذلك مواقع منظمات حقوق الإنسان. وإضافة إلى آلاف حالات التعذيب وسوء المعاملة، توفي مئات الأشخاص أثناء الاحتجاز منذ عام 2013؛ نتيجة للتعذيب وسط ظروف احتجاز سيئة للغاية، وحرمانهم من الرعاية الطبية.

مستويات التعذيب لم يسبق لها مثيل

وفي أغسطس 2017، نشرت لجنة مناهضة التعذيب التابعة للأمم المتحدة تقريرًا عقب إجراء تحقيق محايد وسري لمدة أربع سنوات بشأن ممارسة قوات الأمن المصرية التعذيب؛ وتوصّل إلى أنّ التعذيب في مصر بطريقة ممنهجة وبأساليب واسعة النطاق ومتعمدة.

من توثيق هيومان رايتس ووتش للتعذيب في مصر

وتُظهر الأرقام أنه منذ الاستيلاء العسكري على السلطة وصلت ممارسات التعذيب إلى مستويات لم يسبق لها مثيل. ومع ذلك، تحقيق الأمم المتحدة واستنتاجاته المزعجة لم يلاحظهما -إلى حد كبير- الإعلام الدولي ولم يسبب أي إزعاج لحلفاء مصر الديمقراطيين.

والواقع أنّ هذه الممارسات نُفّذت بصمت -إن لم يكن دعم- الديمقراطيات الغربية، التي تعتبر أنّ استقرار مصر ومصالح هذه الدول الاقتصادية أولوية على حقوق الإنسان؛ حتى لو دفع المدنيون الثمن باهظًا. ومن الأمثلة على ذلك بيان الرئيس الفرنسي «إيمانويل ماكرون» في زيارة السيسي لباريس في أكتوبر، الذي قال إنه لن يعطي دروسًا لنظيره المصري، بينما تدعوه المنظمات غير الحكومية إلى التصدي على سبيل الأولوية لأزمة حقوق الإنسان في مصر.

وبعيدًا عن حجة المدافعين عن حقوق الإنسان العالمية، التي تدعو إلى الاحترام العالمي لحقوق الإنسان كقيمة في حد ذاتها؛ من المهم أيضًا جعل الجمهور، خاصة في المجتمعات الديمقراطية، إدراك أنّ باستطاعتهم أداء دور إيجابي في السياسة الدولية.

تحدّث إلى مصر

يعدّ الاتحاد الأوروبي أكبر شريك تجاري لمصر، وتتلقى مصر مبالغ كبرى من أموال دافعي الضرائب البريطانيين، كما إنها أحد أكبر المستفيدين من المساعدات المالية الأميركية، وجزء كبير منها عبارة عن مساعدات عسكرية، وتستخدم كل هذه الأموال -التي هي أصلًا من جيوب المواطنين- في تعزيز العنف بمصر.

الاتحاد الأوروبي – أرشيفية

واعتماد هذه الأنظمة -مثل السيسي- على دعم الحكومات الغربية، يجب استخدامه لمساءلتها؛ فالسماح بالدعم السياسي والمالي والتكنولوجي والعسكري لاستخدامه في انتهاك أهم الحقوق الأساسية للمواطنين المصريين لا يتناقض مع المثل العليا للسلام والديمقراطية وحسب؛ بل يتعارض أيضًا مع استقرار الجميع وأمنهم.

ولا يمكن تحقيق الاستقرار بالقوة الغاشمة، بل عبر ضمان احترام سيادة القانون بمعناه الأساسي؛ فالطرق السلمية والقانونية والسياسية أكثر إسهامًا في تطوّر المجتمع، ولا بد من توسيع نطاق التضامن الدولي القائم بالفعل لمكافحة الفقر والمرض ليشمل الحقوق المدنية والسياسية لدعم حقوق الإنسان الأساسية.

وأولى الخطوات لإرساء قيم الديمقراطية في مجتمعات كمصر: ضمان وعي دافعي الضرائب الغربيين بأزمات حقوق الإنسان في هذه الدول، التي تعززها حكوماتهم بدعم أعمى. وبجانب ذلك، ضرورة رفع وعي الجماهير الغربية بالحملة التي تقودها مصر على الحقوق والحريات في البلاد تحت اسم الحفاظ على الاستقرار، وبدعم من المساعدات المالية.

وبما أنّ اليوم هو الذكرى السنوية السبعين للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، فإنّ إشراك المجتمع الدولي فيما يحدث بمصر أكثر أهمية من أي وقت مضى؛ لضمان السلام والاستقرار العادلين والمستدامين، خاصة أنّ هدف الإعلان العالمي لحقوق الإنسان عام 1948 كان ضمان التحرر من الخوف والاحتياج لدى المواطنين في جميع أنحاء العالم.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023