حين أبرزت بعض صحف أمس (الأحد 19/2) قصة ضباط الشرطة الذين يريدون إطلاق لحاهم في الظروف المواتية الراهنة، قلت: هذا موقف ليس له إلا الشيخ محمد الغزالي. إذ تذكرت يوم أن صادف شابا حضر مجلسا وقد تدلى من فمه «مسواك» ظل يحركه طول الوقت. وهو ما أثار استياء الشيخ فسأله مستنكرا: ما هذا الذي تفعله؟ فرد الشاب قائلا إنه سنة عن النبى عليه الصلاة والسلام، فقاطعه الشيخ قائلا، والاستياء بادر على وجهه: إن «الاستنجاء» سنة أيضا! (مشيراً إلى الاغتسال بعد قضاء الحاجة). وكانت رسالته واضحة وهى أن هناك ملاءمات حتى في اتباع السنن، وأنه ليس كل سنة تمارس في أي وقت وفي أي مكان. ومن الكياسة أن توضع السنة في سياقها ومكانها المناسبين. نحن نعلم أن السُّنة درجات، وبعضها من العادات والبعض الآخر من العبادات، والأخيرة فيها الملزم وغير الملزم. ومن تطوع في اتباع ما كان قولا أو فعلا أو إقرارا من السنن فهو خير له. ولست هنا في مقام الافتاء في موقع اللحية من درجات السنن، فذلك أمر له أهله. لكنى أتحدث عن الملاءمة في إطلاقها بالنسبة لرجل الشرطة في مصر. وأخص مصر بالذكر لأن إطلاق اللحية في الشرطة والجيش شائع في الأقطار الخليجية وفي بعض الدول الأخرى مثل باكستان والهند وأفغانستان. بالتالي فأنا أتحدث عن مجتمع ليس من أعرافه أن يطلق رجل الشرطة أو الجيش لحيته. الأمر الذي يعنى أن التصريح بإطلاق اللحية فيه يمكن أن يعبر عن هوية ليس من الصحي إبرازها في أوساط الشرطة أو الجيش. حيث أزعم أن ذلك قد يكون بابا لفتن لا يعلم إلا الله مداها. لا أخفى أنني ما أردت أن أناقش موضوع الإباحة والحظر في إطلاق لحية العسكريين، وإن كنت أسجل أنه بعد الثورة ألغى قرار منع الضباط المتقاعدين الملتحين والسيدات المنتقبات من دخول نوادي القوات المسلحة، في حين ألحظ ازدراء رسامي الكاريكاتير الدائم بالملتحين، حتى قلت مرة لمن أعرف منهم ليتكم تعاملونهم بذات القدر الذي تصورون به القسس. ما يشغلني حقا ليس إجابة السؤال هل يسمح للعسكريين بإطلاق لحاهم أم لا، ولكن يقلقني طرح السؤال من الأساس، لأنني أزعم أنه حين يأتي ذكر الشرطة على أي لسان، فإن أول ما يخطر على البال هو حال الانفلات الأمني وإعادة هيكلة الداخلية ليصبح هدفها الدفاع عن المجتمع واحترام المواطن وليس العكس. أما إطلاق اللحى أو حلقها فذلك شأن يهم أفرادا معدودين ولا يهم المجتمع في شيء. وحين تسلط وسائل الإعلام الأضواء على أمثال تلك الأمور الفرعية وتحولها إلى قضايا عامة، فإنها تؤدى إلى تشويه الرأي العام وإشاعة الخلل في أولويات المجتمع. لا أعرف إن كان ذلك مقصودا أم لا، لكني ألاحظ أننا منذ قامت الثورة نستدرج إلى مناقشة العديد من الأمور التافهة والحوادث الفردية. مرة نتحدث عن مصير المايوه البكيني في ظل الوضع الجديد. ومرة ثانية نشغل بشخص غطى تمثالا في الإسكندرية، وآخر وصف التماثيل بأنها من مخلفات حضارة عفنة، وثالث وصف نجيب محفوظ بما لا يليق. وبعد ذلك ننشغل بفرقعة إعلامية أقدم عليها أحد السلفيين حين رفع الأذان للصلاة في أثناء انعقاد جلسة مجلس الشعب، ثم تقوم الدنيا ولا تقعد لأن محاميا مجهولا اتهم عادل إمام بازدراء الأديان، ورفع قضية غاب صاحبنا عن جلسة النظر فيها فأصدر القاضي حكمه بحبسه ثلاثة أشهر، ليس إدانة له ولكن بسبب الغياب، في حين يفترض إلغاء الحكم في أول جلسة استئناف. وبين الحين والآخر تشغلنا الصحف بقبطية أحبت شابا مسلما أو العكس ثم اختفيا.. إلى غير ذلك من الحوادث الفردية التي تتراوح بين التفاهة والسخافة، وينبغي تجاهلها، إلا أن وسائل الإعلام وبعض المثقفين المتصيدين يحولونها إلى قضايا عامة، وكأنها ظواهر اجتماعية وأمراض يعانى منها المصريون، في حين أن الشعب المصري لا علاقة له بكل ذلك، حيث الناس مشغولون بطوابير الخبز وأنابيب البوتاجاز ومشاكل الدروس الخصوصية والبطالة والغلاء وغير ذلك من الأمور الحياتية التي ترهقهم على مدى العام. إذا تم ذلك التشتيت بحسن نية فقد نقول إنه من قبيل حملات الإثارة الرخيصة. التي تتسابق عليها الصحافة الصفراء. أما إذا فتحنا أبواب سوء النية فإننا لا نجد تفسيرا لذلك الجهد الذي يسهم فيه بعض المثقفين بنصيب وافر سوى أنه يصب في اتجاه تخريب الرأى العام ومحاولة التشهير والتخويف وإبعاد الناس عن همومهم الحقيقية وإشغالهم بصغائر الأمور ــ لذا وجب التنويه.
موضوعات متعلقة
20 ألف طفل ولدوا في غزة منذ السابع من أكتوبر
قالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة «يونيسف» إن 20 ألف طفل ولدوا في قطاع غزة، منذ أن شن الاحتلال الإسرائيلي حربا مدمرة عليه في 7 أكتوبر الماضي.
عشرات القتلى والمصابين في حادث تصادم قطارين بسوهاج
تصادم قطاري ركاب قرب محطة طهطا بسوهاج يسفر عن أكثر من 123 قتيل وجريح بحسب آخر الإحصائات.
القبض على اللواء حسين جمعة أحد قيادات نظام الأسد في حماة
أعلن الأمن العام التابع للداخلية السورية، القبض على اللواء “حسين جمعة” قائد شرطة حماة في نظام الأسد. ويأتي هذا الإعلان في وقت تستمر فيه إدارة العمليات العسكرية تطبيق حملة أمنية واسعة في مناطق متفرقة من سوريا لضبط من وصفتهم بـ”بقايا...
إعلام عبري يكشف تفاصيل اغتيال هنية في طهران
كشفت قناة عبرية، عن تفاصيل جديدة تتعلق بعملية اغتيال ورئيس المكتب السياسي السابق لحركة المقاومة الإسلامية حماس إسماعيل هنية في العاصمة الإيرانية طهران. وذكرت القناة الـ12 العبرية أن القنبلة التي تم استخدامها في اغتيال هنية، وُضعت في وسادته الخاصة،...
سلطات لبنان تعتقل الشاعر عبد الرحمن يوسف القرضاوي
اعتقلت السلطات اللبنانية، السبت، الشاعر المصري عبد الرحمن القرضاوي، نجل العلامة الراحل يوسف القرضاوي، بعد قدومه من سوريا. وأفاد مصدران أمنيان لبنانيان، فضلا عدم الكشف عن هويتهما، أن الأمن العام اللبناني أوقف القرضاوي أثناء عبوره من سوريا إلى لبنان،...