شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

في ذكرى وفاة عرفات.. ملف الاغتيال مازال قنبلة موقوتة!

في ذكرى وفاة عرفات.. ملف الاغتيال مازال قنبلة موقوتة!
  رغم أن الرئيس الفلسطيني الراحل "ياسر عرفات" تعرض في حياته لأكثر من ثلاثينمحاولة اغتيال، إلا أن كلها فشلت...

 

رغم أن الرئيس الفلسطيني الراحل "ياسر عرفات" تعرض في حياته لأكثر من ثلاثينمحاولة اغتيال، إلا أن كلها فشلت بسبب الحس الأمني الذي كان يتمتع به، أو لبراعةالأمن الفلسطيني المكلف بحمايته، حيث كان عرفات يختارهم وحده وتربطه بهم علاقاتشديدة الخصوصية، وهو ما جعل من قضية اغتياله لغزا متصاعد الغموض.

ورغم مرور ثمانية أعوام على وفاة عرفات في الحادي عشر من نوفمبر عام 2004،وظهور دلائل مؤكدة على اغتياله بواسطة "السم"، إلا أن إجراءات التحقق من طبيعةالسم ومحاولات التوصل للفاعل المنفذ تسير ببطء شديد، باعتبار أن هذا الملف الشائكيعتبر قنبلة موقوتة لا يجب التعامل معها إلا بحذر شديد، لأنها سوف تطيح بعدد كبير من الرؤوس في حال انفجارها خارج السيطرة.

ولعل المقربين من عرفات كانوا يدركون جيدا أنه عندما كان يأوي إلى النوم بعدأكثر من 20 ساعة من العمل يعلم أن رأسه موضوع على وسادة من المتفجرات، لا يعرف فيأي وقت سوف تنفجر، وأنه عاش كل حياته على جناح وتوقعات الخطر، حتى نجح "شارون"أخيرا في تفجير الوسادة تحت رأس "عرفات"، من خلال تدمير جسده النحيل الصامد رغمالطعنات بالسم، لأن "عرفات" لم ينهزم أمام "شارون" في كل المواجهات العسكرية العلنية التي جرت بينهما.

وقد كتب الصحفي الإسرائيلي المعروف "أوري دان" ، وهو الإعلامي الذي كان الأكثرقربا من شارون، في كتابه "أسرار شارون" الذي صدر عام 2007 ( إن شارون قد تحلل في14 أبريل 2004 من وعده لبوش بعدم التعرض لعرفات، وفي اللقاء الذي عقد بينهما فيالبيت الأبيض، قال شارون لبوش إنه لا يعد نفسه ملزما بالوعد الذي منحه له أثناءلقائهما الأول بعد فوزه في الانتخابات، وهنا رد بوش قائلا "ربما من الأفضل إبقاءمصير عرفات بأيدي قوة عليا، بأيدي الله" ، فأجاب شارون "ربما يجب أحيانا عدمانتظار الأقدار " .

ويقول " دان" أنه عندما سكت بوش اعتبر شارون أنه "تحرر من عبء ثقيل" ،ويبدو أنهذا التحرر كان يعنى الخلاص نهائيا من عرفات بعد أن تم اعتباره (أمريكياوإسرائيليا) عقبة في وجه السلام ، وهو ما عجل باتخاذ قرار التخلص من  لرجل وتعجيلوربما يبدو لبعض المراقبين أن صمود عرفات تحت الحصار في "المقاطعة" صموداتاريخيا، والتفاف كافة الفصائل والشعب الفلسطيني حوله في مواجهة الحصار قد شكلإزعاجا وقلقا كابوسيا للقيادات الإسرائيلية، التي ربما لم تجد ما تصوغه منإتهامات جديدة لعرفات ضمن خطة "الإسقاط السياسي والأخلاقي" للرجل على خلفية انهيار جولة "كامب ديفيد 2" التى حاول الرئيس الأمريكي الأسبق بيل كلينتون أنيبنى من خلالها نجاحا على الصعيد الخارجى ليتوج به انتصاراته داخليا.

وفيما يمكن البناء على تلك الحملة القذرة على شخص عرفات التى بدأها إيهودباراك على خلفية "أن عرفات يتحمل مسؤولية فشل السلام والإرهاب" وأنه "لا بد منإقصائه أو تجريده من صلاحياته أو اغتياله"، إلا أن خلفه أريئيل شارون أطلق صافرةالنهاية واتخذ قرارا بإهدار دم عرفات وتصفيته للإجهاز على دوره وإنهاء مرحلتهالتي كانت تمنح المزيد من الأمل للفلسطينيين في دولة عاصمتها القدس مع احتفاظهمبحق العودة مهما طال زمن المنافي.

فقد رفض عرفات وجهة النظر الإسرائيلية في المفاوضات التي قامت على أساس مقايضةإعلان الدولة الفلسطينية مقابل سلسلة طويلة من التنازلات الجوهرية التي تشتملالأرض والقدس واللاجئين، حيث طرح باراك حينها " دولة كانتونات بدون حدود أوسيادة"، حتى أن " أبو مازن" اعترف آنذاك "أن الذي عرضه باراك – كلينتون ليس حلاً، وإنما هو تنظيم لأسوأ أنواع الاحتلال".

وتشير التقارير إلى أنه عندما فشلت قمة جنيف بين بيل كلينتون وحافظ الأسد فيمارس 2000، اختار إيهود باراك استئناف المفاوضات مع الفلسطينيين من خلال تحديدجدول زمني للاتفاق الدائم، وحاول باراك فرض هذا الجدول على ياسر عرفات الذي لميكن مستعدا لتلقي الإملاءات، لأنه أدرك جيدا أن باراك يحاول تضليل الفلسطينيين والرأي العام العالمي على حد سواء بهدف عزل القيادة الفلسطينية الوطنية وإضعافموقفها داخليا وخارجيا.

ويبدو أن صمود الزعيم الفلسطيني في وجه الضغوط الإسرائيلية الرامية إلى الحصولعلى "انتصار لن يتكرر إلا مع شخص بحجم عرفات " يتمثل في التنازل عن حقوق فلسطينيةتاريخية ومستقبلية، أشعل نيران الحقد الإسرائيلية ضد الرجل ، وهو ما حدا بإيهودباراك الذى خرج من الحلبة السياسية بعد سقوط مدو في الانتخابات أمام شارون، أن يعلن بعد أكثر من عام على قمة كامب ديفيد "أنه طالما بقى عرفات على رأس القيادةالفلسطينية، فإنه لا يوجد أي أمل بالتوصل إلى اتفاق مع الفلسطينيين" ، وهو مايعنى التخلص من عرفات والتميهد لعملية تغييب نفذها شارون بعد ذلك.

 

فيما يبدو الآخرين أن سبب وفاة عرفات لم يكن رفضه التوقيع في كامب ديفيد صيفالعام 2000، وتفويت الفرصة على إسرائيل لتحقيق قفزة تاريخية على الحقوقالفلسطينية وإنما نتيجة دعمه الضمني بل الواضح أحيانا لانتفاضة الأقصى، وهيالانتفاضة التي كبدت إسرائيل خسائر مادية وبشرية جسيمة ، وانتهى بعدها مبدأ المقاومة المسلحة ضمن نظرية رفض عسكرة الكفاح الفلسطيني خاصة مع تولى "أبو مازن"قيادة منظمة التحرير الفلسطينية خلفا لعرفات.

ويمكن البناء على ما أكدته وجهات النظر الإسرائيلية المنشورة والمعلنة القائمةعلى أن مغادرة عرفات للمشهد هي بمثابة "فاتحة لعهد جديد"، وأن المنطقة ستصبح علىأعتاب شرق أوسط جديد وأن قيادة فلسطينية بديلة يمكن أن تبدي استعدادا ومرونةتفاوضية أكبر.

كما أن وفاة عرفات وفقا لما أعلنه نائب رئيس الوزراء الاسرائيلى سيلفان شالومسوف يسهم في تفكيك ما أسماه "البنية التحتية للإرهاب"، ومن ثم شن حرب على الفصائلالفلسطينية، بإعادة تشكيل أجهزة الأمن الفلسطينية وهو ما يرجح فرضية إتهام عرفاتبإدارة كل العمليات المسلحة ضد إسرائيل سواء في المناطق الخاضعة للسلطةالفلسطينية أو داخل الخط الأخضر.

وبدا أن اتهام عرفات بدعم العمليات العسكرية خاصة الانتحارية ضد إسرائيل يلقىرواجا لدى الغرب، خاصة عندما وجهت إعلامية غربية سؤالا مستفزا لعرفات عندما كانمحاصرا داخل "المقاطعة" لا يستطيع توفير الماء أو الدواء له أو لمن معه ، حول ماإذا كان مستمرا في دعم "العمليات الإرهابية ضد إسرائيل"، وهو ما جعل عرفات يقفز من وراء ضوء الشموع المضاءة على مكتبه ويوجه نقدا لاذعا لتلك الإعلامية.

وأيا كان السبب الحقيقى لتغييب عرفات، وأيا كان اسم القاتل الحقيقى الذي دسالسم للزعيم الراحل ، فإن ملف الإغتيال سوف يبقى قنبلة موقوتة حتى إذا تم تشكيللجنة تحقيق دولية في الجريمة على غرار لجنة التحقيق في اغتيال رئيس الوزراءاللبناني الأسبق رفيق الحريري، لأن الأمر هنا يتعلق بدولة مثل إسرائيل التى اعتبرت عرفات دائما "مجرما يستحق القتل" طالما قتلت قبله وسوف تقتل بعد المئات منالقيادات الفلسطينية.

فيما يبقى كشف اسم القاتل وفضح المتواطئين الذين نفذوا الجريمة أو شركاءهمالذين تستروا عليهم من الفلسطينيين سلاحا ذو حدين، ربما يسهم في تعميق الشرخالفلسطيني، وهو ما يجعل الجميع أمام خيارين أحلاهما مر ، إما السكوت على الجريمةأوتفجير المشهد المشتعل أصلا مما يضع فتح والدولة الفلسطينية بكاملها على محك الأزمات .



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023