قال الباحث نبيل عبد الفتاح: إن ضعف مستويات الجدل حول مسودة الدستور أقل بكثير منه في الدول الأخرى التي حدث فيها ثورات وتحولات ديمقراطية، جاء ذلك خلال لقائه بمعرض تونس الدولي للكتاب, وقد أدار اللقاء الشاعر المصري إبراهيم داود.
وتحدث عبد الفتاح خلال اللقاء عن جوانب الأزمة في الثقافة الدستورية المصرية التي يأتي أولها ميلاد الثقافة الدستورية والانفتاح الاقتصادي على الحداثة القانونية الأوروبية وتتشابه مصر وتونس في أن عمليات الاستعارة الدستورية والقانونية كانت أبرز مداخل التحديث السلطوي للقيم والمؤسسات، وبدأت عملية الاستعارة ببعض المفاهيم النظرية في مجال القانون الجنائي، وانتشار الثقافة الدستورية والقانونية الحديثة التي جاءت عبر الدور الذي لعبه رجال الفقه الدستوري والقانوني والتطبيقات القضائية.
أشار عبد الفتاح إلى ملاحظة أن الثقافة الدستورية البرلمانية كانت تتسم بالابتسار إلى حد ما، ولذلك كان استهلاك الثقافة الدستورية والبرلمانية نخبويا وجزءا من ثقافة الحضر والمدن بامتياز، مؤكدا أن أبرز أوجه الأزمات الممتدة للثقافة الدستورية يتمثل في ضعف ثقافة الفرد, وهناك أشياء ضد بناء الفرد مثل هيمنة ثقافة أبوية ورعائية على الجانب السياسي والاجتماعي.
وأضاف عبد الفتاح: إن من أسباب أزمة الثقافة الدستورية أيضا النظرة العسكرية لمفهوم الدستور وتكريس الدساتير لصالح رئيس الجمهورية وشيوع ظاهرة دمج السلطات وتهميش الطبقات الشعبية، و"بولسة" الدولة وضغطها في الأجهزة الأمنية وهي تعمل تحت سلطة شخص واحد هو رئيس الجمهورية، وغياب الالتزام بمعنى مدنية الدولة الذي التزم به رئيس الجمهورية في خطابه، وعدم دستورية القانون الذي تشكلت بمقتضاه اللجنة التأسيسية، واعتماد مسودتي الدستور الجديد على دستور71، الركاكة في الصياغة أو النزعة التشريعية وبروز تصورات فقهية وضعية لفرض السيطرة على القيود العامة والحرية وممارسة الشعائر الدينية، وخطاب الهوية عام جدا يهدف لإعطاء دور وصائي للدولة والسلطة ومطاردة الكتاب والمثقفين والفن, وهذا يضعف من عطائها الإبداعي ويضعف روح الأمة، واستخدام الشريعة في التعبئة السياسية وعمل نوع من الضغط.
