شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

أويل برايس: ترامب قد يستخدم عقوبات مدمرة ضد السعودية بسبب حرب النفط

سلط موقع «أويل برايس» الأميركي الضوء على مآلات انهيار أسعار النفط الأميركي نتيجة حرب الأسعار التي اندلعت بين السعودية وروسيا، مرجحا أن يجبر الرئيس دونالد ترامب الرياض على دفع تعويضات الأضرار الكبيرة التي لحقت بصناعة النفط في الولايات المتحدة.

جاء ذلك في مقال للكاتب سايمون واتكينز، تحت عنوان «يمكن لترامب أن يستخدم (الخيار النووي) لجعل السعودية تدفع ثمن حرب النفط».

وقال واتكينز إن إقرار عقوبات ضد السعودية سيكون له تبعات كبيرة، مثل تعريض المملكة العربية السعودية للمقاضاة بموجب القوانين الأميركية الحالية، وحينها ستتكبد غرامات تعادل قيمة استثماراتها في الولايات المتحدة كلها، والتي تقدر بما يقرب من تريليون دولار، وتجميد أموال السعودية في العالم، وملاحقة شركة آرامكو مما سيؤدي إلى تجزيئها لشركات صغيرة.

وفيما يلي النص الكامل للمقال ترجمته «عربي21»:

 

يمكن لترامب أن يستخدم «الخيار النووي» لكي يلزم المملكة العربية السعودية بدفع ثمن حرب الأسعار

بقلم سايمون واتكينز

أويل برايس دوت كوم

في حديث مع موقع أويل برايس دوت كوم الأسبوع الماضي، صرحت شخصيات مقربة من الإدارة الرئاسية بأن الرئيس الأميركي دونالد ترامب ينظر في جميع الخيارات المتاحة لديه لكي يلزم السعوديين بدفع تكلفة حرب أسعار النفط التي بدأتها المملكة، وذلك بعد أن شهد الشهر الماضي مهانة هبوط سعر النفط المرجعي الأساسي في الولايات المتحدة، ويست تكساس إنترميديات، إلى منطقة السعر السالب. لا يُسخط الولايات المتحدة فقط احتمال أن نفس الشيء سيحدث لسعر النفط في كل واحدة من العقود المستقبلية الشهرية المبرمة على ويست تكساس إنترميديات إلى ما قبل انتهاء الصلاحية وحتى ترد التخفيضات الكبيرة الجديدة في إنتاج أوبيك زائد، ولا يسخطها فقط الضرر الاقتصادي الذي لحق بقطاع الزيت الصخري، وإنما أيضا حقيقة أنه بات يُنظر إلى السعودية على نطاق واسع في واشنطن بأنها غدرت بالعلاقة القديمة القائمة بين البلدين. في هذه اللحظة بالذات، يريد العديد من كبار المستشارين المقربين من ترامب إلزام السعودية بدفع تكاليف إجراءاتها، وبشتى الوسائل، كما علم موقع أويل برايس دوت كوم.

تأسست هذه العلاقة في عام 1945 بين الرئيس الأميركي فرانكلين دي روزفيلت والعاهل السعودي آنذاك، الملك عبد العزيز، على متن سفينة سلاح البحرية الأميركي كوينسي في جانب البحيرة المرة العظمى من قناة السويس، وهو ما ظل يحدد العلاقة بين البلدين منذ ذلك الوقت. وكما أحلل بعمق في كتابي الجديد حول أسواق النفط العالمية، تقضي الصفقة التي أبرمت بين الرجلين آنذاك بأن تتلقى الولايات المتحدة ما تحتاجه من موارد نفطية طالما بقي لدى المملكة العربية السعودية نفط مقابل أن تضمن الولايات المتحدة أمن عائلة آل سعود التي تحكم البلاد. تعدلت تلك الصفقة قليلا بعد صعود قطاع الزيت الصخري في الولايات المتحدة وسعي المملكة العربية السعودية إلى تدميره في الفترة من 2014 إلى 2016، وذلك بحيث تتوقع الولايات المتحدة من عائلة آل سعود ضمان ليس فقط أن تستمر المملكة العربية السعودية في تزويد الولايات المتحدة بما تحتاج إليه من نفط طالما كانت قادرة على ذلك وإنما أيضا السماح لقطاع الزيت الصخري في الولايات المتحدة في الاستمرار بالإنتاج والنمو.

بالنسبة للولايات المتحدة، إذا كان ذلك يعني أن المملكة العربية السعودية ستخسر لصالح منتجي الزيت الصخري في الولايات المتحدة من خلال إبقاء أسعار النفط مرتفعة وبذلك تفقد فرص التصدير لصالح الشركات الأمريكية فهذا هو الثمن الذي ينبغي أن يدفعه آل سعود مقابل استمرار الحماية الأميركية – سياسيا، اقتصاديا وعسكريا. وكما أوضح الرئيس الأميركي دونالد ترامب كلما شعر بعدم تقدير من قبل المملكة العربية السعودية للخدمة الهائلة التي تقدمها الولايات المتحدة للعائلة الحاكمة: “لن يبقى {الملك السعودي سلمان} في السلطة لأسبوعين بدون حماية الجيش الأميركي.” ولدى ترامب نقطة وجيهة جدا، إما «إسرائيل» أو إيران أو أي من وكلائهم وداعميهم بإمكانهم بالفعل سريعا الإجهاز على حكم آل سعود.

إلى جانب سحب كل ذلك الدعم من آل سعود في هذه اللحظة، تتوفر لدى الولايات المتحدة خيارات أخرى كإجراءات مرحلية، رغم أن بعضها عملي أكثر من غيره. في وقت مبكر من حرب أسعار النفط، صرح ترامب قائلا: «سوف أفعل كل ما ينبغي أن أفعله .. لحماية .. عشرات الآلاف من عمال قطاع الطاقة وشركاتنا العظيمة»، وأضاف أن خطط فرض رسوم على صادرات النفط السعودية الواردة إلى الولايات المتحدة كانت «بكل تأكيد واحدة من الأدوات في الصندوق». من الناحية العملية المتعلقة بالحجم، يعتبر فرض رسوم على النفط السعودي بدلا من النفط الروسي أمراً معقولاً من ناحيتين. أولا، تستورد الولايات المتحدة حوالي 95% من النفط  من السعودية أكثر مما تستورده من روسيا، ولذا فإن فرض عقوبات على النفط الروسي لن يكون له سوى مفعول بسيط على فائض الواردات الأميركية التي باتت تشكل عبئا على مرافق التخزين المحلية التي ما عادت تتسع للمزيد. وثانيا، روسيا في وضع اقتصادي أفضل بكثير من المملكة العربية السعودية وبإمكانها امتصاص أي صدمات تنال خط إيراداتها النفطية، حيث أن السعر الذي تتعادل عنده ميزانيتها هو 40 دولارا للبرميل من نفط برنت مقابل 84 دولاراً للبرميل تحتاجها معادلة ميزانية السعودية.

وثانيا، هناك أيضا حقيقة أن السعودية توفر حاليا واحدا من المصادر القليلة ذات الحجم الكبير لما يسمى الخام الحامض (بما في ذلك النفط العربي الثقيل) الذي تحصل عليه الولايات المتحدة، والذي يعتبر أساسيا لإنتاج الديزل فيها، وهو الغرض الذي لا يفي به نفط ويست تكساس إنترميديات. من المؤكد أن جل منظومة التكرير على امتداد ساحل الخليج في الولايات المتحدة مجهز لاستخدام خام أشد حموضة، وقد استثمر هذا القطاع على مدى عقود بكثافة في إقامة أنظمة تكرير وغير ذلك من البنى التحتية لمعالجة الخام الأثقل القادم من الشرق الأوسط. ولا قبل للمصادر التاريخية الأخرى بالوفاء باحتياجات الولايات المتحدة وليست قادرة على ملء الثغرة، أخذاً بالاعتبار العقوبات التي تفرضها الولايات المتحدة على واردات النفط من فنزويلا، وكذلك بالنظر إلى أن واردات المكسيك لا يمكن الاعتماد عليها، بينما لا قبل لسعة خط الأنابيب الكندي القادم إلى الولايات المتحدة باستيعاب المزيد من التصدير جنوباً إلى أن يتم فتح خط أنابيب كيستون، الذي طال انتظاره، في وقت ما من عام 2023.

آخر ما يرغب فيه الرئيس الأميركي في سنة الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة هو رفع أسعار الديزل أو إحداث نقص في الوقود مما يزيد من سوء الوضع الاقتصادي المتضرر أصلاً بسبب فيروس كورونا. والحقيقة هي أنه منذ انتهاء الحرب العالمية الأولى، كان الرئيس الأميركي الموجود في السلطة يعاد انتخابه في 11 مرة من أصل 11 مرة حصلت فيها انتخابات الفترة الثانية في ظل عدم وجود حالة ركود قبل عامين من إجراء الانتخابات، بينما لم يكسب من توجه من الرؤساء الأميركيين إلى انتخابات فترة رئاسية ثانية إلا مرة واحدة من سبع مرات حصلت فيها الانتخابات في ظل حالة من الركود الاقتصادي خلال نفس تلك الفترة.

بعد كل ذلك، من المحتمل أن يستخدم ترامب التهديد بفرض مثل تلك الرسوم على المملكة العربية السعودية، وذلك أن سمعته كشخص صاحب مزاج متقلب لربما أفلحت في إقناع السعوديين بأنه لا يمكن التنبؤ بما سيقدم عليه وأنه قد يمضي قدماً في فرض تلك الضرائب بالفعل، بغض النظر عن العواقب الاقتصادية المحتملة على المدى القريب. طبقاً لما هي عليه الأمور الآن، فإنه يحتاج لأن يفعل شيئاً وخاصة أن ما يقرب من 44 مليون برميل من الخام السعودي يتوقع أن تصل إلى الولايات المتحدة خلال الأسابيع الأربعة القادمة، بحسب ما ورد في بيانات قطاع النفط والشحن البحري. وهذا يعادل أربعة أضعاف آخر معدل على مدى أربعة أسابيع كما تشير سجلات إدارة معلومات النفط في الولايات المتحدة، ومن المقرر أنها في مجملها ستسلم لنقطة استسلام كوشينغ التي لم تعد تستوعب المزيد. ما فتئ السيناتور الجمهوري كيفين كرامر من نورث داكوتا، والذي كان مستشااً لترامب في شؤون الطاقة، يطالب البيت الأبيض باتخاذ إجراء لوقف ناقلات النفط الخام العملاقة من تفريغ حمولاتها، بينما هدد العديد من أعضاء مجلس الشيوخ ومجلس النواب بالتصويت لصالح وقف المساعدات العسكرية للمملكة العربية السعودية. من جانبه، اكتفى ترامب حتى الآن بالقول إنه «سينظر في الأمر»، ويقصد النظر في وقف هذه المستوردات الجديدة.

وإذا ما أخذنا بالاعتبار المشاعر الساخطة، وبشكل متنام، تجاه المملكة العربية السعودية داخل مجلسي الشيوخ والنواب، تقول مصادر الإدارة الرئاسية إن تكرار التهديد، بقوة – ولكن بشكل شخصي، بسن قانون يحظر تشكل كتلة للمنتجين والمصدرين في قطاع النفط، وتوجيهه مباشرة للملك سلمان وتجاوز ابنه ولي العهد محمد بن سلمان ربما ينجح في إقناع السعوديين بزيادة معدلات خفض الإنتاج الذي تم الاتفاق عليه مع الروس أخيراً. وكما جاء في تحليل موقع أويل برايس دوت كوم، لقد تعاظم الضغط على ترامب حتى يوقع على ذلك القانون منذ اللحظة التي شن فيها السعوديون حرب أسعار النفط.
و(يقصد بهذا القانون المعروف بالإنجليزية بـ«نوبيك» وهي الاختصار للعبارة الإنجليزية  «No Oil Producing and Exporting Cartels»، أن الولايات المتحدة ستتعامل مع كل منتج للنفط على حدة وليس ضمن تجمع مثل أوبيك أو غيرها من التجمعات لمنتجي النفط).

إذا ما أجيز مثل هذا القانون فإنه سيصبح من غير المشروع تحديد سقف إنتاج النفط (أو الغاز) أو تحديد الأسعار بشكل مصطنع كما تفعل أوبيك أو «أوبيك زائد» أو المملكة العربية السعودية. وسيكون من تبعات سن هذا القانون الإلغاء المباشر للحصانة السيادية التي تتمتع بها داخل المحاكم الأميركية مجموعة أوبيك بشكل جماعي أو أي دولة من الدول الأعضاء فيها بشكل منفرد. وهذا سيعرض المملكة العربية السعودية للمقاضاة بموجب القوانين الأمريكية الحالية، وحينها ستتكبد غرامات تعادل قيمة استثماراتها في الولايات المتحدة كلها، والتي تقدر بما يقرب من تريليون دولار. سوف يحق للولايات المتحدة حينها بالقانون تجميد جميع الحسابات السعودية في البنوك الأميركية ومصادرة كافة ممتلكاتها في البلد ووقف كل استخدام للدولارات الأميركية من قبل السعوديين في أي مكان في العالم (والنفط بادئ ذي بدء يسعر بالدولارات الأميركية). كما سيسمح للولايات المتحدة بتعقب أرامكو السعودية وكل ممتلكاتها وأموالها، وذلك أنها ما تزال مملوكة بالأغلب للدولة، وهذا يعني أن أرامكو قد تؤمر بتجزئة نفسها إلى شركات صغيرة لا قبل لها بخرق قواعد التنافس في قطاعات النفط والغاز والبتروكيماويات أو التأثير على سعر النفط.

وفعلا، كان مشروع ذلك القانون على وشك أن يجاز حينما مررته في فبراير من العام الماضي لجنة الشؤون القضائية في مجلس النواب الأميركي، مما فتح الطريق أمام التصويت على مشروع القانون أمام مجلس النواب بأكمله. في نفس ذلك اليوم، تم تقديم مشروع القانون إلى مجلس الشيوخ من قبل الديمقراطيين باتريك ليهي وآمي كلوبوتشر وكذلك من قبل الجمهوريين تشاك غراسلي ومايك لي. إلا أن التقدم في ذلك تعرض لإعاقة بعد أن تدخل الرئيس ترامب واعترض عليه بناء على أن السعوديين قاموا بفعل ما طلبه منهم (والذي طلب منهم في ذلك الوقت إنتاج كمية أكبر من النفط لإبقاء السعر دون سبعين دولاراً للبرميل من نفط برينت)، إلا أن الخيار مازال متاحاً أمام تبدل في الموقف يجعل من الممكن تحويل المشروع إلى قانون ساري المفعول.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023