شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

جبهة الإنقاذ والقوائم الانتحارية – سيد الجعفري

جبهة الإنقاذ والقوائم الانتحارية –  سيد الجعفري
  لم أندهش من مقاطعة جبهة الإنقاذ انتخابات مجلس النواب المقبلة، إنما كنتُ سأندهش لو قبلت الجبهة المشاركة فيها؛...

 

لم أندهش من مقاطعة جبهة الإنقاذ انتخابات مجلس النواب المقبلة، إنما كنتُ سأندهش لو قبلت الجبهة المشاركة فيها؛ لأن القبول معناه الاختيار بين فشلها في إثبات حقيقتها على أرض الواقع في موازاة ثقلها الإعلامي أو انتحارها السياسي عبر خلافاتها على مقاعد القوائم الانتخابية أو الانتحارية، فكيف ذلك؟

 

إذا دخلت الجبهة الانتخابات وفشلت، فهذا يعني حرمانها من الحديث باسم الشعب، وسيعرف القاصي والداني أنها جبهة إعلامية فقط، ولا تملك رصيداً لدى الناس، ووقتها لن يحقّ لها النزول إلى الشارع للاعتراض، ولن يطيعها أحد في ذلك.

 

أما إذا قرّرت الجبهة دخول الانتخابات فسوف تبدأ معركة قويّة بين أحزابها الكثيرة على ترتيبها في القوائم لضمان حصد مقاعد البرلمان دون أيّ وجود صوري في القوائم، وهي معركة ستنتهي لا محالة إلى تفتّت الجبهة، وانتهاء دورها السياسي، إما عن طريق انسحاب الأحزاب منها أو تكوين أكثر من قائمة تتنافس معاً وتتفرّق بينها أصوات مؤيدي الجبهة لمصلحة الأحزاب الإسلامية. فمثلاً: في دائرة نصيبها من مقاعد مجلس النواب تسعة مقاعد ستكون حصة القوائم منها الثلثين في مقابل الثلث للفردي؛ أي: ستة مقاعد للقوائم مقابل ثلاثة للفردي، ولو كان عدد الناخبين الذين يحقّ لهم التصويت في هذه الدائرة هو 600 ألف صوت فهذا يعني أن المقعد للقائمة يساوي 100 ألف صوت، فإذا حصلت إحدى القوائم على 300 ألف صوت، وهي نسبة لن تحققها أيّ قائمة في ظلّ تنافس انتخابي قويّ، وتعدّد قوائم يؤدي إلى تفتيت الأصوات، سيكون نصيب هذه القائمة ثلاثة مقاعد فقط تُؤخذ حسب ترتيب القائمة مع مراعاة صفة المرشح من حيث العمال والفئات، وتصبح الأسماء الثلاثة التي تتذيّل القائمة صوريةً فقط، ولا أمل لها في الحصول على أيّ مقعد، ويزيد بالطبع عدد الأسماء الصورية كلما اشتدت المنافسة وقلّ رصيد القائمة في الشارع.

 

وفي حالة جبهة الإنقاذ ذات الأحزاب الكثيرة، التي لم يجمعها أيّ إطار أيديولوجي إلا المعارضة الصمّاء للرئيس مرسي والإخوان، سيكون الصراع على من يعتلي القائمة حتى يضمن مقعداً: الوفد، أم الدستور، أم التيار الشعبي، أم المؤتمر، أم المصريين الأحرار، أم الكرامة، أم التجمع، أم غيرها من الأحزاب التي تجاوز عددها

 

العشرين، أم أحزاب الفلول التي تندرج تحت لواء الجبهة، وتملك قوةً ماليةً وتصويتيةً في بعض الدوائر منذ عهد مبارك، إضافةً إلى بعض الشخصيات المستقلة غير الحزبية التي تضمّها الجبهة وتريد أن تحصد ثمار معارضتها للنظام الحاكم.

 

لذا كان الخيار الوحيد أمام جبهة الإنقاذ هو الانسحاب؛ فقد رأتْ فيه محاولةً تمنحها قُبلة الحياة، فقاطعت الجبهة الانتخابات، وتركت الباب مفتوحاً أمام مشاركة أحزابها منفردةً، وهو ما يضعنا أمام أمرين: لو حقّقت هذه الأحزاب بعض النجاح منفردةً ستقول الجبهة: لو اتّحدنا لحصلنا على الأغلبية؛ فالشعب يدعمنا ويريدنا. ولو أخفقت ستقول: لو دخلت الجبهة متّحدةً لفازت. وفي الحالتين، الجبهة تريد الإبقاء على نفسها دون موات؛ فدخولها الانتخابات يعني -كما قُلتُ- الاختيار بين فشلها في إثبات حقيقتها على أرض الواقع بعيداً عن ثقلها الإعلامي أو انتحارها السياسي عبر خلافاتها على مقاعد البرلمان.

 

يبقى أن ننتظر جميعاً إعلان كلّ حزب من أحزاب الجبهة مشاركته في الانتخابات البرلمانية بصورة منفردة؛ حتى لا يخسر حضوره في المشهد السياسي، خصوصاً الأحزاب التي تحظى ببعض الوجود في الشارع المصري وإن بدا باهتاً، وأول هذه الأحزاب في رأيي سيكون حزب الوفد، فلننتظر.

 



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023