أكد محمد كامل عمرو – وزير الخارجية- أن مصر آمنت منذ البداية أن قضية دارفور تعد في الأساس قضية تنمية وإعمار وأخذت فيما بعد أبعادا سياسية وقبلية واجتماعية، وأن معالجة جذور الأزمة تتطلب التركيز على رفع معدلات التنمية وتحسين مستوى معيشة أبناء دارفور.
جاء ذلك في الكلمة التي ألقاها وزير الخارجية في مؤتمر إعادة إعمار وتنمية دارفور والذي تستضيفه العاصمة القطرية الدوحة يومي الاحد والاثنين.
وقال أنه ومن هذا المنطلق لم تدخر مصر جهدا في تأييد أية مبادرات لإقرار سلام شامل ونهائي في إقليم دارفور وتهيئة الأجواء لتنفيذ مشروعات التنمية.
وقال عمرو إن مصر عضو في لجنة متابعة اتفاق الدوحة للسلام فى دارفور، كما كانت عضوا في اللجنة المنبثقة عن الجامعة العربية، وهى أيضا أحد أكبر المساهمين فى البعثة الأممية الأفريقية فى دارفور، كما أن لها دورها فى دعم وتعزيز جهود التنمية وإعادة الإعمار لصالح أبناء الإقليم.
وأوضح الوزير أن مشاركة مصر فى هذا المؤتمر واستضافتها لمؤتمر إعادة إعمار وتنمية دارفور بالقاهرة في مارس 2010 بالتعاون مع منظمة التعاون الإسلامى وتركيا، تأتي لتمثل تأكيدا وتثبيتا لواقع لا جدال فيه، وهو ارتباط مصر الأصيل بالسودان وشعبه، هذا الارتباط الأزلي الذى يضرب بجذور راسخة في تاريخ شطري وادي النيل.
وذكر محمد عمرو أن مصر رحبت بما تحقق من تطور إيجابى على طريق تنفيذ اتفاق سلام الدوحة في مسارات الأمن والإنسانية والسياسية ووفاء الحكومة السودانية بجانب من التزاماتها المالية رغم المصاعب الاقتصادية التى يعيشها السودان، كما رحبت بنتائج مؤتمر العودة الطوعية يومى 25 و26 مارس الماضى في نيالا بجنوب دارفور.
وقال: "إنني لعلى يقين من أن استقرار وتنمية دارفور هو الضمانة الحقيقية الوحيدة لعودة اللاجئين والنازحين إلى قراهم ومدنهم وتأهيل البنية التحتية، وتوفير البيئة المناسبة لتنفيذ المشروعات التنموية وإيصال الخدمات والمساعدات لمستحقيها داخل دارفور".
وأضاف "كما أنني على يقين بأن عودة أبناء السودان إلى أوطانهم هى الخطوة الأولى لخروج هذا البلد الشقيق من مأزقه ومشاكله، لأن دروس التاريخ قد علمتنا أن نهضة الأوطان ليس لها أن تتم من دون تضافر سواعد أبنائها، كافة أبنائها من أجل خوض ملحمة الاستقرار والتنمية".
وتابع "وفى هذا الإطار فقد دعمت مصر وسوف تدعم أي جهد إقليمي أو دولي يصب في اتجاه تحقيق الاستقرار والتنمية في دارفور، حيث شاركت مصر منذ البداية بقوات في بعثة حفظ السلام فى دافور، وأقامت قافلة طبية تقدم الرعاية الصحية والدواء لأبناء الإقليم بتكلفة تقدر بحوالى 20 مليون جنيه، كما قدمت مساعدات غذائية ودوائية بلغت قيمتها 9.5 مليون جنيه".
وأضاف أن مصر أوفدت عددًا من القوافل الطبية المتخصصة لتقديم العلاج لأبناء المنطقة، وأوفدت منذ عام 2009 عدد 38 طبيباً مصرياً، تم توزيعهم علي المستشفيات الرئيسية بعواصم دارفور الثلاث، كما قامت بإنشاء مستشفى ميداني في الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور يعمل بها 18 طبيبا مصريا، وتعهدت مصر بحفر 40 بئراً للمياه، قامت بالفعل بحفر 11 بئرًا منها بتكلفة 7 ملايين جنيه، كما قدمت مصر منح دراسية ودورات تدريبية في مجال الإدارة والزراعة ومستعدة لتنظيم دورات في مجال الزراعة والكهرباء".
وأكد الوزير علي ان مصر ستواصل مع الحكومة السودانية والسلطة الإقليمية فى دارفور لتحديد المشروعات التى يمكن لمصر المساهمة فيها فى إطار الجهود الراهنة لإعادة إعمار وتنمية دارفور." ومصر على أتم الاستعداد للدخول فى تعاون ثلاثى مع الدول والجهات المانحة لإنشاء محطات للكهرباء ومدارس وعيادات طبية، خاصة وأن تجارب التعاون الثلاثى أثبتت نجاحاً كبيراً فى مختلف أنحاء القارة الأفريقية".
وأشار الوزير إلى أن المشاركة الدولية الواسعة فى هذا المؤتمر الهام إنما تعكس رؤية المجتمع الدولى الثابتة تجاه أهمية التنمية كمدخل للسلام والاستقرار في دارفور، "فنحن اليوم نضع نصب أعيننا الآمال العظام التي يعلقها أبناء دارفور علينا من أجل تحقيق مطالبهم الأساسية فى توفير الحياة الكريمة التى يستحقها أبناء السودان الشقيق فى دارفور، ومن أجل بث الطمأنينة في قلوبهم ودعوتهم للعودة طوعاً إلى ديارهم التي فارقوها في خضم الأزمة، وكلي أمل في أن يكون اليوم نقطة فاصلة في إسدال الستار نهائياً على قضية دارفور".
وأشاد محمد عمرو في كلمته بالجهود المتواصلة التى بذلتها دولة قطر والمثابرة والإصرار والعزيمة التى أظهرتها سواء على صعيد التوصل لتسوية نهائية لقضية دارفور، أو فى إطار جهود إعادة الإعمار والتنمية لأبناء دارفور.