شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

الحظر طريق النصر ـ عماد غانم

الحظر طريق النصر ـ عماد غانم
شهد مضحك أكثر من أن يكون مؤلما، تُحظر جماعة الإخوان المسلمين بحكم قضائي منتظر ومتوقع، فلم يكن منتظرا من قضاء فاسد، ولا من...

شهد مضحك أكثر من أن يكون مؤلما، تُحظر جماعة الإخوان المسلمين بحكم قضائي منتظر ومتوقع، فلم يكن منتظرا من قضاء فاسد، ولا من نظام ظالم عائد، إلا مثل هذه الأحكام وهذه التوجهات.

المضحك في الأمر أن الإخوان يبدون وكأن الله قد كتب عليهم الحظر ما بقوا، فعلى مدار تاريخهم لم ينعموا بوجود شرعي أكثر من وجودهم تحت الحظر القانوني.

وإذا كنا نقول هنا إنهم لم ينعموا بالوجود الشرعي، فنحن نقصد الوجود الذي يستمد شرعيته من القوانين والنظم الحُكمية، أما عن الوجود الذي يستمد شرعيته من السند الشعبي والوجود الجماهيري، فقد كان للإخوان المسلمين أعظم وجود شرعي وأحقه في تاريخ مصر الحديث كله من هذا المنطلق، فلم ينافسهم أحد، لا في توغلهم في فئات المجتمع المختلفة، ولا في أعدادهم وفاعليتهم، ولا في اختيار الناس لهم وتقديمهم على غيرهم في كافة الخيارات الانتخابية.

والمضحك في الأمر أيضا أن تعود الصورة بالمشهد المصري إلى ما قبل ثورة الخامس والعشرين من يناير، بهذه السرعة وبهذه المماثلة والمطابقة.

الآن، بعد نكسة الثلاثين من يونيو، والتي يسمونها كاذبين مخادعين بـ"الثورة".

الآن، يحظر الذين قاموا بثورة الخامس والعشرين من يناير، والذين كانوا هم وقودها وحاميها، وكانوا المضحين من أجلها بدمائهم وأرواحهم.

والآن، يفرج عن المجرمين الذي قتلوا وسرقوا، وساموا هذا الشعب سوء العذاب على مدار أكثر من ثلاثين عاما.

صورة هزلية مضحكة، على الرغم من سوداويتها وقبحها، وكما يقولون: "إن شر البلية ما يضحك".

لكن الذي لا بد أن يعلمه الجميع (هؤلاء الحاظرون وأولئك المحظورون)، أن ذلك الحظر هو طريق للنصر بإذن الله تبارك وتعالى.

فذلك الحظر وبهذه السرعة إنما يؤكد للداخل والخارج – إذا أرادوا الفهم بحق – أن الأمر لم يكن أبدا ثورة على رئيس فاشل، أو انقلابا عسكريا لتحقيق رغبة شعبية، وإنما كان الأمر خطة مدبرة ومبيتة، ليس لخلع رئيس ونظام فحسب، وإنما للإجهاز على فكرة وتوجه، فالعداء الآن قد بدا ظاهرا وواضحا لجماعة الإخوان المسلمين، الممثل الأبرز للتيار الإسلامي، والحامل الأكبر للفكرة السياسية الإسلامية، وهو عداء في الحقيقة لتلك الفكرة الإسلامية ولذلك المشروع القرآني في الأساس.

وكذلك فإن هذا الحظر، وذلك الضغط القانوني والأمني والإعلامي، إنما يزيد الجماعة والتنظيم قوة وصلابة، وبالتالي يزيد حركتها وفاعليتها زخما وتأثيرا.

فالعلم التجريبي يقول: إن زيادة الضغط تزيد التقارب والتماسك بين الجزيئات، فتعطي في النهاية كتلة أكثر قوة وأشد صلابة.

فعندما يزداد الضغط على الغازات تتقارب جزيئاتها وتتحول إلى سوائل، وعندما يزداد الضغط على السوائل تتقارب جزيئاتها وتتحول إلى جوامد، وإذا ما زاد الضغط على الجوامد تزداد قوة وتماسكا، أو تنفجر وتنسحق في النهاية مع شدة الضغط وقوته.

وقد أثبتت جماعة الإخوان المسلمين على مدار تاريخها أنها ضد الانفجار وضد الانسحاق، مهما بلغ الضغط وبلغت قوته وجبروته، ولذلك فليس منتظرا في هذه الصورة إلا مزيدا من الصلابة والقوة والترابط في جماعة الإخوان المسلمين.

وكذلك، فإن هذا الحظر إنما يؤكد للجماعة وأبنائها، ولمناصريها ومحبيها، أنهم في معركة لن تقبل القسمة على اثنين، ولا يتخيل أن يخرج منها منتصران أو مهزومان.

المعركة تتضح، هي معركة وجود وحياة، معركة مع نظام فاشي دموي، لا يريد أن يبعد الإخوان والمشروع الإسلامي من المشهد فقط، وإنما يريد استئصالهم من الوجود، ولن يرضى بغير ذلك.

ولذلك فليس أمام الإخوان خصوصا والإسلاميين عموما، إلا أن يستبسلوا في معركتهم هذه، وألا يبخلوا فيها بالرخيص ولا بالغالي، لأنهم إذا ما انهزموا، فإنهم سيدفعون من بعد ذلك أضعاف أضعاف ما كان يتطلبه الثبات والانتصار.

وفي النهاية، فإن هذا الحظر إنما هو نقطة سوداء تزيد المشهد قتامة وظلاما، وقد تعلمنا من ديننا وتاريخنا أن الفجر يأتي بعد أسود ما في الليل من ظلمة، وأن الفرج يأتي بعد استحكام الشدة، وقد قال الشاعر:

اشتدي أزمة تنفرجي    قد آذن ليلك بالبلج.



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023