شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

صحفيون وإعلاميون ضد الإفلاس ـ محمد جمال عرفة

صحفيون وإعلاميون ضد الإفلاس ـ محمد جمال عرفة
من أقذر ما فعله انقلاب 3 يوليو فى مصر أنه لم يكتف باعتقال عشرات الصحفيين والإعلاميين وغلق فضائيات عديدة ومنع...
من أقذر ما فعله انقلاب 3 يوليو فى مصر أنه لم يكتف باعتقال عشرات الصحفيين والإعلاميين وغلق فضائيات عديدة ومنع الرأى الآخر فى التلفزيون المصرى الذى تحول إلى "تلفزيون درية" الخصوصى ممنوع اقتراب أى معارض منه، ولكنه شرد وأغلق بيوت المئات من الصحفيين والإعلاميين أيضا.
 
يوميا أتلقى عشرات الاتصالات من زملاء صحفيين وإعلاميين وفنيين ومخرجين يشكون شظف العيش وتدهور أحوالهم المعيشية بسبب الانقلاب الذى أغلق أبواب الرزق أمامهم – وأنا منهم – وحولهم إلى "أعداء" ترفض صحف وفضائيات أخرى تشغيلهم بمجرد علمها أنهم كانوا يعملون فى وسيلة إعلامية معارضة للانقلاب أو موالية للإخوان أو أى تيار إسلامى!!
 
كثيرون غير قادرين على دفع أجور السكن أو نفقات الأبناء بسبب غلق مؤسساتهم الإعلامية أو منعهم من العمل أو التضييق عليهم.. والبعض اضطر اضطرارا للهجرة من مصر بحثا عن الرزق وفارق الأسر، والبعض الآخر يرفض السفر أو لا يجد أصلا فرصة للسفر وينتظر الفرج أو زوال غمة الانقلاب.
 
لا نقابة صحفيين تحركت لتفعل شيئا لهم لأنهم ليسوا من "أهل وعشيرة" اليساريين والانقلابيين الذين يديرونها حاليا، ولا أى إعلامى من الذين يقبضوا الملايين الحرام من فضائيات العار وغسيل الأموال اهتم بمشكلتهم.. لأن كروشهم التى ملئوها بالأموال الحرام لا تشعر بالآخرين الذين يبحثون بشرف عن لقمة عيش نظيفة، أو الكتابة وعمل فى أى مكان تحت وطأة لقمة العيش!
 
يقولون لك (ميثاق شرف صحفى) و(ميثاق شرف إعلامى)، ثم يستهدفون (الشرفاء) ليمنعوهم من الكتابة أو العمل فى وسائل الإعلام، ويتركون (المفسدين) الذين يستحقون العقاب لمخالفتهم أبسط قواعد الشرف الأخلاقية لا الإعلامية فقط بسبب حجم الأكاذيب والفبركة التى يغرقون بها الجمهور!.
 
جاءنى أحدهم وهو حزين ومنكسر ويستشعر "قهرا كبيرا" ويردد الدعاء: "اللهم إنى أعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال".. هدأته وحاولت أن أخرجه من حالته النفسية السيئة، ونتجاذب أطراف الحديث، لعل حديثه الذى خرج متفجرا كالقنابل يهدئ ثورة البركان فى داخله، ولكن ما جذبنى فى كلامه -وأنا أكاد ألمح الدموع على أهداب رموش عينيه- قوله: إنه عرف الآن فقط معنى عبارة "قهر الرجال" التى جاءت فى الدعاء المأثور عن رسول الله؟!
 
قال محدثى -وهو صحفى- إنه يكتب منذ فترة طويلة، وتنقل بين عدة صحف ومواقع إلكترونية، واختار هذه المهنة تحديدا؛ لأنها تغنيه عن الوقوع تحت ضغط أحد، أو التحكم فيه من أحد، فما عليه لو حدث هذا سوى أن يحمل عصاه ويرحل، وهو يردد المقولة العربية الشهيرة: "تجوع الحرة ولا تأكل بثدييها".
 
ولكن المشكلة أن الانقلاب أغلق تقريبا كل الصحف والفضائيات التى يمكنه العمل فيها، وحتى الصحيفة الوحيدة المعارضة للانقلاب قالوا له إنهم يدفعونها دفعا للإفلاس عبر التآمر لمنع توزيع صحفها عبر شركة التوزيع أو إصدار أوامر صارمة للبنوك والشركات الخاصة ألا تعطى لهم أى إعلان وإلا سيعاقبونهم (!).. وأنهم يستعدون أيضا للإفلاس وعدم دفع أى رواتب والغلق، وذهب لأخرى حزبية إسلامية فقيل له أنهم لا يدفعون رواتب ولكن مكافآت ضئيلة لا تسمن ولا تغنى من جوع ولا تكفى أصلا إيجار الشقة.
 
سمعت هذه الشهادات المؤلمة من كثيرين ولم أشأ ذكر أغلبها، ثم فوجئت ببعض أعضاء مجلس نقابة الصحفيين يتحدثون حديثا مزعوما عن الوقوف بجانب الصحفيين الموقوفة صحفهم أو الإعلاميين المعتقلين مثل شريف منصور الذى لا يسأل أحد عنه، ودخول إعلاميين وصحفيين منافقين على الخط ليبثوا أكاذيب عن تقديم التنظيم الدولى للإخوان دعما بالملايين لإعلاميين وصحفيين ضمن خطة مواجهة الانقلاب إعلاميا وهم يعلمون أنهم يكذبون وإلا ما تشرد هؤلاء الصحفيون والإعلاميون فى مؤسسات الإخوان والتيار الإسلامى الإعلامية!
 
الكتابة لم تعد ترفا أو هواية لصاحبها، وبعدما كنت أتصور أنها آخر مهنة فى العالم يمكن أن يتحكم المال والنفوذ فى رقاب أصحابها، تبين لى من خبرة السنين أننى مخطئ وأن الكتابة يمكن أيضا أن تكون تحت وطأة القهر لأجل لقمة العيش ويمكن أن تكون تحت وطأة القهر أيضا لتوصيل رسالة مكلف بها كل من يحمل القلم أو الكاميرا.. ولكن.. بدون لقمة عيش كمان!!.
 


تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023