تحدثت أكثر من مرة عن الاضطراب الذى يسود لجنة الخمسين الذى جاء به الانقلاب لوضع دستور جديد بديلا عن الدستور الذى وضعته لجنة منتخبة وارتضاه الشعب العام الماضى.
وقلت إن تلك اللجنة لا يجمع أعضاءها سوى كراهية التيار الإسلامى والإخوان خاصة. وبينهم خلافات عاصفة، وظهر ذلك بوضوح فى جلسة إعدام مجلس الشورى؛ حيث قام بالتصويت لصالح إلغائه 23 عضوا فيما طالب 19 عضوا ببقائه، وتلك المهزلة التى جرت أعتبرها فضيحة بكل المقاييس، وإذا سألتنى عن أسباب ذلك لخصت لك رأيى فى نقاط محددة:
أولا:هناك 77 دولة من دول العالم فيها غرفة ثانية للبرلمان، أو ما يسمى بمجلس الشيوخ أو الشورى عندنا، والغالبية العظمى من البلاد المتقدمة فيها هذا الأمر، ولمعلوماتك الدول التى ذكرتها تسيطر على 75% من الاقتصاد العالمى وتمتد على مساحة تمثل ثلثى الكرة الأرضية، فمن الواضح إذن أن إلغاء مجلس الشورى أمر شديد التخلف ولا يساير ما يجرى فى العالم المتقدم.
ثانيا: قال أنصار إعدام الشورى إنه ليس له فائدة، بينما تنفق عليه أموال طائلة وهو مجلس يضم المحاسيب والحبايب!! وهى حجة باطلة، وكان يمكن تطوير تشكيله وأدائه ليضم خيرة عقول مصر وعلمائها، وبذلك تستفيد بلادنا استفادة كبرى من خبرتهم، بالإضافة إلى الفئات التى لا تستطيع دخول مجلس الشعب بسهولة مثل المرأة والأقباط.
والمؤكد أن تشكيل البرلمان من غرفتين بطريقة جادة وحرة سيمنع سلق القوانين، ويكون كذلك بمنزلة سد فى وجه الاستبداد السياسى.
والجدير بالذكر أن هناك مئات الموظفين يعملون بالشورى، وهؤلاء سيتم نقلهم إلى مجلس الشعب بلا عمل!! فهل هذا يعقل؟ وقال أحد الأصدقاء ساخرا مما حدث: "أحسن مجلس الشورى.. يستاهل" لأنه فتح قاعاته لهؤلاء، فأعطوه مقلبا ساخنا لم يخطر بباله!
ثالثا: وهذا الأمر أعتبره فضيحة كذلك لأن القرارات المصيرية لا تؤخذ بفارق أربعة أصوات فقط.
ويلاحظ أن الغالبية العظمى من الذين طالبوا بإعدام مجلس الشورى هم من الكارهين للرئيس الراحل أنور السادات، فهذا المجلس من ابتكاره، ولم يكن موجودا أيام عبد الناصر، والناصريون يريدون العودة إلى عصر زعيمهم، بالإضافة إلى أسباب شخصية أخرى تتمثل فى وجود خلافات حادة بين عمرو موسى رئيس تلك اللجنة وعدد من الأعضاء، فأراد هؤلاء التصويت ضده، فهو من المؤيدين لبقاء الشورى يعنى تصويت انتقامى.
وأخيرا يلاحظ فى ذات القانون الذى يحكم أعمال تلك اللجنة أن التصويت يجب أن يتم بنسبة 75% من المؤيدين حتى يتأكد الجميع أن الغالبية الساحقة تؤيده، ولكن هذا لم يحدث بالطبع..
ألم أقل لكم إن ما جرى فضيحة ومهزلة
!