شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

هل يؤدي غاز الأبيض المتوسط إلى حرب إقليمية؟

هل يؤدي غاز الأبيض المتوسط إلى حرب إقليمية؟
  بدأ الكيان الصهيوني يعي أهمية اكتشاف 36 تريليون قدم مكعب في المنطقة الشرقية من شواطيء البحر الأبيض المتوسط،...

 

بدأ الكيان الصهيوني يعي أهمية اكتشاف 36 تريليون قدم مكعب في المنطقة الشرقية من شواطيء البحر الأبيض المتوسط، خاصة في حقلي تامار وليفيثان القريبة من مدينة حيفا.

 

لكن الكشف عن هذه الكميات الكبيرة من الغاز يضع عددا من التحديات الأمنية والعسكرية أمام الكيان الصهيوني، تتمثل في كيفية حماية حقول الغاز والبنية التحتية في منطقة شرق البحر الأبيض المتوسط، وهي مهمة وحيوية لاقتصادها ولأمنها، وأهم من ذلك هو التنافس على هذه الحقول؛ خاصة من تركيا التي يمر الكيان معها الآن بحالة من السلام البارد، ومن لبنان، وهو ما أدى إلى بناء قوات وقواعد بحرية في حوض المتوسط من الدول المهمة في المنطقة مثل روسيا، في الوقت الذي تنسحب فيه الولايات المتحدة تدريجيا من المنطقة، ما أدى إلى خلق نوع من الفراغ.

 

وبنفس الوقت فإن تزايد الوجود الصهيوني البحري لحماية حقول الغاز يجعلها هدفا واضحا لعدويها اللدودين في المنطقة؛ حماس وحزب الله. وينصح تقرير في مجلة "تابليت" الإلكترونية إسرائيل بالاستمرار في تطوير قدراتها البحرية والتعاون مع كل من اليونان وقبرص لمواجهة أي تهديد من تركيا.

 

ويقول كاتبا التقرير (نيكولاس سيدل وجوليان كاسدين) إن الكيان الصهيوني بدأت تبني وتركز على قواتها البحرية، وتقوم ببناء أسطول بحري كبير كي يقوم بحماية وحراسة حقول الغاز. ويخطط الكيان لشراء قوارب حربية سريعة إضافية من نوع "شولداغ" أو "سوبر دافورا مارك -3" التي تملك بعضها.

 

وبالإضافة لهذه الصفقات الصغيرة التي يخطط الكيان لشرائها، فهي تقوم بتحديث القوارب الصاروخية "سعار-4.5" و "سعار-5" المزودة برادارات جديدة وأجهزة إلكترونية وأجهزة مضادة للصواريخ والطائرات.

 

وانضم إلى هذه الخدمات غواصتين "دولفين" تعتبران من أكثر الغواصات تقدما في منطقة البحر المتوسط. وقامت أحواض السفن الصهيونية بتصميم قارب وزنه 800 طن، وهو "سعار أس-72" الذي هو نسخة مطورة من "سعار 4.5". كما انتهت من صفقة مع المانيا لشراء فرقاطتين من نوع أف-124.

 

وبحسب التقرير فلا يهدف الكيان الصهيوني من حماية مصادر الطاقة لتأمين استقلاليتها في هذا المجال وحسب، بل من أجل أن تكون مركز تصدير عالمي للغاز الطبيعي، والهدف النهائي للكيان هو أن يصل الغاز لأوروبا. وتهدف أيضا لبيعه محليا للمناطق الفلسطينية والأردن. وهي تحاول التعويض عن خسارتها الغاز المصري الذي توقف بسبب التفجيرات التي تعرضت لها أنابيب الغاز في صحراء سيناء. وتقوم إسرائيل بتقديم خبراتها التكنولوجية في مجال استخراج الغاز لدول حوض المتوسط، ودخلت في شراكة مع اليونان وقبرص لتطوير حقل "أفروديت" للغاز.

 

ويقول التقرير إن "الكنز" الذي عثر عليه الكيان، وإلى حد كبير اليونان وقبرص أثار الكثير من القلق في عواصم الدول الجارة، خاصة تركيا التي يقول التقرير إنها تقوم ببناء برنامج دفاعي وأنفقت المليارات على تحديث فرقاطاتها البحرية "هازارد بيري"، وتقوم ببناء ست فرقاطات من نوع "كيلتش-2"، كما تعمل على بناء نظام صاروخي متعدد.

 

ومن أهم ملامح قوة تركيا البحرية شراؤها في كانون الأول/ ديسمبر موقعا بحريا لهبوط الطائرات والدبابات والمروحيات وأكثر من ألف جندي.

 

وما يهم في التقرير هو قوله إن الغاز الصهيوني قد يصبح مصدرا للتنافس، بل والصراع مع تركيا. فالأخيرة وإن اكتفت ذاتيا من خلال استيراد الغاز الإيراني، إلا أن الغاز في قبرص قد يكون مصدرا للنزاع بسبب الدور التركي في جمهورية شمال قبرص. ومن هنا يقول الكاتبان إن تركيا يمكن أن تلعب دورا في نقل الغاز الصهيوني عبر أنابيب تمر من تركيا، لكن العلاقة المتوترة بين البلدين تجعل من هذا الخيار مستبعدا.

 

وترى تركيا أن من حقها الحصول على جزء من مداخيل تصدير الغاز من شواطيء قبرص. وعليه يزعم الكاتبان أن تركيا تقوم بمناورات عسكرية لمنع الشركات دولية من الاستثمار في الغاز القبرصي. ويضيف الكاتبان أن تلك المناورات هي بمثابة رسائل تهديد من حكومة أردوغان لمحور قبرص- اليونان – إسرائيل. وبدلا من التخويف، فقد دفعت تهديدات تركيا المحور الثلاثي هذا إلى التقارب أكثر.

 

وبرز ذلك في التعاون العسكري الصهيوني- اليوناني والمناورات المشتركة، البحرية والجوية في العامين الماضيين، مثل مناورة "الراية الزرقاء" و"دينا النبيلة".

 

بعيدا عن المشاكل مع تركيا، يخوض الكيان الصهيوني نزاعا آخر مع لبنان الذي يرفض احتكار الكيان للمنطقة الاقتصادية الخاصة التي تغطي حقلي تامار وليفثيان. ومع توقف الوساطة الأمريكية بين لبنان والكيان والوضع الاقتصادي المتدهور فإن لبنان قد يبدأ بمنح رخص دولية للتنقيب عن الغاز في المياه اللبنانية مما قد يتعدى على ما تراه إسرائيل منطقتها، ويجعل الأخيرة تستخدم ذلك كذريعة لتوجيه ضربة عسكرية للبنان.

 

ويقول الكاتبان إن الدفاع الجوي اللبناني يظل أضعف من قوة الكيان الصهيوني الجوية، لكن التعهد السعودي بتقديم 3 مليارات دولار أمريكية لتزويد الجيش اللبناني بالسلاح والتدريب قد يؤدي إلى تغيير ميزان القوة. وبنفس السياق قد يجد حزب الله المبرر لاستهداف عمليات التنقيب على الغاز في أعالي البحار، ويملك حزب الله صواريخ ياخونت الروسية المضادة للسفن البحرية.

 

وأكثر من ذلك فمواجهة جديدة مع الكيان كتلك التي حدثت في تموز/يوليو 2006 ستعطي حزب الله الفرصة لإعادة تعزيز قوته محليا وإقليميا.

 

ويشير التقرير إلى أن اندلاع حرب بقصد أم بغير قصد في المنطقة باتت محتومة في ظل انتشار الأسلحة الفتاكة في منطقة شرق المتوسط. ويظل حزب الله مشغولا بحرب طويلة في سورية وبجبهة حرب جديدة في جنوب لبنان بسبب الحرب الأهلية السورية، ومن هنا تمثل تركيا أهم مصادر القلق الصهيوني. ويتهم الكاتبان تركيا أردوغان بمحاولة فتح نزاع مع جيرانها، مشيرة إلى حادثة سفينة الحرية "مافي مرمرة" التي هاجمتها قوات خاصة صهيونية عام 2010. وزعم الكاتبان أن أردوغان استقبل الجهاديين السنّة الذين يقاتلون نظام بشار الأسد. وزعما أيضا أنه قد يلجأ لافتعال حرب مع الكيان الصهيوني لحرف الأنظار عن مشاكله الداخلية.

 

ومن بين أهم اللاعبين في شرق المتوسط تبقى روسيا التي تملأ الفراغ الذي تركه الأمريكيون وراءهم، فقد حصلت روسيا على حقوق اكتشاف الغاز الطبيعي من المياه السورية، كما وعرضت على كل من الكيان وقبرص المساعدة في تطوير حقول الغاز المكتشفة. وتواصل روسيا بيع تركيا الطاقة برغم اختلاف موقف الدولتين حول سورية.

 

ولا يتوقف الدور الروسي على الدور الاقتصادي، بل واستعادت موقعها في منطقة شرق المتوسط، وليس غريبا أن تمنح قبرص للبحرية الروسية حق التنقل ودخول ميناء قبرص الرئيسي، ولا تزال موسكو تسيطر وتدير قاعدتها العسكرية في ميناء طرطوس السوري. وظهر الدور الذي تلعبه موسكو في منطقة حوض البحر المتوسط من خلال المناورات العسكرية التي قامت بها في هذه المنطقة. ففي الآونة الأخيرة قامت بمناورة بحرية اشتركت فيها 20 بارجة وغواصة. وفي ضوء الوضع الذي تمر به المنطقة، فقد تلعب روسيا دور الوسيط، أو الحاجز بين تركيا ومحور الكيان الصهيوني – اليونان- قبرص.

 

وفي النهاية يرى الكاتبان أن الكيان الصهيوني لا يمكنه الاعتماد على سيناريوهات كهذه، بل يظل أمله في حماية الغاز الطبيعي معتمدا على أسطوله البحري الجديد، واستمراره في تحديث وتطوير ترسانته العسكرية الجوية والبرية، وزيادة تعاونها مع اليونان. كل ذلك سيساعده إذا تحوّل البحر المتوسط إلى ساحة معركة.

 

المصدر والترجمة: عربي ٢١

 

 

 

 

 

 

 

 



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023