لم أكن أتوقع أن مدرسة الدجل البرهامية في الإسكندرية تهوى إلى هذا المنحدر السحيق.. لدرجة أن يخرج ذاك الغلام البكاري الذي رضع مبكراً أحقاد البرهامي، وترعرع في تلك المدرسة على أخلاق التلون وفق الحاجة، وبرز على أقرانه بضحالة الفكر وسوء الخلق، فكان حرياً بشيخه اللعوب أن يقدمه متحدثاً عسكرياً لحزب الشيطان والزور.
لتكون المصلحة هي منطلق حركته، ومنهجية فكرته، وهي كذلك مقصد لهوه وعنوان فيلمه ومشاهداته!.
حتى يصل إلى أدنى دركات الانحطاط فلا يجد إلا الجبل الأشم ليحاول يأسا أن ينال منه، في الوقت الذي كان يبذل الجهد الجهيد أن يلتقط صورة بجواره!.
يكشف سوءة نفسه حينما يقول: إن أسماء البلتاجي قتلت لأنها صدقت خدعة والدها؟ هكذا قال: (خدعها والدها!)
أيها الغر اللئيم كيف خدعها والدها؟!.
هل خدعها والدها حينما رباها على التضحية من أجل شريعة الإسلام ومنهجية الإسلام ومقدسات الأمة؟!.
أم خدعها والدها حينما رباها على أن الإسلام ليس مجرد لحية وجلباب وخداع، وإنما هو نور في قلب المسلم تتحرك به كل ملكاته لإخراج الناس من ظلمات الغي والضلال إلى نور الهداية وروعة الامتثال!.
أم خدعها والدها حينما رباها على أن الموت في سبيل الله ليس مصيبة تستحق العزاء أو تضحية تستحق الرثاء ولكنه اختيار من الله واصطفاء!.
أعرف أنك لن تستوعب هذا فقد تربيت على أن الإسلام لا يمانع في سفك الدماء وانتهاك الأعراض والتذلل تحت أقدام المجرمين، والرقص على كل الحبال والجلوس على كل الموائد!.
تتقيأ كذباً فتقول: إنها قتلت لأن قادة الإخوان تركوها وهربوا!.
ولسوء حظك ولإرادة الله بفضحك فقد كان الدكتور البلتاجي بجواري على المنصة حينما أذاع أحد الشباب نبأ استشهاد أسماء فلم يتحرك الدكتور المجاهد من مكانه، وظل بجواري صابرا صامدا محتسبا يمارس دوره في تثبيت المجاهدين، وكان ذلك في العاشرة والنصف صباحا فكيف هرب الإخوان وتركوا الشباب؟
ثم لتعلم أخزاك الله، أنني كنت مع هذه القيادات ولم نخرج إلا في آخر اللحظات وآخر المجموعات، تحت القصف والطلقات، وذلك قبيل المغرب مباشرة، وكان بجواري شيخ الأمة الدكتور جمال عبد الهادي، وأسد الدعوة د. صلاح سلطان، وفارس الميدان صفوت حجازي، وشيخ المناضلين الدكتور عبد الرحمن البر والدكتور العريان وغيرهم من كبار القيادات، فكيف فروا وكيف تركوا؟!
ثم تقول: أخزاك الله أن من قُتل في رابعة هم الشباب الذين صدقوا التحريض على العنف!
فما هو العنف قاتلك الله؟
أليس الخروج على الحاكم الشرعي بقوة الدبابات والطائرات عنفا وإرهابا؟!
أليس قتل الآلاف من الراكعين الساجدين السلميين عنفاً وإرهابا؟!
أليس حرق الجثامين والمصابين والمساجد والمصاحف عنفاً وإرهابا؟!
ثم تتقيأ كذبا فتقول:إن القيادات تركت الميدان وهربت إلى قطر وتركيا!
وأقول لك كما قال الله تعالى: (فإنها لا تعمي الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور)
إن الحقد الدفين في قلبك أعماك أن ترى أن الصف الأول والثاني والثالث وما بعد ذلك في الأسر ظلماً وبهتاناً، وأن علماء الأمة أهل الصدق خلف القضبان قهراً وطغياناً!
ولكن غمك وشيخك نجاة أفراد منهم ليواصلوا السير بدعوة الإسلام الراقية ومنهجية الإسلام الخالدة، لتعود صفوف الأخوان أكثر عددًا، وأرقى فكرة، وأوضح رؤية، وأوسع اتساعاً، وأكثر تأييداً، وتأهباً يقينيا بإذن الله لانتصار، وتتطلعاً للتطهير مصرنا وتحرير قدسنا، ولتذهب أنت وشيخك إلى مزبلة التاريخ.