أكد تقرير صادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي «دافوس» حول الاستقطاب فى العالم العربي أن الدول العربية التي تشهد تحولات ديمقراطية من أكثر البلدان استقطابا على مستوى العالم.
ففي الاستطلاع الذي أجراه المنتدى الاقتصادي العالمي لآراء مجموعة من الخبراء والقادة حول أبرز التحديات التي يواجهها العالم؛ لإعداد تقرير "رؤية الأجندة العالمية لعام 2014" حلتّ الاضطرابات الاجتماعية المتصاعدة والاستقطاب في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في المقدمة.
وبين التقرير الذي نشرته الصحف أنه على وجه الخصوص، تبرز تونس والجزائر والمغرب والأردن بصورة أوضح عن بقية بلدان العالم أجمع. وفي البلدان الأخرى حيث تنخفض مستويات الثقة الشخصية مثل السويد أو بولندا، تميل الثقة الاجتماعية إلى الارتفاع لتخلق بالتالي نوعاً من التوازن، ولكن الحال يختلف عن ذلك في البلدان العربية التي تشهد تحولات ديموقراطية.
وتابع التقرير، أن البحوث المعمقة أظهرت أن البلدان التي تحقق تحولات ديموقراطية ناجحة قد شهدت أيضاً انخفاضاً في معدلات الاستقطاب. "فبادرنا إلى تفسير هذه النتيجة على نطاق أوسع، نظراً لأن السببية قد تحدث في كلا الاتجاهين: قد تؤدي التحولات الفاشلة إلى تقسيم المجتمعات، بينما قد تمنى التحولات في المجتمعات التي تشهد معدلات عالية من الاستقطاب بالفشل. ومن المثير للاهتمام، أننا لاحظنا أن الحالات التي نجحت فيها التحولات السياسية، تنطوي أيضاً على دلالات تفيد بأن هذه التحولات سبقتها مستويات عالية من الانقسامات الاجتماعية، ما يشير إلى أن معدلات الاستقطاب المرتفعة قد تكون مفيدة، وقد تسهم في حفز هذه التحولات على الحدوث."
وفيما يتعلق بالخصائص المهمة لاقتصادات السوق مثل التنافسية والدور الحكومي مقارنة بالدور الفردي، تبرز المغرب وتونس في المقدمة مقارنة ببقية بلدان العالم العربي، وكذلك الأمر بالنسبة لمصر واليمن. ولكن الاستقطاب لا يقتصر على الجانب الاقتصادي وحسب، فبلدان مثل تونس ومصر والجزائر وحتى اليمن تحتضن جماعات تمتلك شعوراً أكثر قوة وأكثر اختلافاً في الوقت نفسه حيال الدور الذي يتعين على المنطقة أن تلعبه على المجتمع والسياسات.
وأشار التقرير إلى أن معدلات الاستقطاب المنخفضة تسبق التحولات الفاشلة، ما يعني أن المجتمعات شبه المتماسكة عندما تبدأ بالتحول، يكون أمامها فرصة أقل للنجاح في الوصول إلى الديموقراطية، الأمر الذي قد يعزى إلى عدم وجود مستوى كافٍ من الاستياء لدفع عجلة التغيير. وبالنظر إليها معاً، تشير هذه النتائج إلى أن الاستقطاب يلعب دوراً متبايناً في التحولات، فالمعدلات المرتفعة منه ضرورية لإطلاق شرارة التغيير، بيد أنه ينبغي احتواؤها ومعالجتها عقب التحول، وإلا فإن عملية التحول ستجد نفسها في مواجهة خطر الانحراف عن مسارها والتعرض للفشل. وتنطوي هذه النتائج على جملة من المعاني المهمة بالنسبة للمنطقة.
وقال التقرير إن مصر وليبيا تم إجهاض التحولات نحو الديموقراطية فيهما، وهو ما يؤدي إلي أن تصبح معدلات الاستقطاب مرتفعة وقد تؤدي إلى انفجارات اجتماعية جديدة في المستقبل. مضيفا إلي أنه عندما يكتب النجاح للعملية الديموقراطية كما يبدو الحال في تونس، يمكن للمرء أن يتوقع للمجتمعات أن تصبح أقل انقساماً مع مرور الزمن.
وللتوصل إلى فهم أفضل لديناميكيات هذا العالم العربي المنقسم، قال التقرير أنه تم إلقاء نظرة أقرب إلى مصر؛ "حيث وجدنا دلالات تبين أن بؤر الاستقطاب موزعة وفقاً لمستويات الدخل. ولكن الوضع لم يكن دائماً على ما هو عليه حالياً، فهو نتيجة لبرامج التحرر الاقتصادي على مدار العقدين المنصرمين، وتفاقم بفعل الأزمة الاقتصادية التي اجتاحت العالم في عام 2008 وأدت إلى تقليص معدلات النمو في مصر وقادت إلى توسع نموذج "رأسمالية المحاسيب".