تراكمت أكوام القمامة حتى صارت تلالا، وانفجرت مواسير الصرف المتهالكة حتى تحولت لبرك، وفاحت روائحها حتى أزكمت أنوفا، وانتشرت أمراضها حتى أسقمت أبدانا، وزادت مخاطرها حتى أوشكت أن تهدم بيوتًا.. لكن لا مجيب لمدن الدقهلية البائسة التي ضجت من القمامة ومياه الصرف الصحي، والحيوانات الضالة.
وبلغت معاناة أهالي محافظة الدقهلية حدًا لا يمكن احتماله، من انتشار تلال القمامة، ومياه الصرف الصحي، الناتجة عن انفجار مواسير شبكة الصرف الصحي المتهالكة بأغلب القري والمدن بالمحافظة، والتي تحولت فيها المناطق العمرانية إلى مقالب للقمامة، ومرتع للقاذورات والأمراض والفئران، والحيوانات الضالة دون أدنى اهتمام من مسئولي الوحدة المحلية.
ففي مدينة "بلقاس" تغرق الشوارع بمياه الصرف الصحي وتلال القمامة.. والأهالي يعيشون مأساة تهدد منازلهم بالانهيار، نتيجة تآكل جدرانها الخارجية بفعل مياه الصرف، رغم تقدمهم بشكاوى عديدة لمجلس المدينة، ومسئولي شركة مياه الشرب والصرف الصحي بالمركز، لكن دون جدوى.
يقول "صالح توفيق"، أحد سكان شارع الصناعة، وهو من الشوارع الرئيسية في المدينة: "الشارع غرقان في مية المجاري علطول، وفي الشتا الوضع بيكون أصعب، المية بتدخل لحد البيت جوا يعنى البيت هيقع عليا وعلى ولادي ومحدش سائل".
وتابع: "الشارع دا من أهم الشوارع في المدينة، بقا مقلب زبالة اشتكينا لطوب الأرض، روحنا للمجلس المحلي يجي يخلصنا من مية المجاري، ولا الزبالة اللي هتجيب لعيالنا الأمراض، ومحدش بيعبر مش بنشوفهم إلا وهما بيلموا الفلوس بس".
ويتشابه الأمر كثيرًا في مدينة "شربين"، التي تغطي مياه الصرف الصحي معظم شوارعها، كما تتواجد تلال القمامة والرائحة الكريهة، وكذلك الحيوانات النافقة في الشوارع السكنية، وبجوار المدارس، وأمام المحلات.
وعبرت الحاجة "وفاء" من شارع المحطة، عن سخطها قائلة: "من وقت الشتا ما دخل، وأنا مش بعرف أخرج من بيتي.. مية الشتا مع مية المجاري مالية الشوارع، ودخلت لحد البيوت".
وتابعت: "الولاد الصغيرين بيطلعوا يلعبوا فيها، وبيتملوا أمراض، ولا شوفنا مرة حد اهتم وجه يشفط المية، ويصلح المواسير، أو يشيلوا المية اللي جابت لنا المرض".
ولم يختلف الأمر كثيرًا في قرية "النزل"، التابعة لمركز منية النصر، حيث اشتكى الأهالي من انتشار القمامة في الشوارع، وغرقها بمياه المجاري مما أدى الى انتشار مرض الفشل الكلوي بين الأهالي، وهو ما أدى لقيام الأهالي بتقديم شكاوي لرئيس الوحدة المحلية، والذي رفض مقابلتهم أو دعمهم.
ويقول "أحمد منصور": "اشتكينا لطوب الأرض، روحنا لرئيس الوحدة المحلية ميت مرة معبرناش، ولا رضي حتى يقابلنا.. طبعا ماهو مش فاضيلنا، ولا فاضي يحل مشاكل البلد الغرقانة في الزبالة ومية المجاري لما طفحنا".
وأضاف: "هو شاطر بس يبلغ عن الناس ويقول عليهم إخوان، والشرطة تيجي تاخدهم، رئيس الوحدة لمحلية دا مبلغ عن 36 واحد من القرية على إنهم إخوان، وهما ناس غلابة ملهمش في أي حاجة"، لافتًا: "أي حد يدايقو يروح يلبسه قضية، وسايب البلد عايمة في المجارى.. هنقول ايه غير حسبنا الله ونعم الوكيل".