منذ انقلاب الثالث من يوليو لا يكاد يمر يوم دون اعتقال أو مطاردة لرافضي حكم العسكر، ويوماً بعد آخر تنكشف سوءات الانقلابيين بإمعانهم في تعذيب وإنتهاك حقوق المعتقلين، لاسيما"السجون السرية" التي تُعد واحدة من أقصى الإنتهاكات التي تمارسها سلطات الانقلاب بحق المعارضين لها.
هذا ولم تكتفي سلطات الانقلاب بكبت الحريات وحبس المعتقلين فحسب، بل عمدت إلى إخفاؤهم قسراً في زنازين سرية لا يُعلم مكانها، يتم فيها سحب المعتقلين مغصوبي الأعين فلا يدركون أين هم، وبحسب حقوقيين، فقد وصفت تلك السجون السرية في زمن الانقلاب بأنها الأكثر سواداً مقارنةً بعهد المخلوع "حسني مبارك".
وفي هذا السياق قالت الدكتورة "عايدة سيف الدولة" أستاذة علم النفس والناشطة الحقوقية البارزة بمركز النديم لتأهيل ضحايا التعذيب:، إنه حتى الآن تم حصر أكثر من 50 مذبحة بشرية تمت منذ 30 يونيو.
وأوضحت الناشطة الحقوقية في تصريحات صحفية للجزيرة ، أنه تم رصد مئات السجون السرية التي يتم احتجاز الموطنين بها، ولا نعلم عنها شيئا وجرائم التعذيب التي يتم إعلانها للرأي العام لا تمثل أكثر من 1% من جرائم التعذيب التي تحدث الآن في مصر.
وأشارت إلى أنه لا يوجد إحصاء دقيق للتعذيب بمصر؛ لأن جميع القنوات التي من الممكن أن نرصد بها حالات التعذيب مغلقة، ولا مجال لوقف التعذيب في مصر إلا بحل وزارة الداخلية وإعادة هيكلتها من جديد.
وأضافت" سيف الدولة" أن هناك 42 سجنًا معلن عنهم في مصر، ولكن الواقع مختلف تماماً، وهذا الرقم غير حقيقي، وهناك مئات من السجون السرية في مصر، ووفقا للقانون المصري، فإنه يحق للدولة إعلان أي مكان أنه سجن مركزي، سواء كان قسم شرطة، أو نقطة شرطة في مترو، أو أي شقة في أي مكان.
بينما اعتبرت صحيفة "الفايننشال تايمز" البريطانية السلطات المصرية أن شبكة السجون السرية التي يحتجز فيها الآلاف من النشطاء السياسيين بعد الانقلاب العسكري في "مصر" تخلق نوع جديد من الإرهاب.
وحذرت الصحيفة- في مقال تحت عنوان "سجون مصر السرية" للكاتب" بورزو دراجي"- من أن هذا النوع الجديد سيكون أكثر وحشية وعنف جراء عمليات التعذيب التي يتعرض لها آلاف المعارضين في السجون السرية.
من جهته قال المحامي والناشط الحقوقي "أحمد بهاء الدين" إن هناك حالات تعذيب ممنهجة تتم في أقسام الشرطة ومقرات أمن الدولة والسجون السرية، وهناك تعليمات عليا بممارسة أقصى أنواع التعذيب الوحشي والممنهج لكسر إرادة المعتقلين.
وأضاف "بهاء الدين" في تصريحات للجزيرة أن وزارة الداخلية تسعى باستمرار إلى إخفاء جرائم قتل السجناء أثناء التعذيب، عبر الضغط على عائلاتهم أو عبر الطب الشرعي الذي يؤكد عادة أن سبب الوفاة إما الانتحار أو الهبوط الحاد في الدورة الدموية.
وأشار إلى أن معظم المعتقلين الذين تعرضوا للتعذيب لا يعرفون أماكن احتجازهم، ولا الجهة التي ألقت عليهم القبض، وكانت أعينهم معصوبة أثناء التعذيب، وبالتالي يصعب معرفة الجاني لتوجيه التهم إليه بشكل مباشر.
وفي السياق ذاته أوضحت "حسيبة حاج صحراوي" الناشطة الحقوقية منظمة" أمنستي" لحقوق الإنسان إن هذه الممارسات مرتبطة بالأيام السوداء في عهد المخلوع "مبارك".
وقامت عدة منظمات حقوق إنسان بتسجيل عدة حالات من الإختفاء والتعذيب في السحون السرية ، حيث قال أحدهم إنه ضرب بالعصي البلاستيكية والكهربائية، فيما مات شخص اعتقل من شبه "جزيرة سيناء" عندما عذب بسيخ ساخن.
وتقول "صحراوي" إن ما يحدث داخل هذه السجون من تعذيب نقل من كتب التعذيب الرسمية وأساليبها.
يُشار إلى أن صحيفة"التايمز" البريطانية كانت قد نشرت تقريرًا حول وجود سجون سرية لوزارة الداخلية بحكومة الانقلاب تستخدم كمقر احتجاز لأطفال أقل من 18 عاما، وقداستندت فيه لتقرير حقوقي أعده المحامي "حليم حنيش" بمركز النديم، جاء فيه: أن السلطات المصرية تحتجز المئات من الأطفال في سجون سرية في مدينة بنها دون الحصول على المياه النظيفة، وأشعة الشمس أو الرعاية الطبية، وعددهم نحو 600 طفل تتراوح أعمارهم بين 14 و17 سنة".