أتعجب من سذاجة كثير من الناس الذين تناسوا كل جرائم السيسى بقتله الآلاف من خيرة أبناء مصر ووقوفهم عند حكم الإعدام الذى صدر بحق الرئيس محمد مرسى والدخول فى نقاشات عقيمة ومطولة حول السيسى هل سينفذ الإعدام بحق مرسى أم لن ينفذه؟
وقد تعجبت أكثر من بيان الإخوان الذى قال إن العالم كله سيدفع الثمن إن أعدم مرسى وكأن دماء مرسى أغلى من دماء آلاف الشهداء التى سالت وتسيل منذ انقلاب السيسى والتى يتحمل مرسى وقيادات الإخوان بأدائهم الفاشل سواء فى مجلس الشعب أم الرئاسة والحكومة السبب الرئيسى فيها .
بالنسبة لى فإن دم مرسى -إن أعدم – ليست أعز على المسلمين من دماء أبسط مواطن مصرى خرج ضد السيسى واستشهد لأنه قال كلمة حق فى وجه السلطان الجائر ، وليس أعز من دماء حسن البنا مؤسس الجماعة ومرشدها الأول الذى قتل عام 1949 حتى تموت فكرته ويقضى على جماعته، فيشاء الله أن تنتشر فى أنحاء الدنيا وليس أعز من دماء عبد القادر عودة أبرز القانونيين الذين أنجبتهم جماعة الإخوان المسلمين الذى أعدمه عبد الناصر عام 1954 أو سيد قطب ابرز المفكرين والأدباء الذين أنجبتهم جماعة الإخوان المسلمين الذى أعدمه عبد الناصر عام 1966 وغيرهم كثير لأن كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه ولا فضل لعربى على عجمى أو رئيس على مرؤوس إلا بالتقوى والعمل الصالح .
الأمر الثانى أن كل من لديه أبسط مراحل الفهم والإدراك يعلم من متابعته لسياسة السيسى تجاه الإخوان من أول يوم أنها سياسة صفرية لا تقبل أنصاف الحلول أو المصالحة وأن السيسى قرر أن يكسر شوكة الإخوان ويقضى عليهم ولا مجال للصلح معهم وينفذ مخططه الدموى بحزم وعزم وعنف ودموية دون أن يرف له جفن .
الأمر الثالث أن السيسى لن يشعرأنه أصبح حقا رئيسا لمصر إلا بعد الخلاص من الرئيس الشرعى الذى انتخبه الشعب. لأن مصر الآن بها رئيسان: منتخب هو مرسى، وانقلابى متغلب مغتصب هو السيسى، ولابد فى النهاية أن يكون هناك رئيس واحد لمصر إما المنتخب ؟ وإما المتغلب المغتصب للسلطة ؟
أما الغرب الذى لازال يراهن عليه بعض الإخوان فإنه أكد مرارا وتكرارا أنه دعم انقلاب السيسى وكل جرائمه ولازال وأن حكم العسكر هو المفضل للغرب منذ ستين عاما ولن يسمح الغرب للإخوان أو غيرهم من الإسلاميين أن يحكموا مهما قدموا من تنازلات أو استبدلوا من شعارات ، فالغرب لا يحترم إلا الأقوياء الذين يفرضون الواقع..
وهنا أسأل الإخوان: لماذا استبدلوا شعار ” الجهاد سبيلنا والموت فى سبيل الله أسمى أمانينا “بشعار “سلميتنا أقوى من الرصاص “؟ ولماذا تخلوا عن فكر المرشد المؤسس الإمام حسن البنا ومشروعه ورددوا أفكار وكلمات الدكتور محمد بديع الذى ربما قد يكون صالحًا فى نفسه كشخص لكنه لا يملك أيًا من مقومات الزعامة أو مواصفات الإرشاد والقيادة التى تخلى عنها أو انتزعها الآخرون منه وجرفوا الجماعة ومصر والأمة إلى ما وصلت إليه.
إن طريق التنازلات الذى انجرفت إليه قيادة الإخوان هو الطريق نحو الهاوية وأخطر التنازلات التى وقعت هى التخلى عن أهم مبادئ وأصول الفكر الإخوانى الأصيل الذى وضعه المؤسس الإمام حسن البنا
ورغم كل تنازلاتهم فإن السيسى قتلهم وشتت شملهم والغرب الذى راهنوا عليه خذلهم ولم ينصرهم أحد لأن سنة الله الكونية أنه ما ترك قوم الجهاد إلا ذلوا ومن يمتلك أسباب القوة ويفرضها هو الذى يحترمه الآخرون.
أيها الإخوان …عودوا إلى رسائل الإمام حسن البنا مؤسس الجماعة وافهموا منها أصول فكرتكم ومنهج دعوتكم وكفوا عن الإنسياق وراء قيادات لم تفهم فكر البنا ولا تاريخ الجماعة وتعصبوا للحق وكفوا عن التعصب للأشخاص مهما بلغت مكانتهم فمن عرف الحق عرف أهل الحق وتعلموا أن تحاسبوا قياداتكم على أخطائها.
فى الختام أقول للجميع الحقيقة التى يجب أن يدركها الإخوان وغيرهم إن السيسى سيعدم مرسى وفق كل المعطيات والقراءات -إلا أن يشاء الله – وإن الحقوق لا تستعاد بالتنازلات وتغيير الشعارات والمفاهيم ، وإنما بالثبات والعودة للأصول والمبادئ التى وضعها المؤسس
الإمام الشهيد حسن البنا فالإسلام دين الفكرة والعزة من اعتز به أعزه الله.
فإن أردتم الخير لأنفسكم ودينكم وجماعتكم فاثبتوا عند مبادئكم وكفوا عن التهديدات الفارغة وأرونا أمام هذه الحقائق الدامغة ماذا أنتم فاعلون؟