يوما بعد يوم ، يزداد عدد ضحايا الإهمال الطبي داخل السجون المصرية،وأكد خبراء أن الدولة تستخدم أسلوب التصفية الجسدية للمعتقلين داخل السجون ففي أقل من أسبوعين توفي قياديين داخل السجون بسبب الإهمال الطبي في حين يعاني العشرات داخل السجون من مشاكل صحية كبيرة نتيجة لمنع العلاج عنهم.
فقد توفي خلال الأسبوعين الماضيين البرلماني الإخواني د. فريد إسماعيل، والدكتور محمد الفلاحجي، عضو مجلس الشعب السابق، ، بدمياط داخل سجن جمصة، وذلك بعد تعرضه لغيبوبة كبدية داخل السجن، وهو نفس سبب وفاة الأول.
منع العلاج
وقالت زوجة “الفلاحجي”: إن إدارة سجن جمصة بالدقهلية تركته في غيبوبة كبدية حتى مات، مشيرة إلى أنه يعاني منذ 3 أشهر في سجن جمصة أشد المعاناة، حيث لم يقدموا له العلاج اللازم.
وأضافت، خلال مداخلة هاتفية على قناة “الثورة” الفضائية، أن “إدارة السجن لم ترحم مرضه، وكانوا ينقلونه من سجن جمصة إلى المستشفى ثم يعود مرة أخرى للسجن كما هو، دون أن يعالجوه أو يقدموا له أي دواء، وحدث ذلك أكثر من مرة”.23
وكشفت زوجة البرلماني أن الداخلية كانت تعطي أوامرها للمستشفيات بعدم علاجه، وذلك رغم تنقله إلى العديد من المستشفيات، مضيفة أن “يوم الثلاثاء الماضي، نقلوا زوجي إلى المستشفى التخصصي في دمياط، وذهبت إليه فعلمت أنه في العناية المركزة في المستشفى التخصصي، ثم خرج زوجي بعد ساعة فقط من العناية المركزة “شبه بني آدم”.
وتابعت: “سمحوا لنا أن نجلس معه ربع ساعة، وعلمت أنهم أعدوا تقريرا في المستشفى التخصصي، أنه لا بد من حجزه في العناية المركزة بمعهد كبد متخصص، وبعد ذلك أعادوا زوجي إلى سجن جمصة”.
وأكدت أن السجن رفض استقبال الفلاحجي بعد رؤية تقرير طبي يحذر من خطورة وضعه الصحي، موضحة أن الداخلية قامت بنقله- بعد رفض السجن استقباله- إلى مستشفى الطوارئ بالمنصورة، والتي رفضت استقباله، ثم نقلوه إلى 3 مستشفيات أخرى خلال يوم واحد، وجميعها رفضت استقباله بأوامر أمنية، حتى انتهى به المطاف إلى سجن جمصة مرة أخرى.
الضحية 14 خلال شهر و265 منذ الانقلاب
ويُعد الفلاحجي الضحية رقم 14 خلال شهر مايو الجاري، و265 منذ الانقلاب العسكري في 3 يوليو 2013 وحتى الآن، والذين لقوا مصرعهم داخل أماكن الاحتجاز لسوء الرعاية الصحية، وذلك بحسب تصريحات أحمد مفرح، مدير مؤسسة الكرامة لحقوق الإنسان.
وأضاف مفرح، في تدوينة له على موقع التواصل الاجتماعي “فيس بوك”، أنه بوفاة الفلاحجي ارتفعت أعداد القتلى بداخل أماكن الاحتجاز فى عهد السيسي إلى 135 حالة حتى الآن، كما ارتفع أعداد القتلى بداخل أماكن الاحتجاز في عهد مجدي عبد الغفار إلى 36 حالة، مشيرا إلى ارتفاع أعداد القتلى بداخل السجون في عهد اللواء حسن السوهاجي، مدير مصلحة السجون، إلى 10 حالات.
وقال: إن موت الفلاحجي هو حالة القتل الثانية التي يتم الكشف عنها بداخل سجن جمصة العمومي، الذي يقبع فيه قيادات جماعة الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة، وقد سبقه وفاة وليد علي طغيان، الشهر الماضي.
وأوضح أن مؤسسة الكرامة أطلقت نداءً عاجلًا، في 1 مايو، إلى المقرر الخاص المعني بمسألة التعذيب وغيره، بشأن استمرار اعتقال محمد الفلاحجي وتعرضه- بسبب مواقفه السياسية- للتعذيب وسوء المعاملة وحرمانه من العلاج، رغم معاناته من أمراض مختلفة، لدرجة أن حياته أصبحت في خطر.
الطب الشرعي اثبت وفاة 16 تحت التعذيب
وقالت الناشطة الحقوقية ومؤسِسة مركزالنديم، لمناهضة التعذيب عايدة سيف الدولة، إن تقارير الطب الشرعى أثبتت وفاة 16 شخصا تحت وطأة التعذيب داخل السجون، مشيرة إلى أن مركز النديم، يجهز تقريرا سيصدر نهاية يونيو المقبل، للكشف عن حالات التعذيب وانتهاك الحق فى الحياة خلال سنة من تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى مسئولية البلاد.
اعتقال 150 طبيب ووفاة 6
وأدانت سيف الدولة خلال كلمتها فى مؤتمر نظمته نقابة الصحفيين للتضامن مع معتقلى قضية الرمل، أمس الأول، تعامل نقابة الأطباء مع قضية الأطباء المعتقلين الذين وصل عددهم على حد قولها إلى 150 طبيبا، قتل منهم داخل السجون 6 أطباء، معلقة بأن النقابة تكتفى بإرسال الفاكسات، ولم تتخذ إجراءات أخرى، وعلقت بقولها: “إذا استمر الوضع كما هو عليه، لن يرى المسئولون فى النقابة كرسى النقابة ثانية”.
ووجه رئيس حزب العيش والحرية تحت التأسيس المحامى خالد على، سؤالاً لرئيس الجمهورية ورئيس الوزراء والنائب العام، قائلاً: “هل أصبح لدى الداخلية كتائب لتصفية المعارضين، والنشطاء السياسين خارج إطار القانون؟”، وأضاف: “التعامل مع مسجونى الرأى أصبح أكثر شراسة من التعامل مع أسرى الحروب، وأكبر دليل على ذلك تعذيبهم داخل السجون الذى وصل للقتل، سواء للمساجين من التيار الإسلامى أو آخرين”.
تعمد القتل
ومن جانبه أعرب محمد سيف الدولة، الباحث فى الشأن القومي العربي، عن استيائه بعد وفاة محمد الفلاحجي داخل سجن جمصة.
وقال سيف الدولة، فى تغريدة بموقع التدوين المصغر “تويتر”: “طيب على الأقل، أعطونا مهلة للحزن والتقاط الأنفاس؛ أسبوع على الأقل بين كل ضحية وأخرى. لكن كده كثير، فريد إسماعيل، إسلام عطيتو، محمد الفلاحجى”.
واتهم حزب الحرية والعدالة السلطات المصرية بقتل الفلاحجي، 58 سنة، من خلال الإهمال الطبي المتعمد، حيث رفضوا نقله لمستشفى خارج السجن لتلقي العلاج، كما منعوا عنه دخول الأدوية اللازمة لإنقاذ حياته.
وكان عدد من قيادات جماعة الإخوان المعتقلين اشتكوا من سوء الأوضاع داخل السجون، وتعرضهم للتعذيب الجسدي، وكان آخرهم عضو مجلس الشعب السابق محمد البلتاجي، الذي قال خلال جلسة محاكمته، الأسبوع الماضي: إن إدارة السجن تطلق عليه كلابا بوليسية.