لطالما اعتقدت بأن لدي ميول ارهابية مدفونة تحتاج إلى من يكتشفها و يصقلها.. و قد حان الوقت..
في ليلة ظلماء باردة، دخلت الى خيمة الإرهابيين القدامى لأنهل الاٍرهاب من منابعه الصافية، فوجدت شيوخا بدت عليهم علامات الإعياء و التعب.. استقبلوني بابتسامات مصطنعة لا تتوافق مع هول ماهم فيه
توجهت إلى أكبرهم سنا و سألته، أي الأسلحة أشد فتكا؟ فأجابني: الفهم!
قلت لابد أن سؤالي لم يصلك بطريقة صحيحة، فأيها أكثر ايلاما للعدو؟ فقال الابتسامة!
فاشتطت غضبا وقلت لأحدهم دلّني على مخازن السلاح، فوضع يده على صدري و قال لي، هو هنا!
قلت انتم تدعون الاٍرهاب و لستم أهلا له، فقال لي: لا تجزع يا صغيري فالإرهاب في أوروبا و الدول المتقدمة يستدل عليه بحمل السلاح، أما في وطننا فيستدل عليه بالرجال. كن رجلا و قف مع الحق تصبح ارهابيا و لو كنت أعزلا ضعيفا لا تملك إلا قلمك و لسانك
سادت لحظة من الصمت اقتطعها صوت حشرجة مكتومة مع قطرات دافئة تطايرت على وجهي و قميصي، فنظرت الى كبير الإرهابيين فإذا هو مقتول برصاصة بين عينية و سمعت مناديا يصرخ اخلوا الخيام فقد بدأ الفض
بدأ و انتهى في يوم كألف يوم، قتل من قتل و اعتقل من اعتقل، لكني تمكنت من الهرب عبر نفق كنت قد حفرته بنفسي من قلب القاهرة الى عمق غزة، و كنت انزل إليه كلما اشتدت البرودة لأحصل على بعض الدفء من لب الأرض المنصهر و الذي كنت استخدمه أيضا لتسخين وجبات المعتصمين
مر العام تلو العام و قررت أن أزور احد الإرهابيين في عنبر الإعدام فلما خرج ما تعرفت عليه، فقد عهدته شابا وسيما في الثلاثين و وجدته شيخا في أراذل العمر يسحب أقدامه المسلسلة على الارض .. شاب شعره و التصق جدار بطنه بظهره و برزت أضلاعه.. فقلت له انظر الى حالك. اعتقلوك و قتلوك جوعا و تعذيبا قبل أن ينفذوا فيك حكم الإعدام. و لو أنه معك سلاح لهابوك.. أنت ميت لا محالة، فهلا دافعت عن نفسك؟
فقال: ألم تعلم بأن سلميتنا أقوى من الرصاص؟
و من يومها و أنا ارهابي سلمي!
أنا ارهابي .. مثخن بالجراح الى شغاف القلب، و مهترأ الجسد كزهر مخملي ضعف عوده فما انحنى و تطايرت أوراقه .. فارتقى
لا أحمل سلاحا بين جنبي و لم احمله يوما، لكن صوتي يرهبهم.. و صوتي بإذن الله لن يخفت..