أعلنت وزارة الداخلية، منذ أيام، أن مجموعة من طلاب جامعة الأزهر ينتمون لجماعة الإخوان المسلمين، وبمعاونة من حركة “حماس”، ارتكبوا حادث اغتيال النائب العام الراحل المستشار هشام بركات، فمن المستفيد من مصرع النائب العام الراحل؟
كما أقال شريف إسماعيل، رئيس الحكومة، أحمد الزند، وزير العدل السابق، فما حقيقة اتهامه بالعديد من قضايا الفساد، وما هي قضية الحزام الأخضر.
شبكة “رصد” حاورت المستشار أحمد سليمان، وزير العدل الأسبق، وأجاب عن هذه الأسئلة:
– من المستفيد من مصرع النائب العام هشام بركات؟
لا شك أن المستفيد من اغتيال النائب العام هو مرتكب الجريمة، وقد شهدت هذه القضية عدة روايات مختلفة حول مرتكبها؛ فقد أعلن عن تصفية تسعة أشخاص من الإخوان المسلمين بشقة بأكتوبر، في أول يوليو 2015؛ على خلفية اتهامهم بالوقوف خلف عملية اغتيال النائب العام، وبعدها أعلن أن مرتكب هذه الجريمة هو ضابط سابق بالقوات المسلحة يدعى هشام علي عشماوي، ثم أعلن عن تصفية أحمد عباس ومحمد عبدالعزيز عبدالكريم المتهمين بقتل النائب العام في شقة بالمعادي، ثم أعلنت الداخلية، في 30-10-2015، أن الأجهزة الأمنية لم تتوصل لتحديد هوية المتهمين باغتيال النائب العام، ثم نشر في “صوت الأمة” أن سيارة التشويش التي ترافق موكب حراسة النائب العام التي تقطع الإشارة التي تصدر من أجهزة التفجير للمتفجرات قد تم سحبها من الموكب ليلة الحادث، ثم أعلن عن اتهام 48 شخصًا في ارتكاب هذه الجريمة وأن مرتكبيها هم الإخوان المسلمون وحماس، وأخيرًا أعلنت الداخلية أن عددًا من طلاب الأزهر هم من نفذوا حادث الاغتيال.
– ما حقيقة اتهام الزند في عدة قضايا فساد؟
هذه حقيقة؛ فقد سبق اتهامه وصهره، بالاستيلاء على مساحة 264 فدانًا بأرض الحمام بمرسى مطروح، في عام 2006، وأبلغ المجني عليهم ضده بالاستيلاء على الأرض بغير وجه حق وطردهم منها، وحبسهم، وظل الملف مفتوحًا طوال عهد المستشار عبدالمجيد محمود ولمدة تزيد على ست سنوات حتى تم تعيين المستشار طلعت عبدالله نائبًا عامًا فحرر مذكرة وطلب من مجلس القضاء الأعلى رفع الحصانة عنه، ثم تم ندب المستشار محمد عبدالرحمن قاضيًا للتحقيق معه في أواخر يونيو 2013، ولكنه بعد 3-7-2013 تحايل على القانون وساعده على ذلك صديقه المستشار نبيل صليب وندب له قاضيًا آخر هو القاضي أحمد إدريس، رغم عدم جواز ذلك قانونًا وقد أصدر القاضي إدريس قرارًا تصور الزند أنه أغلق به الملف، ولكنه قرار منعدم ليس له أثر قانوني وما زال الملف مفتوحًا ولن يغلق إلا بعودة الحق لأصحابه.
فضلًا عن أن حرصه على عدم مراجعة الجهاز المركزي لحسابات النادي رغم خضوعها لمراقبة الجهاز قانونًا، وحجب هذه الميزانية عن الجمعية العمومية للقضاة رغم وجوب عرضها على الجمعية وفقًا للائحة النادي، وما أعلنه المستشار محمد عبدالهادي، عضو مجلس الإدارة، من أن هناك أرقامًا معلنة تفتقد للدقة، الأمر الذي يثير العديد من علامات الاستفهام حول ميزانية النادي وقت أن كان رئيسًا لمجلس إدارته.
– ما هي قصة أراضي الحزام الأخضر التي تم تخصيصها لعدد من القضاة؟
هذه الواقعة أوردها الأستاذ مجدي أحمد حسين، في شكواه التي تقدم بها للنيابة العامة منذ سنوات ضد الزند متهمًا إياه بالاستيلاء على مساحة 2200 فدان كانت مخصصة لنادي القضاة واستولى عليها الزند وحولها لمنتجعات وقصور وربح من ورائها المليارات، حسبما ورد بالشكوى، وهي متاحة على شبكة المعلومات.
– اشتهرت في عهد حكم العسكر جملة “الحكم بعد المكالمة”.. ما تعليقك؟
لقد اهتزت الثقة العامة في القضاء بعد 3-7-2013 بصورة غير مسبوقة، ولم يكن ذلك من فراغ، وإنما كان ذلك ناشئًا عن عدة مظاهر عايشها الناس بأنفسهم، ورصد المجلس القومي لحقوق الإنسان عدة ملاحظات تنال من هذه الثقة؛ منها الإسراف في استخدام السلطة في الحبس حتى بات الحبس يتم لأوهن الأسباب ولو كان الفعل غير مجرم كما حدث مع طفل المسطرة التي تحمل شارة “رابعة”، وتجديد الحبس في غيبة المتهم، رغم أن القانون يوجب سماع أقوال المتهم قبل تجديد الحبس، كما رصد وجود أعداد كبيرة من النساء والأطفال محبوسين، بل رصد ما هو أكبر من هذا وهو عجزه عن معرفة أماكن عدد من المحبوسين، أضف إلى ذلك تشكيل محاكم مشكلة من قضاة معينين، ومصادرة حق الدفاع للخصوم، والحكم بأقصى العقوبة المقررة، وعقد المحاكمات في أماكن لا تتحقق فيها علانية المحاكمات كما أرادها المشرع، وهو ما دفع محكمة النقض إلى رفض عقد جلساتها في أكاديمية الشرطة في محاكمة مبارك وكل هذه المظاهر توحي بأن هذه الأحكام انتقامية وتأتي استجابة لتوجه النظام القائم، وتنتفي فيها معايير العدالة ومن هنا نشأ هذا التعبير الصادم.
– الاشتغال بالسياسة.. تهمة دائمًا ما توجه للقضاة المعارضين لنظام الحكم.. ما حقيقة هذا الاتهام وما هي ضوابطه، بين الزند وقضاة البيان؟
في الأنظمة الدكتاتورية والقمعية يعتبر القضاة المدافعين عن استقلال القضاء، والمطالبين باحترام القانون والحريات العامة، فإن هذه الأنظمة تعتبر هؤلاء القضاة خصومًا له وتترصدهم للانتقام منهم عبر إحالتهم للصلاحية عن طريق وزير العدل، كما حدث مع المستشارين محمود مكي وهشام البسطويسي اللذين أحيلا للصلاحية لمجرد مطالبتهما بالتحقيق في الاتهامات التي نسبت لبعض القضاة بالتزوير في انتخابات 2005، وكما حدث مع قضاة البيان الذين طالبوا باحترام إرادة الناخبين، واحترام نتائج الانتخابات التي أشرفوا عليها، واحترام القانون والدستور ونبذ العنف وحقن الدماء، وهي مطالبة تؤرق نظامًا لا يقيم وزنًا للقانون والدستور، ولا يحترم شعبًا حتى يحترم إرادته فكان جزاؤهم الإحالة للصلاحية، وقد صادر مجلس التأديب حقهم في الدفاع، وتحايل عليهم حتى لا يستكملوا إجراءات الطعن بالتزوير على محضر التحريات، ثم قضى بإحالة 31 قاضيًا منهم للمعاش، وكذلك حدث مع “قضاة من أجل مصر” لإعلانهم نتائج انتخابات الرئاسة، وتأييدهم الإعلان الدستوري وهو مجرد رأي أيًا كان وجه الرأي فيه، فتم اتهامهم بالاشتغال بالسياسة وإحالتهم للصلاحية، وقد قضى نهائيًا بإحالة عدد منهم، بالإضافة إلى عشرة قضاة آخرين ما زال طعنهم على الحكم منظورًا، وفي الوقت نفسه تتم حماية الزند ورفاقه الذين اشتغلوا بالسياسة علنًا، وفتحوا النادي أمام حركة “تمرد” لجمع التوقيعات على استماراتها في مقر النادي، رغم أنها حركة منشأة على خلاف القانون، وقد تولى الزند قيادة فيها وكان يصدر الأوامر لها بالتظاهر ويحدد أماكنه حسبما صرح بذلك قادتها، وحولوا الجمعيات العمومية للقضاة لمؤتمرات سياسية، وطالبوا أوباما بالتدخل في شؤون مصر، وأعلن الزند أنه سيشتغل بالسياسة “واللي مش عاجبه يشرب من البحر” وغير ذلك كثير مما تضمنته العديد من الشكاوى المقدمة ضدهم، ولم تتخذ فيها أية لإجراءات ضدهم، فالاتهام بالاشتغال بالسياسة هو فزاعة يستخدمها النظام ضد من يسعى للتخلص منهم فقط دون أن يشتغلوا بالسياسة، أما الذين يشتغلون بالسياسة فعلًا فلا تثريب عليهم ما دام اشتغالهم بالسياسة يصب في صالح النظام.
– متى يحاكم المدنيون أمام المحاكم العسكرية؟
يحاكم المدنيون أمام القضاء العسكري إذا ارتكبوا جريمة في منطقة عسكرية أو وقعت الجريمة على ممتلكات أو أسلحة عسكرية، ولكن هذا النظام قد اغتصب سلطة القضاء العادي في بعض الجرائم وجعلها من اختصاص القضاء العسكري؛ حيث أصدر قانونًا جعل بمقتضاه كل جريمة تقع في أية مرافق تقوم القوات المسلحة بحمايتها من اختصاص القضاء العسكري، ومن ثم أصبحت الجرائم التي تقع في الجامعات ومحطات المواصلات ومرافق المياه والصرف الصحي والكهرباء وغيرها من اختصاص القضاء العسكري.
– هل يلتزم القضاة الآن بمعايير الحيادية أثناء محاكمة معارضي حكم العسكر؟
نظر قضايا الإرهاب والفصل فيها تنتفي فيه معايير العدالة ابتداءً من عقد جلساتها في أماكن لا تتوافر فيها العلانية التي تطلبها القانون، إلي تشكيل المحكمة من قضاة معينين، إلى إعلان بعض هؤلاء القضاة بغض المتهمين والتنظيمات التي ينتمون إليها ما جعلهم خصومًا للمتهمين وليسوا قضاة بينهم، ثم مصادرة حقوقهم في الدفاع، والحكم بأقصى العقوبات استنادًا لتحريات الأمن وحدها وهو ما يتنافى مع كل المبادئ التي استقرت في ضمير القضاة، والحكم استنادًا لمواد مطعون عليها بعدم الدستورية، ثم الحكم بأقصى العقوبات حتى وصل الأمر إلى أن قاضيًا قد حكم بإعدام سبعة أشخاص بحكم لم يوقعه سواه.
– هل وضع المشرع المصري ضوابط خاصة لمحاكمة الرؤساء؟ وما مدى تطبيق هذه المعايير في محاكمة المخلوع مبارك والدكتور مرسي؟
لقد نصت الدساتير المختلفة على ضمانات بالنسبة لتوجيه الاتهام لرئيس الدولة وحددت تشكيلًا معينًا للمحكمة التي تحاكمه، وهذه الضمانات لم يتمتع بها مبارك نظرًا لتخليه عن الحكم إثر ثورة 25 يناير العظيمة، أما الدكتور مرسي فرغم أنه لم يتخل عن الحكم إلا أنه لم يتمتع بهذه الضمانات، وأخضع لإجراءات المحاكمات العادية.
– ما هي الأدلة التي يجب توافرها أمام القاضي قبل النطق بالإعدام؟
نظرًا لخطورة الحكم بعقوبة الإعدام فلا بد من توافر عدة شروط لتوقيع هذه العقوبة وهي:
1- أن يتوافر في الدعوى دليل يقيني صحيح مستخلص بطريق مشروع يقطع بارتكاب المتهم الجريمة المعاقب عليها بالإعدام.
2- إجماع أعضاء المحكمة على الحكم بالإعدام بحيث إذا اعترض أحدهم على هذه العقوبة تعين الحكم بعقوبة أخرى.
3- استطلاع رأي المفتي قبل النطق بالحكم في الرأي الشرعي بالنسبة للجريمة وهو رأي استشاري.
4- تطعن النيابة العامة على الحكم ولو لم يطعن المتهم.
5- بعد استنفاد طرق الطعن لا ينفذ الحكم إلا بعد التصديق عليه.
– ما حقيقة اشتغال الزند مقيم شعائر في الإمارات.. بعد استبعاده من منصة القضاء؟
تمت إعارة الزند قاضيًا بمحاكم رأس الخيمة لمدة أربع سنوات، ونظرًا لعدم رضاء المسؤولين عنه أنهيت إعارته بعد عام ونصف العام تقريبًا، واستطاع بطريقته الخاصة أن يجد عملًا في مكان آخر وكان يقيم الشعائر به وله صور منشورة بالزي الأزهري.
– وماذا عن قضية البيان؟
هذه القضية ليس لها أي سند من الواقع والقانون، ورغم ذلك استخدمها النظام ضد القضاة مصدري البيان لأنه لا يؤمن بشيء اسمه حرية الرأي، ولا يعرف إلا الرأي الواحد وسنحاول تلخيص أحداثها على النحو التالي:
1- أصدر بعض القضاة بيانًا، في 24-7-2013 بيانًا بمناسبة الأحداث الخطيرة التي مر بها الوطن.
2- فور إذاعة البيان قرر النادي شطب عضوية هؤلاء القضاة من النادي.
3- في اليوم التالي قدم الزند والمنشاوي ورفاقهما، شكوى أوردوا فيها وقائع كاذبة واتهموا القضاة بالاشتغال بالسياسة والانحياز لفصيل سياسي معين.
4- قام المستشار نبيل صليب، بندب قاضٍ للتحقيق في الواقعة، هو القاضي محمد شيرين، صديق الزند، وذلك رغم عدم اختصاصه بالندب بصريح نص المادة 65 من قانون الإجراءات الجنائية.
5- دفع من حضر من القضاة بعدم اختصاصه بالتحقيق لانعدام قرار ندبه، ولكنه لم يرد على الدفع رغم وجوب ذلك وخلال 24 ساعة وفقًا للمادة 82 إجراءات جنائية.
6- رفض تسليم القضاة صورة من التحقيقات على نفقتهم رغم انه حق مقرر بالمادة 84 اجراءات جنائية.
7- اختار 13 قاضيًا وقرر منعهم من السفر قبل سؤال المبلغين والمدعي عليهم ودون أية أسباب موضوعية ودون تسبيب الأمر أو تحديد مدة له خلافًا للقانون.
8- أرفق تدوينات قال إنها للقضاة المدعي عليهم من صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي رغم عدم وجود محضر من الجهة التي قال إنها قدمتها، ورغم ورود تقرير وزارة الداخلية بعدم إمكان الدخول على هذه المواقع لعدم معرفة كلمة السر، ولإنشاء صفحات بأسماء مستعارة، ولإمكان إنشاء صفحات باسم أي شخص.
9- قرر وزير العدل إحالة 56 قاضيًا للصلاحية بناءً على طلب رئيس محكمة استئناف القاهرة، رغم أن الأمر شمل قضاة بمحاكم الاستئناف الأخرى ونواب رئيس محكمة النقض وقضاة بالمحاكم الابتدائية، وتكون الدعوى بالنسبة لكل هؤلاء قد أقيمت من غير ذي صفة.
10- طعن القضاة على محضر التحريات بالتزوير وقدموا مستندات رسمية تقطع بالتزوير، ورغم ذلك تحايل المجلس على القضاة حتى لا يمكنهم من استكمال إجراءات الطعن بالتزوير.
11- صادر المجلس حق الدفاع للقضاة وقضى بإحالة 31 قاضيًا للمعاش.
12- في الاستئناف نظر المجلس الطعن على الحكم برئاسة رئيس محكمة النقض واشترك في عضوية المجلس رئيس محكمة استئناف القاهرة رغم عدم جواز اشتراكهما في المجلس لسبق إبداء رأيهم في الدعوى بطلبهما إحالة القضاة للصلاحية، ومنعا قيد دعوى الرد المقدمة ضدهما.
13- كما اشترك القاضي المنشاوي في إحدى جلسات المجلس رغم إنه أحد الشاكين وبعدها صرح أنه لم يوقع على الشكوى مما كان يتعين معه سؤال الشاكين لاحتمال تكرر إنكار التوقيع على الشكوى.
14- مخالفة تشكيل المجلس للمادة 107 من قانون السلطة القضائية.
15- الاستمرار في نظر الطعن رغم نشوء خصومة مع القاضي أمير عوض، وحرر رئيس المجلس مذكرة ضد القاضي، كما حرر القاضي مذكرة ضد رئيس المجلس، وهو ما لا يجوز قانونًا.
16- أهدر المجلس مبدأ المواجهة في المحاكمة وقام باستجواب القضاة ورفض استكمال القضاة المرافعة في القضية.