عقِب حادث سقوط أي طائرة سواء كان في البحر أم في البر، تتجه أنظار العالم كله إلى “الصندوق الأسود” لهذه الطائرة، والذي سمي بهذا الاسم “الصندوق الأسود”، بسبب ارتباطه بالكوارث الجوية وحوادث تحطم الطائرات، وحقيقة لونه هو البرتقالي.
في عام 1953م، كان خبراء الطيران يجاهدون في سبيل معرفة أسباب حوادث سقوط عدد من طائرات شركة “كوميت”، التي بدأت تلقي ظلال الشك على مستقبل الطيران المدني برمته، وبعد عام اقترح عالم طيران أسترالي، يدعى ديفيد وارن، صنع جهاز لتسجيل تفاصيل رحلات الطيران.
وكان الجهاز الأول أكبر من حجم اليد، ولكنه يستطيع تسجيل نحو أربع ساعات من الأحاديث التي تجري داخل مقصورة القيادة، وتفاصيل أداء أجهزة الطائرة، وأصيب وارن بالدهشة عندما رفضت سلطات الطيران الأسترالية جهازه، وقالت إنه “عديم الفائدة في مجال الطيران المدني”، وأطلق عليه الطيارون اسم “الأخ الكبير” الذي يتجسس على أحاديثهم.
ونقل الدكتور وارن ابتكاره لبريطانيا، حيث رحب به بحماس، وبعد أن بثت إذاعة “بي بي سي” تقريرًا حول الجهاز، تقدمت الشركات بعروضها لتطويره وصناعته، لأن الجهاز له أهمية كبيرة ومن خلاله يمكن معرفة أحوال الطائرة.
ويوجد في كل طائرة صندوقان وليس صندوق واحد، ويقعان في مؤخرة الطائرة، حيث يسجلان ما يحدث للطائرة طول فترة سفرها، فالصندوق الأسود الأول، وظيفته حفظ البيانات الرقمية والقيم الفيزيائية “الوقت، السرعة، الاتجاه”.
وأما الصندوق الأسود الثاني، فوظيفته تسجيل الأصوات “مشاحنات، استنجاد، حوارات”، والصندوقان مجهٌزان ببث صوت يندلع إذا ما غاصت الصناديق في الماء، وبث إشعاع فوق الصوتي للمساعدة على العثور عليهما، ويبث هذا الإشعاع على ذبذبة 37,5 كيلوهرتز، ويمكن التقاطة في عمق يبلغ 3500 متر “14000 قدم”.
معلومات عن الصندوق الأسود
(1) يتكون من مسجلتين إحداهما نظرية والأخرى رقمية، وهما متشابهتان في المظهر الخارجي، وتختلفان في التركيب من الداخل، ومقاييس الصندوقين يبلغ الطول 20 بوصة، والعرض 5 بوصة ولاارتفاع 7 بوصة، ويكون في ذيل الطائرة لزيادة الحماية لهما.
(2) يسجل كل كبيرة وصغيره داخل الطائرة من ارتفاع الطائرة وسرعة الهواء ولاتجاه البوصلي والزمني والتسارع العمودي ويقاس بالجراف grav9.80665 مترًا في الثانية المربعة.
(3) قادر على تسجيل مالا يقل عن 17 نوعًا من المعلومات، وبعد تطور المسجلات النظرية والرقمية تستطيع تسجيل مالا يقل عن 100 نوع من المعلومات في وقت واحدـ وذلك عن طريق تلقي المعلومات عن طريق أجهزة تحسس المعلومات الموجودة بدخلها، من سرعة الرياح والارتفاع والبوصلة والساعة الزمنية ودرجة الحرارة خارج الطائرة ووضع الطائرة في الجو، وكل هذا يرتبط بإبرة تسجيل تقوم بتسجيل كل الضغوط الواقعة والطارئة وهي مثل إبرة رسم تخطيط القلب.
(4) يقاوم حرارة تصل إلي 1100 درجة مئوية يطلقها لهب مغذى بالوقود لمدة 30 دقيقة.
(5) الصناديق مصنوعة من التيتانيوم، فهي تقوم باختراق قضيب من الفولاذ وزنه ربع طن.
(6) يقوم الاهتزاز الارتجاجي دون الإساءة إلى المعلومات المسجلة أو فقدانها.
(7) يحتوي على مرشد لاسلكي لتحديد موقعه تحت الماء، ويطلق ذبذبات ضوئية عالية التردد 37.4 كيلو هيرتز عند مساس المياة والثلوج الكثيفة والرطبة، وذلك عند خروجة من ذيل الطائرة، ويمكن تمييز تلك الإشارة من على بعد 2.5 ميل،وعلى عمق 20 ألف قدم تحت الماء ولمدة 30 يوم متواصلة.
(8) به شريط تسجيل المعلومات جيد النوعية بعرض ربع بوصة، ولة قابلية تسجيل مستمرة لمدة 25 ساعة متواصلة، ويعود التسجيل من جديد بعد انتهاء المدة، وذلك فوق المعلومات القديمة وهي تمسح تلقائياً ويوجد أيضا مسجلة قمرة القيادة في كبينة الطائرة.
(9) تستخدم معلومات الصندوق الأسود من قبل:
1- دوائر هندسة الطيران لرصد أداء الطائرات وتحسين مستوى صيانتها -2- دوائر ملاحي الطيران للرقي بمستوى الملاحين -3- شركات صناعة الطائرات لرفع مستوى السلامة في الطائرات الحديثة والقديمة -4- تفيد المعلومات الموجودة في الصندوق الأسود خبراء الأرصاد الجوية، فهي تقدم معلومات دقيقة عن الظواهر الجوية الخطرة مثل المقصات الجوية ولانفجارات الهوائية الصغيرة.
