في الآونة الأخيرة، تحاول دولة الإمارات التواجد بشكل أو بآخر في أزمات المنطقة، وهو ما حدث بالفعل في الأزمة الليبية مؤخرًا وانحيازها الكامل لمعسكر خليفة حفتر بالدعم العسكري له من خلال إرسال طائرات حربية، الأمر الذي يعقد المشهد الليبي أكثر فأكثر.
انتهاك قرارات الأمم المتحدة
وتتكشف الأدوار الحقيقية لدولة الإمارات العربية المتحدة في ليبيا، يومًا بعد يوم وتتجاوز تلك المعلن عنها من دعم سياسي أو عسكري وهو ما حاولت مجلة “تايم الأمريكية” إثباتها في تحقيق استقصائي موسع لها مؤخرًا.
وتحدثت المجلة عن ما هو أبعد من الدعم السياسي والعسكري، حيث تكشف لأول مرة عن قيام الإمارات بانتهاك قرار حظر للأمم المتحدة الخاص بتوريد الأسلحة إلى ليبيا، بل وتقويض السياسة الرسمية للولايات المتحدة الأمريكية هناك وهو ما قد يطيل أمد الحرب الأهلية في هذا البلد.
ويكشف التحقيق، الذي ترجمته “عربي21″، عن أن الإمارات قامت بنشر طائرات حربية أمريكية الصنع في ليبيا، في انتهاك لحظر إرسال الأسلحة إلى هناك، الذي فرضته الأمم المتحدة بعد الثورة الشعبية التي أطاحت بالزعيم الليبي العقيد معمر القذافي في العام 2011.
ويقول التحقيق إن أبو ظبي نشرت ست طائرات على الأقل، التي ظهرت على صور فضائية في قاعدة عسكرية، يسيطر عليها اللواء المتقاعد خليفة حفتر، الذي يخوض صراعا مع الحكومة الليبية المدعومة من الأمم المتحدة.
تأجيج الحرب وإطالتها
ويضيف التحقيق أن نشر هذه الطائرات يقدم دليلا جديدا على الحرب السرية بالوكالة الجارية في ليبيا، حيث تنحاز مصر والإمارات وروسيا إلى جانب حفتر في الحملة العسكرية ضد القوات الحكومية المدعومة أمميا، فيما يتهم موالون لحفتر تركيا وقطر بالوقوف مع المجموعات المسلحة ذات التوجه الإسلامي.
وتلفت المجلة إلى أن من شأن استمرار تدفق السلاح إطالة أمد الحرب، وإبقاء ليبيا فريسة لحالة الفوضى والانقسام بين ثلاث حكومات منافسة، مشيرة إلى أن الدعم العسكري لحفتر يزيد من تعقيد الجهود الدبلوماسية المبذولة لإنهاء الحرب الأهلية من خلال المفاوضات التي تدعمها الإمارات، في إشارة إلى اللقاء الذي رعته أبو ظبي بين حفتر ورئيس الحكومة الليبية فايز السراج في أبو ظبي واتفقا على خطوات لإنهاء الانقسام.
ويرى معد التحقيق أن القوات طرفي الأزمة في ليبيا تسيطران على قوة جوية صغيرة، ومن شأن دخول الطائرات الجديدة لصالح حفتر أن يخلّ بميزان القوة في النزاع، في وقت لا يحمل فيه المقاتلون المشاركون في النزاع سوى بنادق وأسلحة خفيفة.
قاعدة إماراتية سرية
يؤكد التحقيق أن ليبيا أصبحت ساحة للنزاع الجيوسياسي بين القوى الإقليمية والدولية، حيث يقود حفتر حملته العسكرية على اعتبارها “موجهة للإسلاميين الإرهابيين”، منوّها إلى أن الإمارات تشارك اللواء العداء تجاه جماعة الإخوان المسلمين والجماعات الإسلامية الأخرى في الشرق الأوسط.
وتقول المجلة أنه تم نشر الطائرات الأمريكية الصنع في قاعدة جوية سرية إماراتية في قاعدة الخادم العسكرية شرقي ليبيا، في خرق واضح لقرارات الأمم المتحدة، التي تحظر تصدير السلاح لليبيا، إلا في الحالات الاستثنائية.
وبحسب التحقيق، فإن صورا فضائية نشرت في أكتوبر في مجلة “آي أتش أس ود جينز ويكلي”، تظهر ست طائرات ثابتة الجناحين وطائرتي درون صينيتي الصنع في قاعدة عسكرية بدائية، كما كشفت الصور الفضائية، التي التقطت في ديسمبر عملية تعزيز للقوات جرت في ستة أشهر، بما في ذلك طائرات السبع، مشيرا إلى أن الصور تظهر طائرات للنقل العسكري روسية الصنع “إيلوشين 1-76″ و”أي1-118″، استخدمت لنقل المواد لبناء وتوسيع القاعدة”.
ويضيف التحقيق أنه “نظرا لتحليق هذه الطائرات على علو منخفض، وبطء سرعتها، فهي تعد أداة مثالية لمراقبة الحدود وقتال المتمردين، وباعت شركة (إيوماكس) الإمارات 48 طائرة، وبحسب سجلات الشركة ورخص البيع فإن الشركة زودت زبائن آخرين، مثل قوات العمليات الخاصة وقوة مكافحة المخدرات الأمريكية”.
دور تدميري للامارات
جدير بالذكر أن مسؤولين وسياسيين ليبيين تحدثوا كثيرا عن ما اعتبروه دورا إماراتيا تدميريا في المسألة الليبية، حيث صرح أمين عام حزب الجبهة الوطنية الليبي، عبد الله الرفادي، في حديث سابق لـ”عربي21″، قائلًا: “الإمارات ستمضي في مشروع تدمير ليبيا بوسائل أخرى إذ ا لم تسمح لهم مصر باستعمال أراضيها وأجوائها كي توفر لحفتر الإمدادات العسكرية”.
فيما أقر رئيس النواب في مدينة طبرق عقيلة صالح أكثر من مرة وبشكل علني بالدعم العسكري الذي قدمته الإمارات إلى قوات حفتر، فيما تحدثت تقارير صحفية مرارا عن تنفيذ طائرات إماراتية غارات جوية على القوات التي تقاتل قوات حفتر.