إهمال في كل مكان؛ وعند مواجهة المسئولين يستنكرون و يقولون ما لا يفعلون.. مستشفى الحميات بأسيوط على الرغم من كونها أحد الصروح الطبية هناك والتي لا يوجد غيرها على مستوى المحافظة، إلا أنها لا تنجو من حالة الإهمال.. لذا اتجهت عدسة "شبكة رصد الإخبارية" إلى المستشفى لترصد مأساة المرضى وحالة التراخي والإهمال .
مساكن عشوائية
ففي مدخل المستشفى تشعر وكأنك في مدخل قصر من طراز إسلامى حيث العمارة الرائعة خارجيًا، وعندما تتحرك بالدخل تبدأ تظهر لك المساوئ شيئًا فشيء، وعند مرورك بالدور الأول صاعدًا للثاني تظهر لك العشوائيات في طرقات المستشفي، حيث الصنابير التي أتلفتها كثرة الأيادي المنتفعة، والأحواض التي تم تحطيمها والمياه المتساقطة منها بالطرقات وعلى الأرضيات، والروائح القبيحة التي تخرج من دورات المياه التي لا يهدأ فيها صوت المياه لعدم صلاحية الصنابير .
وعندما تتحرك للأمام تجد الناس نيام على الأرض من النساء والأطفال الذين لا حول لهم ولا قوة، هاربين من كثرة الازدحام داخل بعض الأقسام، وكذلك ارتفاع درجات الحرارة وعدم وجود مراوح، والطريف أنه إذا وجدت المراوح في بعض الغرف فلا تجد "الريش".
أما المشهد عند دخول الغرف التي يصل اتساعها إلى أكثر من خمسون مترًا، فترى حوالي عشر قطع حديدية تشبه السرائر، قوائمها قد حنيت، ويعلوها جلد أسود نحيف يقال عليه "مرتبه" مهترئة يخرج منها شئ أصفر يقال أنه "إسفنج"، وإذا حجز المريض يأتي إليه العامل وفي يديه قطعة قماش لونها أصفر بها بقع كبيرة، لا يعلم إن كانت دمًا أم صدأ، ويلقيها على السرير واصفًا إياها بأنها "ملاية" للسرير، وفي يده الأخرى جسم هزيل يلقيه قائلًا: "دى المخدة"، وبعد كل هذا ينظر لمرافقي المريض نظرة طلب المال، قائلا: "أى خدمة تاني" ويأخذ "المعلوم" ويترك المكان .
ليس هذا فحسب فإذا نظرت لجدران الغرفة وجدتها متآكلة من الرطوبة وتساقط عنها لونها وأصبح لون الإسمنت الداخلي يشكل حفر في الحائط، والأرضية المتهالكة والشبابيك القابلة للسقوط فوق رؤس المرضى في أي وقت.
انتهى عصر العلاج بالمجان
وعن مستوى العلاج ، فعندما يدخل المرضى حجرة الممرضين لإثبات دخولهم المستشفى تبادر "الحكيمه" -رئيسة الممرضات- قائله: "معاكم سرنجات"، وإذا كانت الإجابه "لا "، تقول له: "هات من عند أم فلان "، ويتحرك المريض فيجد سيدة بدينة مسنة تحمل كيسًا أسودًا به السرنجات ويظن أنها ملكًا للمستشفى ويصدم عندما يجد صوتًا من خلفه ينادى "فين فلوس الحقن يا أستاذ؟".
قتل المرضى مع سبق الإصرار
وأخيرًا لم يتبق سوى الطعام والذي أثبتت لجنة من مديرية الطب البيطري أن بالمستشفى لحوم غير صالحة للاستخدام الأدمي، حيث تم ضبط 46 كيلو جرام لحوم بلدية مشفاة غير صالحة للاستهلاك الآدمي، وذلك أمس (الاثنين) في ثلاجات مطبخ مستشفى الحميات بأسيوط، بعد تعرضها للتلف والفساد لسوء الحفظ والتخزين .
إذًا فماذ تبقى لهذا الشعب المغلوب على أمره.. فعلاجه غير موجود.. ومكان علاجه غير مجهز.. وطعامه غير صالح.. كل هذا وأكثر استطاعت عدسة "شبكة رصد الإخبارية" أن ترصده بالصور لنبين ما يعانيه المرضى في مستشفى الحميات بأسيوط، ونسلط الضوء على مدى التدهور الصحي الذي تعانيه مستشفيات الصحة بأسيوط الذي إن دل على شيء فلا يدل إلا على تقاعس المسئولين بالمحافظة وتجاهل هذه المؤسسات الطبية الضخمة التي وصلت للحضيض.