شبكة رصد الإخبارية
follow us in feedly

الإخوانوفوبيا … والبرادعانويا – أيمن قدري

الإخوانوفوبيا … والبرادعانويا – أيمن قدري
  بعد نجاح الجزء الأول من مسلسل الإخوانوفوبيا والذي عرضت حلقاته طوال ثلاثين عاما على كافة الفضائيات ووسائل...

 

بعد نجاح الجزء الأول من مسلسل الإخوانوفوبيا والذي عرضت حلقاته طوال ثلاثين عاما على كافة الفضائيات ووسائل الإعلام الأخرى، ظهر الجزء الثاني من المسلسل بعد ضم العديد من الشخصيات الجديدة التي أضافت الكثير من الإثارة و المتعة للأحداث.نجوم كثيرة انضمت لفريق العمل منها على سبيل المثال لا الحصر حازم أبو اسماعيل، حمدين صباحي، أبو الفتوح إلا أن أكثرهم تأثيرا في المنحنى الدرامي كان البرادعي.

على صعيد المشاهدين أيضا، ارتفعت نسبة المشاهدة بسبب جماهيرية أبطال الجزء الثاني، لكن والحق يقال ظلت جماهير الأبطال الجدد مريضة بمرض الإخوانوفوبيا مثلها مثل مشاهدي الجزء الأول إلا البرادعاوية الذين تميزوا – إلا من رحم ربي – بداء آخر هو البرادعانويا.

انت تكره الإخوان … ربما الإسلاميين كلهم ، لكن كرهك للإخوان أشد، أنت تخافهم جدا، تخاف أن يحيلوا حياتك إلى جحيم باسم الدين. تؤكد لنفسك أنهم نصابين ودجالين والدليل … أنهم يخطأون!

نعم، البلكيمي كذب. ونيس تورط أيضا في فعل مشين، البقال ملتحي لكنك تسمعه يسب أحيانا وسائق التاكسي يسمع القرآن طوال الطريق لكنه بالغ في طلب الأجرة .. ألا ترى معي لماذا نكره الاسلاميين ونخاف منهم. هم مخادعون وللأسف ليسوا ملائكة!!

نكره الإخوان لأنهم يدعون الحكمة ، يدعون معرفتهم بالصواب ، بالحلال والحرام ونحن نكره أن يعلمنا أحد أو ينتقدنا. كيف لهم بذلك وهم يخطأون مثلنا؟ كيف لهم أن ينصحوننا؟ في الماضي ركبت مع سائق تاكسي ، أراد التدخين فأخرج سيجارتين إحداهما لي لكني رفضت بأدب لأني لا أدخن حينها قال لي "أحسن والله يا ابني ربنا يديمها عليك ويرحمنا منها" . حينها شعرت بعطف تجاه هذا الرجل وتمنيت لو أعانه الله على التوقف عن التدخين، لم أزجره لأنه نصحني رغم ارتكابه لنفس الخطأ .. فقط شعرت بعطف تجاهه لأنه لم يكن ملتح. لو كان ملتح لأحلت حياته إلى جحيم ببعض المواعظ ولربما أسمعته بيت الشعر الخالد "لا تنه عن عمل وتأتي مثله … عار عليك إذا فعلت عظيما"

هل يحق لك أن تدعي أن الزواج كريه فقط لأن أحد الأزواج يعاني في حياته؟ هل أنت على استعداد لقتل ابنك لأن أحدهم حذرك من احتمالية انحرافه عندما يكبر؟ لا أتفهم مبدأ التعميم الذي لازلنا نقدسه فلو أخطأ ملتح لعننا كل الملتحين ولو أجاد بوذي عبدنا البقر. لماذا نصر على المثالية؟ الملائكية؟ فإما قوم بلا أخطاء أو زلات وإما فوبيا لا سبيل لازاحتها ما بقى لنا من عمر.

نعم هناك بصيص من الأمل لو استطاع الإخوان اقناعك بكونهم بشر، ولو استطاعوا أن ينصحوا أنفسهم وينصحوك، لو استطاعوا ألا يعتبروا الدين حكرا عليهم فقط .لكنك تحتاج أيضا إلى بعض المرونة حتى تعرف أن الإسلام لن يعود بنا إلى الوراء. لن نتقدم إذا فقط تحرر نساؤنا من ملابسهم وحياؤهم ورجالنا من أخلاقهم ورجولتهم. لن يكون الإسلام أبدا حجرا في طريقنا ولن يكون التزامك بما فرضه الله غير مناسبا للعصر. هناك بصيص من الأمل للتخلص من الإخوانوفوبيا لو فكرت قليلا وتخليت عن عنادك وتقبلت الآخر…

ولكن مهلا كلامي هذا فقط لمشاهدي الجزء الأول من المسلسل فالجزء الثاني حمل تحديات جديدة وأمراض جديدة . حمل لنا آلهة جديدة وعقول غير قابلة للنقاش وتقبل الآخر. فإما أبو اسماعيل كاذب ومزايد والبرادعي هو البوب وإما حازمون والبرادعي عميل. إما حمدين هو الأصلح وواحد مننا وإما مرسي لا يخطأ وهو الفاروق المنتظر وبعد أن كنا فقط نعاني من الخوف من الإسلاميين صرنا أيضا نتعبد غيرهم.

مشكلتنا أننا نؤمن أن التاريخ لا يتسع إلا لشخص واحد فقط، المواقف كلها واضحة وضوح الشمس والحلول إما أبيض أو أسود. لو غرد البرادعي فهو حتما محق ولو عاد فعدل عن أحد الافتراضات فهو حتما عظيم. لو هادن العسكر اليوم فهو يأمن شر الإسلاميين لكن الإخوان خونة وعملاء لو اجتمعوا مع العسكر. لو طالب بمسار ثوري حينا آخر فهو كما عهدناه لكن لو فعلها الإخوان فهو إما خرقا للقانون والدستور أو مجرد شو إعلامي يخفي وراءه صفقة ما.

لماذا لا يسعنا التاريخ معا، كل ما نحتاجه هو بضعة صفحات نكتب فيها أسماء جميع أبطال المسلسل طالما هم وطنيون. لماذا نكتفي بصفحة واحدة؟ ولو كان مجلدا ضخما فلماذا نجعله حكرا لشخص واحد؟ لقد قرأت كثيرا عن الأئمة الأربعة ولم أجد سطرا واحدا يدعي فيه أحدهم أنه يملك الصواب وحده والباقون ما هم إلا مخطئون. قرآننا أكد على ألا نفرق بين أحد من رسل الله رغم ما نكنه من تقدير خاص للرسول محمد عليه الصلاة والسلام، لكننا نأبى إلا أن ندعو لدين جديد نعبد فيه فرعون خلقناه بأيدينا.

 الإخوان ليسوا مرعبين، ليسوا معصومين.. هم أصحاب فكر سياسي وخلفية إسلامية ، لو جاز لنا أن نخالف فكرهم السياسي فليس لنا أن نطعن في خلفيتهم الدينية لمجرد خوفنا منهم. والبرادعي – من وجهة نظري – وطني شريف يريد مستقبلا براقا لمصر لكنه يراه رؤية تختلف عن رؤيتي. لا اتفق معه لكن يبقى له كل الاحترام .

لو أردنا مصرنا قوية فليس لنا إلا التمسك بالإسلام فالحضارة بدون إسلام لا تمثل لي الكثير ، لو أردنا الاستمرارية فلا سبيل لنا إلا بالاحترام المتبادل وتقبل الرأي الآخر. فلنكف عن التخوين ، فلنعي أن الأهداف النبيلة قد نصل لها بطرق متعددة وليس طريقا واحدا، بل ربما أحتجنا لأن نسلك عدة طرق متتالية ومختلفة حتى نصل إلى هدفنا. قد نسلك اليوم مسارا اصلاحيا ثم ثوريا ثم اصلاحيا.

الصواب ليس حكرا على أحد والإخوان والبرادعي هم شركاء في مشروع واحد ووحيد، تبادل الأدوار وارد جدا وتغير المفاهيم متاح طالما كانت مصلحة الوطن هي الهدف.

الدواء هو تكسير الأصنام الآن، إيقاف ماكينة تصنيع الفراعين وهدم إسطورة الإخوان الملائكة … ثم بناء الوطن معا

أيمن قدري – الرياض

16 يوليو 2012



تنفيذ و استضافة وتطوير ميكس ميديا لحلول الويب تنفيذ شركة ميكس ميديا للخدمات الإعلامية 2023