يبدو أن شبح الظلم والاضطهاد يلاحق العامل المصري سواء قبل الثورة أو بعدها خارج مصر أو على أرضه، فما أن تنفث أصحاب الحوالات الصفراء الذين ملوا الانتظار لسنوات طويلة على أمل استعادة حقوقهم التي تم الاستيلاء عليها ودفعوا سنوات عمرهم ثمنا لها، فمع بداية حرب الخليج الأولى، و ترحيل العمالة المصرية ضاعت أحلام وآمال بعض الأسر المصرية البسيطة التي كانت تطمح في عيشة كريمة لم تجدها إلا من خلال مرارة و شقاء الغربة، ويصل الظلم مداه إذا علمنا أن مبالغ الحوالات الصفراء تقدر بمبلغ 408 مليون دولار، وصلت بالفعل ولكن الفوائد لم تصل، وتقدر الآن بمبلغ 550 مليون دولار نظرًا لعدم صرف الحوالات في مواعيدها المحددة في عام 1990م، وكذلك لما لحق بالعاملين من أضرار اجتماعية ومادية ونفسية من جراء عدم الصرف في الموعد المذكور وهي أضرار بالطبع لم يعوضوا عنها؛ فمنهم من كان يطمح في بناء بيت خرساني يأويه، ومنهم من كان يطمح في تأمين حياته هو وأسرته من خلال مشروع صغير أو شراء سيارة يعمل عليها؛ لتضمن قوت يومه وبمجرد فتح عصام شرف لملف الحوالات الصفراء أحيى أمال ضائعة لدي آلاف المصريين، ومع بداية حل الأزمة وصرف تلك الحوالات بدأ البسطاء رحلتهم القاسية مع إجراءات الصرف والحصول على المستحقات المالية فبعضهم كاد أن يدفع حياته ثمنا للحصول على حقه المفقود، ومن خلال متابعتنا لرحلة صرف الحوالات رصدنا العديد والعديد من السلبيات في الأداء البنكي قبل وأثناء الصرف فالعديد والعديد من المشكلات التي كانت في انتظار المستفيدين رغم وجود أسمائهم المدرجة سلفا في كشوف المستفيدين ببنك الرافدين بالدقي، الأمر الذي اضطر معه أصحاب الحوالات الذين حضروا من المحافظات البعيدة إلى قطع شارع التحرير بأجسادهم ووقف حركة المرور فيه.
ومن بين الحالات التي تم رصدها/ خلف جاد الله شحاتة، من محافظة أسيوط اشتكى من سوء الأداء البنكي في مصرف الرافدين بالدقي، فهناك من عرض عليه من العاملين بالبنك أن ينهي له إجراءات صرف الحواله مقابل 10 % من قيمتها وعندما طالبنا منه الإدلاء باسم الشخص الذي قدم له هذا العرض رفض البوح خوفا من تعطيل إجراءات صرفه كعقوبة له.
أما عبد الله أبو زبيدة فأكد لنا أن سبب الزحام على مصرف الرافدين أن البنوك التي كانت من المفترض أن تقوم بصرف الحوالات تم تحويلها على مصرف الرافدين بسبب التكدس عليها وفى حين رفض مسئولي تلك البنوك التعامل بشكل مباشر مع أصحاب الحوالات ومن بين المشاكل التي واجهت بعض المستفيدين أن عدم قدرته على إثبات حقه من خلال تقديم الحوالة الصفراء أو صورة منها رغم كون اسمه مسجل على النت أنة يمتلك حوالة و إدارة المصرف تصر على رفض الصرف له علما بأن أغلب أصحاب الحوالات لا يجيدون القراءة أو الكتابة ويحتاجون إلى معاملة خاصة.
ومن جانبه أكد حمدي إبراهيم صاحب حوالة من كفر الشيخ أن لديه ما يثبت امتلاكه حوالة و لكن اسمه غير مسجل على النت الأمر الذي أدى إلى عدم قدرته على الصرف وضياع حقه وثمن سنوات الغربة.
في حين أكد عيد السيد أن حوالته وصلت منذ أغسطس 1987 تحمل رقم 360/ 1987 و لم يتمكن من صرفها حتى الآن رغم محاولاته المضنية والتي باءت جميعا بالفشل.
وأما محمد مصطفى من الشرقية فأكد لنا أن لديه 21 حوالة بنكية ولم يستطع صرف سوى خمس حوالات فقط واشتكي مصطفى من العمولة التي تخصم من إجمالي المبلغ الكلي للحوالة و مقداره 1% وأضاف أنه من الظلم عدم صرف الحوالات بفوائدها بعد كل تلك السنوات مشيرًا إلى أنه لو وضع تلك الأموال في بنك أو شغلها بالتجارة أو اشترى بها عقارا منذ 20 عاما لكانت حققت 10 أضعاف قيمة الحوالة وناشد المسئولين عن هذا الملف بمصر والعراق بإرسال مستحقاتهم كاملة بالفوائد و توزيع الحوالات على البنوك في كافة محافظات الجمهورية حتى يسهل لكل مستفيد من الحوالة صرف مستحقاته من المحافظة التابع لها وطالب مصطفى بأن يتم صرف الحوالة من خلال الرقم المطبوع عليها وليس بالاسم الثلاثي نظرًا لوجود أخطاء كثيرة في الأسماء واجهت المستفيد.